كتاب مُرشِد خادم المرحلة الإعداديّة – الوحدة الثالثة ” اللقاء الرابع “
كتاب مُرشِد خادم المرحلة الإعداديّة
الوحدة الثالثة
أمثلة ومعجرات السيّد المسيح
اللقاء الرابع
مَثَل “العمّال فى الكَرام”
- النصّ الكتابىّ:
“فلمَلكوتُ السَّماواتِ كمَثَلِ صاحِب كَرمِ خرَجَ معَ الفَجرِ ليَستأجِرَ عُمّالاً لِكرمِهِ.فاَتفَقَ معَ العُمّالِ على دينارٍ فى اليومِ وأرسلَهُم إلى كرمِهِ. ثُمَّ خرَجَ نحوَ السّاعةِ التّاسِعةِ، فرأى عُمّالاً آخرينَ واقفِين فى السّاحَةِ بطّالينَ. فقالَ لهُم: اَذهبوا أنَتُم أيضًا إلى كَرمى، وسأعطيكُم ما يَحقٌ لكُم، فذَهبوا. وخرَجَ أيضاً نحوَ الظٌهرِ، ثُمَّ نحوَ السّاعةِ الثّالثِةِ، وعمِلَ الشّئ نفسَهُ. وخرَجَ نحوَ الخامِسَةِ مساءً وأخَذَ كُلُّ واحدٍ منهُم دينارًا. فلمّا جاءَ الأوَّلونَ. ظَنّوا أنَّهُم سيأخُذونَ زيِادةً، فأخَذوا هُم أيضًا دينارًا لِكُلٌ واحدٍ منهم.وكانوا يَأخُذونَهُ وهُم يَتذمَّرونَ على صاحِبِ الكرمِ، فيقولونَ : هَؤلاءِ الآخرونَ عَملوا ساعةً واحدةً، فساوَيتهُم بِنا نَحنُ الَّذينَ اَحتمَلنا ثقَلَ النَّهارِ وحَرَّهُ. فأجابَ صاحبُ الكرمِ واحداً منهُم: يا صديقى، أنا ما ظَلَمتُكَ. أما اَتَّفَقتُ معَكَ على دينارٍ؟ خُذ حَقَّكَ واَنصرِف. فهذا الَّذى جاءَ فى الآخِرِ أُريدُ أن أُعطيَهُ مثلَكَ، أما يَجوزُ لى أن أتصرَّفَ بِمالى كيفَما أُريدُ؟ أم أنتَ حسودٌ لأنَّى أنا كَريٌم؟. وقالَ يَسوعُ: هكذا يَصيرُ الآخِرونَ أوَّلينَ، والأوَّلونَ آخرِينَ” (مت 20: 1- 16).
- إلى خادم الكلمة:
إن مَثل العمّال فى الكرم الذين كلّفهم السيّد بالعمل فيه، فى ساعات مختلفة من النهار ثُمَّ ساواهم جميعاً فى الأجر يثير كثيراً من التساؤلات. هل الله يساوى بين مَن عمِل ساعةً ومَن عمِل اليوم كُلّه؟
لا تنسَ أن المَثل يتكلّم عن عدل الله وليس عدل البشر، وعندما يُعطى السيّد أجراً واحداً لكلّ العمّال يحتجّ عُمّال الساعة الأولى ويعتبرون تصرّفه ظالمَا، إن مركز المَثل هو حصول الآخِرِين على نفس أجر الأوّلين، وتصرّف السيّد بهذه الطريقة لا يعنى أنه يتجاهل تعب مَن عمل أكثر من غيره، إنما يعنى أنه يحبّ الآخِرِين أيضاً وليس الأوّلين فقط.
إن الله لا يخرق العدل، بل يتخطّى النِسب، الله متسامٍ، لا لأنه ضدّ العدل، بل لأن جوده وحبّه يفوق العدل بحساباتنا. إن مجانيّة حُبّ الله لا تتناقص مع العدل بل توسعّه.
