stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

تأمل الأب جورج جميل

1.5kviews

تاملك 19-2-2019‏

مز53‏

‏1قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلهٌ». فَسَدُوا وَرَجِسُوا رَجَاسَةً. لَيْسَ مَنْ ‏يَعْمَلُ صَلاَحًا. 2اَللهُ مِنَ السَّمَاءِ أَشْرَفَ عَلَى بَنِي الْبَشَرِ لِيَنْظُرَ: هَلْ مِنْ ‏فَاهِمٍ طَالِبِ اللهِ؟ 3كُلُّهُمْ قَدِ ارْتَدُّوا مَعًا، فَسَدُوا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا، ‏لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ.‏

‏4أَلَمْ يَعْلَمْ فَاعِلُو الإِثْمِ، الَّذِينَ يَأْكُلُونَ شَعْبِي كَمَا يَأْكُلُونَ الْخُبْزَ، وَاللهَ لَمْ ‏يَدْعُوا؟ 5هُنَاكَ خَافُوا خَوْفًا، وَلَمْ يَكُنْ خَوْفٌ، لأَنَّ اللهَ قَدْ بَدَّدَ عِظَامَ ‏مُحَاصِرِكَ. أَخْزَيْتَهُمْ لأَنَّ اللهَ قَدْ رَفَضَهُمْ. 6لَيْتَ مِنْ صِهْيَوْنَ خَلاَصَ ‏إِسْرَائِيلَ. عِنْدَ رَدِّ اللهِ سَبْيَ شَعْبِهِ، يَهْتِفُ يَعْقُوبُ، وَيَفْرَحُ إِسْرَائِيلُ.‏

مطلوب قراءة اصحاح 2 من سفر يونان

تأمل
تناقضات يونان ومأساته:‏

أراد صاحب سفر يونان أن يعرض على قرائه تناقضات بيئته. انه لا ‏ينتقد قوميتهم الضيقة فحسب بل ديانتهم الخاطئة. إن مأساة يونان هي ‏مأساة إنسان مؤمن في صراع مع نفسه ومع العالم.‏
يقول يونان على ظهر السفينة: “أنا عبراني، وإني أتقي الرب”. يشدد ‏يونان على المسافة التي تفصل اليهود عن الوثنيين المثركين. ان ‏ك.لمات يونان تحمل إلى ذهننا كلمات القديس بولس في الرسالة إلى ‏أهل رومة: “فإذا كنت انت تدعى يهودياً، وتعتمد على الشريعة، ‏وتفخر بالله، وتعرف مشيئته، وتميّز ما هو الأفضل بفضل تلقنك ‏الشريعة، وتوقن انك قائد للعميان ونور للذين في الظلام ومؤدب ‏للجهال ومعم للسذج، لأن لك في الشريعة أصول المعرفة… افتعلِّم ‏غيرك ولا تعلم نفسك؟” (روم 2/17- 21). يعيش يونان هذا ‏التناقض، فهو بيما يعترف بإيمانه ويشهد لربه، ينسى انه يتمرد على ‏الله ويهرب من وجهه. إن هذه التناقضات في يونان تحمله على تمني ‏الموت والاستسلام له.‏
رأفة الله:‏
لا يقوم الصراع الأساسي بين ايمان يونان ومواقفه الخارجية كما ‏استنتجنا منذ قليل، بل في صلب معرفته لله. فإن معرفة الله هي أمر ‏مقبول ومرفوض في الوقت نفسه. إن يونان يعترف أمام الرب ‏شاهداً: فإني علمت أنك إله رؤوف رجم طويل الأناة وكثير الرحمة ‏ونادم على الشر” (4/2). إن يونان يصيب جوهر الله وعمله. إنه ‏يعترف ان القوة والعدل والقداسة لا تشكل كلمة الفصل في الله، بل ‏الرأفة والرحمة. ولكن يونان يقع في التناقض، فإن كان الله هو إله ‏الرأفة والرحمة، فكيف لا يكون رؤوفاً رحيما متجاوزاً حدود اسرائيل ‏وواصلاً حتى إلى أعداء اسرائيل؟ إنه السؤال الذي يضعه في حيرة ‏من أمره وتناقض مع نفسه.‏
خط التقوقع:‏
لماذا يرفض يونان ويهرب ويتمرد؟ لأن يونان يمثل بيئة وديانة، يمثِّل ‏شعباً يتقوقع على نفسه مستسلماً إلى نوع من الوثنية. فالمؤمن الحقيقي ‏هو الإنسان الذي يدع الله ينسج خيوط حياته طارداً من قلبه أشكال ‏الأوثان المختلفة. يتطلب الاعتراف بالله والخضوع لعمل الله وإرادته ‏حتى ولو تجاوز الله رؤانا البشرية المحدودة: علينا أن نفكر بذبيحة ‏إبراهيم وبصراع أيوب كي نفهم صراع يونان الرافض. يمثل يونان ‏جاعة أورشليم التقية والدؤوبة الواعية لمسؤوليتها في التاريخ ‏والمحامية عن هويتها ضد كل غريب. لكن هذا الموقف الشرعي قد ‏يغلقها ويغلق الله في برج عاجي. إن سفر يونان هو انتقاد لمثل هذه ‏الانطوائية ولمثل هذا التقوقع.‏
الايمان: الانفتاح على رأفة الله:‏
إن يونان هو إنسان يهودي، ومشكلة اليهودي هي واحدة: مشكلة الله. ‏ولا نعني بذلك مشكلة الله في معناها الفلسفي. إن يونان لا يشك في ‏وجود الله ومشكلته هي على العكس من ذلك: إن وجود الله هو سؤال ‏مطروح على طريقة عيش يونان. يطرح سفر يونان هذا السؤال ‏الوحيد: هل يقبل يونان أن يوجَد الله كما هو وكما عرَّف عن نفسه؟ ‏هنا تكمن مأساة يونان الحقيقية مع الله. وإن قبلنا بالخلفيات الكتابية ‏لسفر يونان، بدا نقده لاذعاً إلى أقصى الدرجات. يتسم يونان بسمات ‏قايين الحسود والقاتل، وبسمات شعب عاص وكافر، وبسمات شعب ‏متمرد لا ينصت إلى نداء الأنبياء. وبكلمة، إن يونان هو إنسان أعمى ‏لا يرى ان مواقفه لا تختلف عن مواقف الوثنيين: يونان، وهو رمز ‏اسرائيل، هو الخطيئة. واختياره يتأصل في حب الله المجاني له ‏ويفترض خلاص الأمم. وقد يكون اسرائيل اسوأ من الوثنيين، لأن ‏يونان الرافض خلاص الوثنيين هو مثل قايين الذي يقتل أخاه. ومن لا ‏يريد خلاص أخيه يقتله. إن كان هذا التحليل صحيحاً، فإن سفر يونان ‏هو انتقاد لعصبية يهود بعد الجلاء الذين رفضوا إله الخروج وإله ‏سيناء. فسفر يونان هو إذا تأوين لرؤية في سيناء: إن إله اسرائيل هو ‏إله الرأفة والرحمة لكل الناس على الاطلاق