كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال – القسم الثالث مهارات إعطاء الأوامر
كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال
تأليف
الأب / جوستاف كورتوا
ترجمة
القمص / لويس نصرى
مراجعة
الأنبا / أنطونيوس نجيب
الأب / مجدى زكى إسطفانوس
القسم الثالث
مهارات إعطاء الأوامر
”لا تأتى عظمة القائد من أهميّة ما يأمر به، بل من كيفيّة إصدار الامر”(الجنرال فوش).
لو كانت القيادة إصدار أوامر، لكانت أمراً سهلاً، لكنّها تقوم فى الحصول على تنفيذ الأوامر. وهنا جوهر الموضوع.
قبل كلّ شئ، إعرف أنت نفسك ما تُريده بوضوح، ثُمَّ إصدر الأوامر مثصمّماً على ضرورة تنفيذها، وإلاَّ سوف يُلاحظ الأطفال قلّة عزمك، ولا يهتمّون بما تقوله لهم.
عندما يلزم إصدار أمر، إفعل هذا بعزمٍ هادئ، مع يقين بانك تستطيع.
لا تُعطِ أبداً أمراً، بلهجة التوسّل. لا تستجدى أبداً الطاعة.
إحرص على عدم تكرار نفس الامر مرّاتٍ كثيرة. ولذلك، لا تُعطِ الأمر إلاَّ متى كان الملتزمون بتفيذه يسمعونه، ويفهمونه، ويقدِرون على تنفيذ فى الحال.
وللتأكّد من أنّ الاطفال سمعوا الامر وفهموه، إجعلهم يُعيدونه أمامك.
لا تطلب إلاَّ الشئ المعقول، فأنت تسئ استخدام السُلطة. مثلما تطلب من الاطفال الصمت والثبات الكاملَين لفترةٍ ما، دون أن تكلّفهم بما يشغلهم أو يسلّيهم.
ومن الخطر ان تُطيل وقت أىّ عمل، حتّى ولو كان لعباً، متى لاحظت أن الأطفال بدأوا يملّون أو يتعبون منه.
لا تُكرّر أوامر النهى. وعليك أن تختار مُقدماً وتشدّد بحزم، على بعض النقاط المحدّدة، والثابتة ثباتاً مُطلقاً، التى تُريد أن يُراعيها الأطفال فى نظامٍ دقيق. كُن واضحاً الفرديّة للأطفال فى باقى الأمور.
فمن أسباب البهجة فى المجموعة، هذا الشعور بالحريّة الشخصيّة، مُقترناً بالنظام الجماعى.
يسهُل قبول المجهود والتضحية بكلّ رضى، إذا تمّ التوضيح منذ البداية أن ذلك شرط ضرورى لحُسن سير الأمور المطلوب تنفيذها.
إذا قبلت منذ البداية أن تتمّ الأمور بشكل تقريبى، فسُرعان ما ستتدهور.
تجنّب بقدر المستطاع الاوامر السلبيّة. فالنهى عن شئٍ يُثير الرغبة فيه. فمن طبع الإنسان أن الممكنوع مرغوب.
فعلى سبيل المثال:
– لا تقُل: “الغشّ ممنوع فى اللّعب”، بل قُل: “إلعبوا بأمانة”.
– لا تقُل: “لا تنظروا إلى الوراء فى الكنيسة”، بل قُل: “انظروا دائماً إلى الربّ يسوع على المذبح”.
– لا تقُل: “لا يُكن لعبكم بالأيدى”، بل قُل: “فليكُن دائماً سلوككم لائقاً، كأطفالٍ مهذّبين”.
– لا تقُل: “لا تكونوا قذرين”، بل قُل: “كَم يُفرِحنا أن نكون نظيفين”.
– لا تقُل: “لا تتأخروا فى المواعيد”، بل قُل: “تعالوا دائماً خمس دقائق قبل الميعاد”.
وسيلة أخرى ناجحة لعرض أوامر النهى، هى تقديمها بروح الفُكاهة، وفى قالبٍ التنفيذ الإيجابى بدلاً من المنع، مثلاً:
- لا تقُل: “ممنوع الطلوع على الشجرة وتسلق الحوائط”، بل قُل: “مسموح الطلوع على الشجرة وتسلّق الحوائط، فقط لَمن معه تصريح كتابى بذلك من والديه”.
- لا تقُل: “ممنوع الكتابة على الحوائط والبنوك”، بل قُل: “مسموح الكتابة على الحائط والبنوك، بعد دفع مبلغ 50 جنيهاً”.
لكى تحصل على قبول الطفل لبذل المجهود الضرورى الذى ستطلبه منه، قدّم له الموضوع وكأنّه قد تحقّق. ضع أمام الأطفال الصورة الجذّابة لما سيكونون عليه، عندها سيتغلّبون على أنفسهم.
قُل مثلاً: “هذا ما سنعمله، لنكون كشّافة حقيقيّين، نفتخر بهم”.
إن الطريقة المثلى ليُريد الطفل ما تطلبه منه، هى أن تنمّى فيه التطلّعات السليمة. وقدّم له المَثل الأعلى الذى يمكنه أن يباغه، وإجعله يُريده بحماس ويرغب فيه بقوّة.
فى أعماق كلّ طفل بطولة كامنة. إعمل على إيقاظها، واستند إليها كثيراً، لتجعل الطفل يتفوّق على ذاته.
فإن أردت أن تنصح طفلاً، أو حتّى أن توبّخه، افترض فيه دائماً الصفات التى تُريدها عنده، ولو فى صورة بذور، تحتاج إلى التنمية.