لم يقتطع السيّد من أجر عُمّال الساعة الأولى، بل أعطاهم حقّهم، أمّا أنه أعطى الآخرين الاجر نفسه، فهذا يكشف عن تصرّف الله، فليس العمل مقياس الجزاء فقط، بل يسبقهما المجّانيّة، مجّانيّة حبّ الله.
إن قانون النِسب صحيح بالنسبة لنا، ولكنّه لا يشرح لنا موقف الله الذى أعلنه يسوع المَسيح، إن الله يحبّنا مجّاناً ويأتى لمقابلتنا، دون النظر إلى توقّعاتنا وحساباتنا، إن حجر الزاوية فى علاقة الله بنا هو مجّانيّة الحبّ.
والمَثل موجّه إلى الأبرار، خصوصاً هؤلاء الذين يحتجّون ويُطالبون بالفرق “فيقولونَ: هَؤلاءِ الآخِرونَ عَمِلوا ساعةً واحدةً، فساوَيتَهُم بِنا نَحنُ الَّذينَ اَحتمَلنا ثِقَلَ النَّهارِ وحَرَّهُ” (مت 20: 12)، إن كثيراً من المؤمنين يصرخون مطالبين بالعدالة، ليس لأنهم مظلومون، بل لأنهم يُريدون الاحتفاظ بامتيازاتهم، إذاً هؤلاء الذين يعتقدون أنهم يعرفون الإله الحقّ هم فى الحقيقة يجهلون حبّه المجّانى.
- الفكرة الأساسيّة:
“هكذا يَصيرُ الآخرِونَ أوَّلينَ، والأوَّلونَ آخِرين” (مت 20: 16). - الهدف:
– أن يفهم المخدومون مَثل العُمّال فى الكرم، وهو من الأمثال الصعبة فى الإنجيل.
– أن يتعمّق فى أذهانهم حقيقة أن رسالة المسيح الأساسيّة هى الإعلان عن محبة الله المجّانيّة.
– وهذا يقودهم إلى تجنّب الشعور بالأفضليّة، أو الامتياز والتعالى على الىخرين، والاقتناع بأن محبّة الله لا تخضع لمقاييسنا. - الاحتياجات والصعوبات:
- كى يستطيع الخادم شرح المَثل، لا بدّ من شرح الىية مت 20: 16، ويوضّح أن أمثال يسوع كلّها تكشف لنا عن حقيقة موقف الله من البشر، وهذا يغيّر طريقتنا فى التفكير فى الله.
- يحتاج المخدومون إلى أن يركّز الخادم على ضرورة تجنّب الفكرة السائدة لدى المؤمنين وهى : أن لذيهم امتيازات خاصّة، وهم بالتالى لا يقبلون التنازل عنها، مثلما حدث مع عُمّال الساعة الأولى، وأن هذا الموقف يتعارض مع محبّة الله المجّانيّة للبشر.
- ليس من السهل أن يقتنع المخدومون بهذه الحقيقة، وعلى الخادم أن يكرّرها بصورٍ مختلفةٍ، ويذكّرهم بمثل الفريسى والعشّار.
- من صعوبات اللّقاء أن يسجن المخدومون تفكيرهم فى مسألة العدل، حسب مقاييسنا، وعلى الخادم توضيح أن صاحب الكرم لم يظلم أحداً، لأن عُمّال الساعة الأولى حصلوا على حقّهم، أمّا عُمّال الساعة الأخيرة فقد عاملهم صاحب الكرم (الله)، بمقياس آخر غير العدل البشرى، بل عاملهم بكَرمه وجوده.
من الصعوبات أيضاً ضياع الفكرة الأساسيّة للّقاء وهى مجانيّة حبّ الله، بسبب المناقشة حول العدل بالمقياس البشرى، وعلى الخادم أن يعود دائماً لفكرة أن حبّ الله لا يتعارض مع العدل بمقياسنا، بل يتجاوزه.