البطريرك يونان يترأس القداس الرسمي في لبنان بعيد مار أفرام السرياني
أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك
2019/03/11 وجّه بطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، التهنئة للحكومة اللبنانية الجديدة، متمنّيًا لها “النجاح في تحقيق تمنّيات الشعب اللبناني وتطلّعاته، ومكافحة الفساد، وإجراء الإصلاحات من أجل النهوض الإقتصادي”، داعيًا إلى “أن تتعزّز الوحدة ويترسّخ التعاون بين أعضاء الحكومة، فيتعالى الجميع عن الخلافات والاتّهامات المتبادلة، ويعملون لما فيه خير البلاد”، مطالبًا “جميع المسؤولين بالعمل الجادّ على تأمين عودة النازحين السوريين إلى ديارهم، لأنّ لبنان لم يعد يحتمل الضغط الهائل الذي يسبّبه وجودهم على اقتصاده ومعيشة مواطنيه”، ومذكّراً “بوجوب الفصل بين الحلّ السياسي في سوريا وعودة النازحين إليها”. وأكّد غبطته أنّ “السريان مكوِّن أصيل ومؤسِّس في لبنان، ولهم الحق بأن يتمثّلوا في مختلف مرافق الدولة ومؤسّساتها المدنية والإدارية والقضائية والعسكرية”، ومنوّهاً “بالدور الريادي البارز الذي لعبه السريان في إغناء ثقافة لبنان وحضارته برفده برجالات علم وثقافة اضطلعوا بمسيرته وصنع هويته”.
كلام البطريرك يونان جاء خلال ترؤسه القداس الإحتفالي الرسمي بمناسبة عيد القديس مار أفرام السرياني، شفيع الكنيسة ومعلّم الكنيسة الجامعة، يعاونه الأساقفة والكهنة والشمامسة، بمشاركة حشد غفير من المصلّين، يتقدّمهم وزير المهجّرين غسّان عطالله ممثّلاً رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، والنائب العميد أنطوان بانو ممثّلاً رئيس مجلس النواب نبيه برّي، والدكتور داود الصايغ ممثّلاً رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، والبطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، وبطريرك السريان الأرثوذكس اغناطيوس أفرام الثاني، وبطريرك الروم الكاثوليك يوسف العبسي، والمطران جوزف سبيتيري السفير البابوي في لبنان، والمطران ماكار أشكريان ممثّلاً كاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان، وعدد من الأساقفة والخوارنة والرهبان والراهبات من مختلف الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية، وممثّلو رؤساء الأحزاب والقيادات العسكرية والسلك الدبلوماسي، وحشد من فعاليات الكنيسة.
وفي موعظته، توجّه غبطة البطريرك يونان إلى ممثّل فخامة رئيس الجمهورية بالقول: “إننا نقدّر وجودكم فيما بيننا اليوم وأنتم تمثّلون فخامة رئيس الجمهورية الذي نثمّن جهوده في قيادة دفّة البلاد، ونتمنّى له دوام الصحّة والعافية والنجاح في تحقيق المستقبل الزاهر للبناننا الحبيب”.
وتابع غبطته: “ولا يغيب عن بالنا أن نستذكر في هذا المقام تقليداً مباركاً درج عليه العديد من أسلاف فخامته الذين كانوا يحضرون شخصياً للمشاركة في قداس الأحد الجديد وهو الأحد الأول بعد عيد القيامة، في كاتدرائية مار جرجس السريانية الكاثوليكية في الخدق الغميق (الباشورة)، بيروت، التي نقوم حالياً بإعادة ترميمها لِما لها من قيمة تاريخية ووجدانية في حياة كنيستنا وشعبنا السرياني في لبنان. فيا حبّذا لو يتجدّد هذا التقليد، فنعود ونرى فخامة رئيس الجمهورية بيننا كلّ سنة في هذا عيد مار أفرام شفيع كنيستنا”.
وتناول الوضع في لبنان: “أمّا لبنان، وطننا الغالي، فإنّنا نتمنّى للحكومة الجديدة النجاح في تحقيق تمنّيات الشعب اللبناني وتطلّعاته، ومكافحة الفساد، وإجراء الإصلاحات المتوخّاة في البنى والقطاعات، من أجل النهوض الاقتصادي، والذي تؤازرنا به الدول والمنظّمات الصديقة من خلال مؤتمرات الدعم. ونرجو أن تتعزّز الوحدة ويترسّخ التعاون بين أعضاء الحكومة، فيتعالى الجميع عن الخلافات والاتّهامات المتبادلة، ويعملون لما فيه خير البلاد، بروح الدستور والميثاق والقوانين المرعيّة. فأساس الشأن العام والعمل السياسي هو خير المواطنين وتأمين مستلزمات الحياة اللائقة لهم، بغية تثبيتهم في أرضهم، والوقوف في وجه ما يهدّد استمرارية مسيرة حياتهم في وطنهم”.
