stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

تأمل الأب جورج جميل

821views

تاملك 20-2-2019‏

مز54‏

اَللَّهُمَّ، بِاسْمِكَ خَلِّصْنِي، وَبِقُوَّتِكَ احْكُمْ لِي. 2اسْمَعْ يَا اَللهُ صَلاَتِي. اصْغَ ‏إِلَى كَلاَمِ فَمِي. 3لأَنَّ غُرَبَاءَ قَدْ قَامُوا عَلَيَّ، وَعُتَاةً طَلَبُوا نَفْسِي. لَمْ ‏يَجْعَلُوا اللهَ أَمَامَهُمْ. سِلاَهْ. 4هُوَذَا اللهُ مُعِينٌ لِي. الرَّبُّ بَيْنَ عَاضِدِي ‏نَفْسِي. 5يَرْجعُ الشَّرُّ عَلَى أَعْدَائِي. بِحَقِّكَ أَفْنِهِمْ. 6أَذْبَحُ لَكَ مُنْتَدِبًا. أَحْمَدُ ‏اسْمَكَ يَا رَبُّ لأَنَّهُ صَالِحٌ. 7لأَنَّهُ مِنْ كُلِّ ضِيْق نَجَّانِي، وَبِأَعْدَائِي رَأَتْ ‏عَيْنِي.‏

تأمل
‏- إله يونان:‏
يهوه (الرب) ايلوهيم (الله)‏

‏”أنا عبراني، وإني اتقي الرب، إله السماوات، الذي صنع البحر ‏واليبس” (1/9)، إنها شهادة يونان أمام البحارة الوثنيين. نقع في هذه ‏الشهادة على اسمين الهيين: الرب والله (يهوه وايلوهيم)، ونرف من ‏سفر التكوين ان ايلوهيم هو الله، خالق السماوات والأرض. أما يهوه ‏فهو الرب إله موسى واسرائيل، هو إله الاختيار وإله العهد. فيهوه هو ‏الله بصفته إله الوحي الاسرائيلي. ومما لا شكّ فيه هو أن ايلوهيم ‏ويهوه هما إله واحد ولذلك يتحدث سفر التكوين عن يهوه وايلوهيم في ‏الفصل الثاني منه. ومن الأمور الدقيقة في سفر يونان هو احترامه ‏لهذه الفوارق المرتبطة باسمي الله. فعندما يدور الحديث على الوحي، ‏نرى أن اسم يهوه هو الذي يتردد. ولكن عندما يدور الحديث على ‏الخلق، يستعمل المؤلفة اسم ايلوهيم. ولهذا يستعمل المؤلف التعبير: ‏‏”كانت كلمة الرب إلى يونان” (1/1 و3/1)، ويقاوم يونان الرب ‏‏”فالآن، أيها الرب، خذ نفسي مني” (4/3)، ويهرب من وجه الرب ‏‏(1/3- 10) ويدعو الرب (4/2 و3). إن يهوه، كما نعم، هو إله ابناء ‏إبراهيم وهو في قلب تاريخ اسرائيل.‏
اما الوثنيون فلا يعرفون يهوه بل ايلوهيم، الاله الخالق والكائن في ‏خليقته. فهم يُجبِرون يونان على الصلاة لالهه (1/6) كما هم انفسهم ‏قد توسلوا اليه (1/5). ينتصب وراء هذه الالهة ايلوهيم، الله خالق ‏الكون وسيده. ولكن يونان يحمل البحارة من حيث لا يدري ولا يشاء ‏على الاعتراف بيهوه اله اسرائيل. ولذلك لا يتحدث النص عن ايلوهيم ‏بل عن يهوه بشكل متعمد (1/14 و16). ويناسب البحارة ليهوه ‏السيادة الكونية التي لايلوهيم. ففي العاصفة، وفي رسالة النبي ‏ومصيره، يكتشف البحارة ارادة يهوه المطلقة: “فانك انت ايها الرب، ‏قد صنعت كما شئت” (1/15).‏
ان كلمة الرب تقود يونان ثانية إلى نينوى (3/1 و3). اهل نينوى هم ‏أيضاً وثنيون ولا يعرفون سوى ايلوهيم (3/5 و8 و9 و10). ولا ‏يتوبون إلى يهوه مثل البحارة، ولكن يونان يعلن كلمة الرب في ‏نينوى، ويخاطب ملكُ نينوى شعبَه على طريقة ارميا النبي، بل ‏يستعمل كلمات الرب نفسه. ويتجاوب اهل نينوى مع متطلبات الديانة ‏اليهوية. ونرى في ذلك أن إله الوثنيين ليس إلاَّ إله اسرائيل. ولكن ‏كان لا بد من مبادرة يتخذها الله ومن وساطة يقوم بها يونان لتوبة ‏أهل نينوى.‏
وأما في المشهد الاخير، فتظهر معالم العلاقة الجدلية بين يهوه ‏وايلوهيم بشكل واضح أيضا. فيونان يخاطب اسم الرب يهوه (4/2 ‏و3) والرب يجيبه (4/4). ولكن عندما يدور الحديث على الدودة ‏‏(4/7) والهواء (4/8) والخروعة (4/9)، وكلها عناصر من الطبيعة، ‏فان اسم ايلوهيم يتخذ مركز الصدارة. وفي مرة واحدة يذكر المؤلف ‏الاسمين معاً وذلك للدلالة على ان الهوية واحدة (4/6) وتبقى الكلمة ‏الاخيرة ليهوه (4/10). لا يهدف سفر يونان الا لان يشدد على هوية ‏يهوه- ايلوهيم: انه يؤكد لنا على أن مُلك يهوه يتعدّى حدود اسرائيل ‏التي فيها أغلقه اليهود. فلذلك لم يرسَل يونان إلى اسرائيل، بل إلى ‏نينوى المدينة الوثنية البعيدة والكبيرة.‏