كتاب مُرشِد خادم المرحلة الإعداديّة – اللقاء الثانى ” سر التجسّد “
كتاب مُرشِد خادم المرحلة الإعداديّة
الوحدة الاولى
بداية السنة القبطيّة وزمن الميلاد
اللقاء الثانى
1- سر التجسّد
النصّ الكتابىّ:
“والكَلمَةُ صارَ بشَراً وعاشَ بَينَنا، فرأَينا مَجدَهُ، مَجداً يَفيضُ بِالنّعمةِ والحَقّ، نالَهُ مِنَ الآبِ، كَابنٍ لَهُ أو حَدَ” (يو 1: 14).
إلى خادم الكلمة:
شاركنا الابن الأزلى حياتنا الأرضيّة، وتُعلن صفحات الإنجيل هذه الحقيقة الاساسيّة،
يقول القدّيس بولس “فى شأَنِ آبنهِ الذى الجسَد جاءَ مِن نَسلِ داودَ” (روم 1 : 3)، “ومِنهُم كانَ الآباءُ وجاءَ المَسيحُ فى الجسَدِ، وهوَ الكائِنُ على كُلّ شئٍ إلهًا مُباركًا إلى الأبَد. آمين” (روم 9 : 5)، وهو مولود من إمرأة “فلمَّا تمَّ الزَّمانُ، أرسَلَ الله آبنهُ مَولوداً لآمرَأةٍ، وعاشَ فى حُكمِ الشَّريعَةِ، ليفتَدىَ الذينَ هُم فى حُكمِ الشَّريعَة، حتّى نَصيرَ نَحنُ أبناءَ الله” (غل 4: 4 – 5). وتوضّح الاناجيل حقيقة طبيعته البشريّة فى كلّ موضع: فهو قد جاع “فصامَ أربعينَ يوماً وأربعينَ لَيبةٍ حتَّى جاع” (مت 4: 2)، وشعر بالتعب “وكانَ يَسوعُ تَعبَ مِنَ السَّفَرِ” (يو 4: 6)، وشعر بالعطش “فقالَ لها يَسوعُ: أعطينى لأشرَبَ” (يو 4: 7)، واحتاج للنوم وكانَ يَسوعُ نائِماً فى مُؤخَّرِ القاربِ، ورأسُهُ على مِخَدَّةٍ” (مر 4 : 38)، وشعر بالألم…
وفى رواية الآلام تبرز إنسانيّة يسوع بأجلى صورة، ففى عشاء بيت عنيا يُفاض الطيب على جسده كمقدّمة لدفنه، ثُمَّ يموت على الصليب “وصرَخَ يَسوعُ مرّةً ثانيةً صَرخَةً قَوِيَّةً وأسلم الرّوح” ( مت 27: 50)، ويُوضَع فى القبر “فدَخَلَ على بيلاطُسَ وطلَبَ جَسدَ يَسوعَ. فأمَرَ بيلاطُسُ أن يُسلَّموه إلَيهِ” (مت 27 : 58).
تبدو هذه النهاية مثل نهاية كلّ البشر، إلاّ انها تتضمن معنى خاصّ فى التدبير الخلاصى، إذ أن يسوع على الصليب حمل خطايانا فى جسده “وهوَ الذى حَمَلَ خَطايانا فى جَسَده على الخشبَةِ حتّى نموتَ عَنِ الخَطيئَة فَنَحيا لِلحَقّ. وهو الذى بِجِراحِةِ شُفيتُم” (1بط 2: 24)، وقد صالح الله البشر فى جَسد ابنه الذى قام من بين الاموات، فقد أكتمل سرّ التجسد بقيامة يسوع منتصراً على الموت. إن جسد المسيح الذى قام من الأموات هو جسد حقيقىٍ “أنظُروا إلى يَدَىَّ ورِجلَىَّ، أنا هوَ. إلمسونى وتَحقَّقوا. الشَّبَحُ لا يكونُ لَه لَحمٌ وعَظمٌ كما تَرونَ لى” (لو 24: 39)، إلاّ أنه لم يعُد خاضعاً للشروط الطبيعيّة كما كان قبل القيامة “وفى مَساءِ ذلكَ الأحد، كانَ التلاميذُ مُجتمعينَ والأبوابُ مُقفَلة خَوفًا مِنَ اليَهود. فجاء يَسوعُ ووقَف بَينَهُم وقالَ: سلامٌ علَيكُم” (يو 20 : 19). فلم يعد جسداً بشريّاً عاديّاً بل ممجّداً “فهوَ الذى يُبَدّلُ جَسَدَنا الوَضيعَ، فيَجعَلُهُ على صُورَة جَسَدِهِ المَجيدِ بما لَه مِن قُدرَةٍ يُخضعُ بها كُلّ شئ” (فى 3: 21)، أى جسد روحانى “يدفَنُ جِسمًا بَشَريُاً ويَقومُ جِسماً روحانيُاً. وإذا كانَ هُناكَ جِسمٌ بَشَرىٌ، فهُناكَ أيضاً جِسمٌ روحانىّ” (1كور 15: 44).