وتطرّق غبطته إلى “أزمة النازحين السوريين في لبنان، مجدّدين مطالبتنا جميع المسؤولين بالعمل الجادّ على تأمين عودتهم إلى ديارهم كي يواصلوا حياتهم بالأمانة لتاريخهم وثقافتهم وحضارتهم، ويحافظوا على حقوقهم، خاصةً وأنّ وطننا لبنان لم يعد يحتمل الضغط الهائل الذي يسبّبه وجودهم على اقتصاده ومعيشة مواطنيه. وإننا نناشد المجتمع الدولي بوجوب الفصل بين الحلّ السياسي في سوريا وعودة النازحين إليها، كيلا تتكرّر مأساة اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يزالون بانتظار الحلّ السياسي منذ أكثر من سبعين سنة”.
ونوّه غبطته “بالدور الريادي البارز الذي لعبه السريان في إغناء ثقافة هذا البلد وتاريخه وحضارته برفده برجالات علم وثقافة، اضطلعوا بمسيرته وصنع هويته. نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، سلفنا الأسبق المثلّث الرحمات البطريرك الكردينال مار اغناطيوس جبرائيل الأول تبّوني، الذي ساهم مساهمةً فعّالةً في ولادة دولة لبنان الكبير، والفيكونت فيليب دي طرازي مؤسّس المكتبة الوطنية، والمشرّع العلاّمة إدمون ربّاط، أحد واضعي الدستور اللبناني، وغيرهم ممّن قدّموا الغالي والنفيس في شتّى مجالات العلم والمعرفة والإقتصاد، ولا يزال السريان يجهدون في خدمة وطنهم لبنان بكل ما أوتوا من طاقات ومواهب”.
وجدّد “التأكيد على أنَّ السريان مكوّن أصيل ومؤسّس في وطننا لبنان، وقد قدّموا الغالي والنفيس في سبيل تقدّمه وازدهاره، ولهم الحق بأن يتمثّلوا في مختلف مرافق الدولة ومؤسّساتها المدنية والإدارية والقضائية والعسكرية”. وأشار إلى “أنّنا انتهينا من بناء مشروع مار يوسف السكني في الفنار، المتن، والذي سيوفّر المسكن لـــ 150 من العائلات الشابّة، ونحن بانتظار أن تظهر بوادر حلّ أزمة الإسكان كي نقوم بتسليم الشقق إلى أبنائنا المسجَّلين. ونشير هنا إلى أهمّية هذا المشروع في تثبيت جيل الشباب في أرضه، فيبقى شبابنا متجذّرين وراسخين في الوطن”.
وتحدّث غبطته عن معاناة بلدان الشرق وبخاصة ما يعانيه المسيحيون في “مسيرة ممزوجة منذ فجر المسيحية بالشهادة والإستشهاد. لقد قَبِلْنا الصليب وعانقناه وتعهّدنا أن نرفعه عالياً، لا للتحدّي أو للتخويف، بل آيةً للحبّ اللامتناهي وللسلام بين جميع الشعوب. وكم كنّا نأمل ونصلّي أن تتضمّن موعظتنا لهذا العام الشكر لربّنا على خلاص بلدان مشرقنا من معاناتها، إلاّ أنّ مشيئة الرب أن نحمل صليبنا معه في مسيرةٍ طال أمدها وتكاد لا تنتهي! فمن سوريا التي لا تزال تقاسي المعاناة منذ أكثر من ثماني سنوات، والعراق الذي يعاني منذ تسعينيات القرن الماضي، إلى الأراضي المقدسة ومصر، تستمرّ آلام كنيستنا. ولكنّنا نثق معهم بأنّ الرب سيحلّ أمنه وسلامه، فتنجلي الظلمة وينتصر الحق ويعود الإستقرار، كي يبقى أبناؤنا ثابتين في أرضهم التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، وبذلوا التضحيات الجسام في سبيل رفعتها وصون عزّتها”.
وحيّا غبطته “بإكبار صمود إخوتنا الرعاة الأجلاء مع أبنائنا وبناتنا في بلاد الشرق”، متوجّهًا “إلى أعزّائنا المؤمنين في الإغتراب، في أوروبا وأميركا وأستراليا، الذين أرغمتهم الظروف القاسية على هجرة أرضهم وديارهم إلى ما وراء البحار. ونحثّهم على التمسّك بإيمانهم وتعليم كنيستهم وتراث آبائهم وبلادهم الأمّ في الشرق، وتربية أولادهم على هذه المبادئ السامية التي نهلوا منها في أوطان نشأتهم”.
كما تكلّم غبطته عن سيرة حياة القديس مار أفرام السرياني، “هذا القديس العظيم، المنارة التي شعّت في سماء شرقنا، وفاحت عطر قداسة، وصلاة، وروحانية، وعلم، وأدب، وثقافة. فأغنى الكنيسة بمؤلّفاته اللاهوتية والأدبية ومواعظه السديدة ومثاله في الخدمة المتفانية للجماعة الكنسية الموكلة إليه”، مسهباً في الكلام عن صفات مار أفرام مزاياه، فهو الشمّاس أي الخادم، ومخزن الفضائل والصالحات، وملفان الكنيسة الجامعة وعامودها، وكنّارة الروح القدس، ومثال المؤمنين بالصوم والصلاة والزهد والتفاني البطولي حتّى التسليم الكلّي بين يدي الرب، وهو كنّارة الروح القدس، وشمس السريان”.
نقلا عن الموقع الرسمى لبطريركية بابل للكلدان