تاملك 20-2-2019
مز54
اَللَّهُمَّ، بِاسْمِكَ خَلِّصْنِي، وَبِقُوَّتِكَ احْكُمْ لِي. 2اسْمَعْ يَا اَللهُ صَلاَتِي. اصْغَ إِلَى كَلاَمِ فَمِي. 3لأَنَّ غُرَبَاءَ قَدْ قَامُوا عَلَيَّ، وَعُتَاةً طَلَبُوا نَفْسِي. لَمْ يَجْعَلُوا اللهَ أَمَامَهُمْ. سِلاَهْ. 4هُوَذَا اللهُ مُعِينٌ لِي. الرَّبُّ بَيْنَ عَاضِدِي نَفْسِي. 5يَرْجعُ الشَّرُّ عَلَى أَعْدَائِي. بِحَقِّكَ أَفْنِهِمْ. 6أَذْبَحُ لَكَ مُنْتَدِبًا. أَحْمَدُ اسْمَكَ يَا رَبُّ لأَنَّهُ صَالِحٌ. 7لأَنَّهُ مِنْ كُلِّ ضِيْق نَجَّانِي، وَبِأَعْدَائِي رَأَتْ عَيْنِي.
تأمل
- إله يونان:
يهوه (الرب) ايلوهيم (الله)
”أنا عبراني، وإني اتقي الرب، إله السماوات، الذي صنع البحر واليبس” (1/9)، إنها شهادة يونان أمام البحارة الوثنيين. نقع في هذه الشهادة على اسمين الهيين: الرب والله (يهوه وايلوهيم)، ونرف من سفر التكوين ان ايلوهيم هو الله، خالق السماوات والأرض. أما يهوه فهو الرب إله موسى واسرائيل، هو إله الاختيار وإله العهد. فيهوه هو الله بصفته إله الوحي الاسرائيلي. ومما لا شكّ فيه هو أن ايلوهيم ويهوه هما إله واحد ولذلك يتحدث سفر التكوين عن يهوه وايلوهيم في الفصل الثاني منه. ومن الأمور الدقيقة في سفر يونان هو احترامه لهذه الفوارق المرتبطة باسمي الله. فعندما يدور الحديث على الوحي، نرى أن اسم يهوه هو الذي يتردد. ولكن عندما يدور الحديث على الخلق، يستعمل المؤلفة اسم ايلوهيم. ولهذا يستعمل المؤلف التعبير: ”كانت كلمة الرب إلى يونان” (1/1 و3/1)، ويقاوم يونان الرب ”فالآن، أيها الرب، خذ نفسي مني” (4/3)، ويهرب من وجه الرب (1/3- 10) ويدعو الرب (4/2 و3). إن يهوه، كما نعم، هو إله ابناء إبراهيم وهو في قلب تاريخ اسرائيل.
اما الوثنيون فلا يعرفون يهوه بل ايلوهيم، الاله الخالق والكائن في خليقته. فهم يُجبِرون يونان على الصلاة لالهه (1/6) كما هم انفسهم قد توسلوا اليه (1/5). ينتصب وراء هذه الالهة ايلوهيم، الله خالق الكون وسيده. ولكن يونان يحمل البحارة من حيث لا يدري ولا يشاء على الاعتراف بيهوه اله اسرائيل. ولذلك لا يتحدث النص عن ايلوهيم بل عن يهوه بشكل متعمد (1/14 و16). ويناسب البحارة ليهوه السيادة الكونية التي لايلوهيم. ففي العاصفة، وفي رسالة النبي ومصيره، يكتشف البحارة ارادة يهوه المطلقة: “فانك انت ايها الرب، قد صنعت كما شئت” (1/15).
ان كلمة الرب تقود يونان ثانية إلى نينوى (3/1 و3). اهل نينوى هم أيضاً وثنيون ولا يعرفون سوى ايلوهيم (3/5 و8 و9 و10). ولا يتوبون إلى يهوه مثل البحارة، ولكن يونان يعلن كلمة الرب في نينوى، ويخاطب ملكُ نينوى شعبَه على طريقة ارميا النبي، بل يستعمل كلمات الرب نفسه. ويتجاوب اهل نينوى مع متطلبات الديانة اليهوية. ونرى في ذلك أن إله الوثنيين ليس إلاَّ إله اسرائيل. ولكن كان لا بد من مبادرة يتخذها الله ومن وساطة يقوم بها يونان لتوبة أهل نينوى.
وأما في المشهد الاخير، فتظهر معالم العلاقة الجدلية بين يهوه وايلوهيم بشكل واضح أيضا. فيونان يخاطب اسم الرب يهوه (4/2 و3) والرب يجيبه (4/4). ولكن عندما يدور الحديث على الدودة (4/7) والهواء (4/8) والخروعة (4/9)، وكلها عناصر من الطبيعة، فان اسم ايلوهيم يتخذ مركز الصدارة. وفي مرة واحدة يذكر المؤلف الاسمين معاً وذلك للدلالة على ان الهوية واحدة (4/6) وتبقى الكلمة الاخيرة ليهوه (4/10). لا يهدف سفر يونان الا لان يشدد على هوية يهوه- ايلوهيم: انه يؤكد لنا على أن مُلك يهوه يتعدّى حدود اسرائيل التي فيها أغلقه اليهود. فلذلك لم يرسَل يونان إلى اسرائيل، بل إلى نينوى المدينة الوثنية البعيدة والكبيرة.