وهذا يكشف المعنى العميق لسرّ التجسّد وهدفه الاخير: يسوع عندما هُدِمَ جسده (= مات)، وأُعيِدَ بناؤه (= قام) حلّ محلّ الهيكل المصنوع من الحجر كعلامة حضور الله وسط البشر “فقالَ لَه اليَهودُ: أرِنا آيةً تُجيزُ عَملَكَ هذا؟ (يو 2: 18).
يقول كتاب التعليم المسيحى للكنيسة الكاثوليكيّة، فقرة 272: “هذه النفس البشريّة التى اتّخذها ابن الله، هى ذات معرفة بشريّة حقيقيّة. ومعرفة بهذه الصفة لم تكن فى ذاتها غير محدودة: كانت تُستعمل فى الأحوال التاريخيّة لوجودها فى الزمان والمكان… ولهذا ارتضى ابن الله، إذ صار إنساناً، أن ينمو فى الحكمة والقامة والنعمة “وكان يَسوعُ فى القامَة والحكمَةِ والنعمَةِ عِندَ الله والناس” (لو2: 52). وهذا كان يتماشى وحقيقة تنازله الاختيارى فى صورة “عبد” “.
وفى الفقرات من 480 – 483: “يسوع المسيح إله حقيقى وإنسان حقيقى فى وحدة شخصه الإلهى، ولهذا فهو الوسيط الوحيد بين الله والبشر، فى يسوع المسيح طبيعتان : الطبيعة الغلهيّة والطبيعة الإنسانيّة، غير ملتَبسَين، بل متّحدَين فى شخص ابن الله الوحيد، ولأن المسيح إله حقّ وإنسان حقّ، فهو لديه عقل وغرادة متَفًقين كلّ الإتفاق…. التجسد إذاً سرّ الغتّحاد العجيب للطبيعة الإلهيّة بالطبيعة البشريّة فى شخص الكلمة الوحيد”.
الفكرة الاساسيّة:
”والكلمة صارَ بشَراً وعاشَ بَينَنا، فرأَينا مَجدَهُ، مَجداً يَفيضُ بِالنّعمَةِ والحَقّ، نالَهُ مِنَ الآبِ، كِابنٍ لَهُ أوحَدَ” (يو 1: 14).
الهدف:
- أن يترسّخ فى ذهن المخدومين ان المسيح صار غنساناً بتمام معنى الكلمة، وشابهنا فى كلّ شئ ما عدا الخطيئة.
- بترسّخ هذه الحقيقة يزداد حبّهم ليسوع المسيح، وهذا هو الهدف الاكبر للتعليم المسيحى.
- يُصبح المخدومون مستعدّين لاتباع المسيح دون ضغط او إجبار من الخارج.
الاحتياجات والصعوبات:
- يحتاج المخدومون إلى الكلام الواضح عن يسوع الغله الحقّ والإنسان الحقّ، حتّى يحبّوه، ولا شئ اجمل واكثر تاثيراً عليهم من إحساسهم بقرب يسوع من حياتهم، لأنه كان يعيش مثلما يعيشون مع اختلاف العصر.
- يحتاج المخدومون إلى شرح واضح لحياة يسوع كإنسان، حتّى يتمّ التوازن مع الحديث الشائع والمسيطر عن ألوهيّته، فكما هو والآب جوهر واحد، أيضاً هو إنسان مثلنا ماعدا الخطيئة، وفى تراثنا القبطىّ نرى الغلَبة الكاملة للحديث عن لاهوت السيّد المسيح مع القليل من الحديث عن إنسانيّته.
- على الخادم ألاّ يجيب عن أسئلة المخدومين بخصوص قدرة يسوع الإلهيّة، وتوضيح أن هذا له لقاءات أخرى، والمهمّ فى هذا اللّقاء هو توضيح إنسانيّة يسوع، وكيف أنها لم تكن تظاهراً أو تشبيهاً، بل صار إنساناً من اجل خلاصنا، وهذه حقيقة تثبها الاناجيل والتاريخ.
- من صعوبات هذا اللّقاء سؤال المخدومين عن : ما الداعى لأن يصير الله إنساناً؟ كان يكفى أن يقول كلمة لإتمام الخلاص…
وعلى الخادم العودة إلى حقيقة محبّة الله للبشر، وإراداته بأن يشركنا فى حياته بتجسّد ابنه، ويذكر لهم قول القدّس كيرلّس الإسكندري: “أخذ ما لنا (الحياة الإنسانيّة)، ليعطينا ما له (الحياة الإلهيّة)”.