stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكنيسة الكاثوليكية بمصركنيسة الموارنة الكاثوليكمؤسسات رهبانية

الرّاعي يزور مدرسة راهبات العائلة المقدّسة – ساحل علما

888views

الجمعة 05 أبريل – نيسان  2019 

المصدر: نورنيوز

 

زار البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قبل ظهر اليوم الجمعة 5 أبريل / نيسان  2019، مدرسة راهبات العائلة المقدّسة السّيدة في ساحل علما، بمناسبة مرور مئة عام على تأسيسها والتقى طلّاب الصّفوف الثّانويّة وكان حوار حول عدد من المواضيع المتعلّقة بالشّأنين الرّوحي والتّربويّ.

 

ونظّمت إدارة المدرسة استقبالًا لرّاعيه بحضور الرّئيسة العامّة لجمعيّة راهبات العائلة المقدّسة المارونيّات الأمّ ماري أنطوانيت سعادة، الأخت غابريل بو موسى ومديرة المدرسة الأخت داليدا الحويّك، الهيئتين التّعليميّة والإداريّة، لجنة الأهل، والطّلاب من مختلف الصّفوف الذين رفعوا الأعلام اللّبنانيّة وصور البطريرك الرّاعي الذي منحهم بركته الرّسوليّة، وسط هتافات ترحيبيّة.

إستهلّ اللقاء بكلمة شكر وترحيب ألقتها الأخت الحويّك قالت فيها: “حضرة رئيس كنيستِنا المارونيّة، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق مار بشاره بطرس الرّاعي، لكَ ننحني وأمامَ غبطتِكَ نُؤَدّي خضوعَنا البنويّ. خرجَ الزّارعُ ليزرعَ وخرجَ مؤسِّسُنا منذ حوالي 125 عامًا فسَمِعَ وَرَأى حاجةَ بلادِنا لمؤسّساتٍ تربويّةٍ فأنشأَ جمعيّتَنا. وها نحنُ في ساحل علما حيث وَقَعَ حَبُّ الزرعِ فكانَتِ المدرسةُ لخمسينَ عامًا في تُربَةِ غادير، وبعدَها في أرضِ ساحل-علما. مئةُ عامٍ رافقَتْنا من خلالِها يدُ الله. ففاضَت عنايَتُهُ تلامذةً تفوّقوا في الحياةِ وكانوا مواطنين صالحين. وظهرَتْ بركَتُه بحياةٍ مسيحيّةٍ زُرِعَتْ وَأثْمَرَت في الرّعايا والجامعاتِ والمؤسَّسات الكنسيّة. وكانَ لنا رضاه من خلالِ هيئةٍ تربويّةٍ كفوءةٍ وعائلاتٍ تضامَنَتْ وتَتَضامَنُ يومًا بعدَ يومٍ وتنمو في الأزَماتِ كما في أيّامِ النِّعمَة.  وها نحنُ نصلُ اليومَ  إلى عتبةِ المئةِ عام. مئويَّــــتُـــنا اخترْناها لهذه السنة معًا عودةً إلى جذور إيمانِنا لنُنشِّئ شبيبتَنا على معنى التزامِهم الكَنَسيّ والوطَنيّ والعالميّ. يوبيلُ مدرستِنا استوحَيْناه من مَعنى اليوبيلِ في الكتابِ المقدّس. يوبيلُ إصغاءٍ لحاجاتِ العصرِ، يوبيلُ تحريرٍ لكلِّ مظلومٍ، يوبيلُ تجديدٍ وعودةٍ إلى الأصولِ والأساس، إلى القِيَمِ التي تُعَمِّرُ البُلدانَ والعائلاتِ والمدارس. وما نتمناهُ هو أن يُعْلِنَهُ لنا الرّبُّ سنةَ رِضى، حضورُكم مَعَنا هو علامَةُ هذا الرّضى. رضًا على تلامذتِنا الّذين ينتظرون بشوقٍ كلمةَ راعيهم الرّوحيّ وهم الّذين حضّروا برغبة وحماسةٍ لهذا اللّقاء. لأنك يا غبطةَ البطريرك، وكما يقولُ الإرشادُ الرّسوليّ “المسيح يحيا” الّذي صَدر منذ ثلاثةِ أيامٍ “إنّك كما يسوع، شابٌ بين الشّباب مثالٌ للشّبيبة تكرِّسُهم للرَّبِّ.”

وإختتمت الحويّك:” أهلاً وسهلاً بك تباركُ يوبيلَنا وعائلتَنا المدرسيّةَ وعائلاتِنا وشبيبتَنا. فبرَكَتُك هذه تجعلُنا ننفُضُ عنّا هَرَمَ المئةِ عامٍ وتجعلُنا نُجدّدُ شبابَنا بشفاعَةِ مريمَ شفيعةِ مدرستِنا السّاهِرةِ بصَمْتٍ على الرّجاءِ في قلوبِنا. كما يقولُ الإرشادُ الرّسوليّ “المسيحُ يحيا”، وها نحنُ كلُّنا في صمتِ انتظارٍ لما سَيُقدِّمُه تلامذتُنا ولما سَنَسمَعُهُ من غِبْطَتِك، فأهلًا وسهلًا بِك.”

ثم عرض عدد من الطّلاب لأهميّة الإصغاء الى صوت الله ونداءاته من خلال وثائقيّ مصوّر يجسد الإيمان المسيحيّ الذي تسلّح به المسيحيّون منذ نشأتهم وواجهوا به الاضطهادات على مرّ العصور. واوجزوا لسيرة مؤسّس الجمعيّة البطريرك الياس الحويك ولهدفه من تأسيسها وهو الاعتناء بالأولاد والمرضى والمسنّين من أجل مجد الكنيسة. وأشاروا إلى تمدّد هذه الجمعيّة التي باتت تضمّ اليوم نحو 200 راهبة وأكثر من 40 مركزًا . كما تطرّقوا إلى الإرشاد الرّسوليّ الذي خصّ به البابوات الشّباب في الكنيسة ولاسيّما الإرشاد الرّسوليّ الأخير “المسيح يحيا” لقداسة البابا فرنسيس الذي صدر منذ ثلاثة أيّام وهو يركّز على دور الشّباب وحياتهم في الكنيسة.

بعدها قدّم قسم من الطّلاب لوحة تعبيريّة ترنيمًا وعزفًا ورقصًا للتّعبير عن إيمانهم بالمخلّص الفادي.

وتسلّم الرّاعي من الطّالبة نور خيرالله لوحة زيتية “مريم المجدليّة” بتوقيعها تجسّد معنى التّوبة والعودة عن الخطيئة واكتشاف نور الحياة الحقيقيّ والخلاص.

وكانت شهادات حيّة لكلّ من الأخت لارا الخوري وادمون برهوش عن أهميّة الإصغاء لصوت الله والاستسلام لمشيئته.

ثمّ ألقت الطّالبة غيدا حكيم كلمة باسم الطّلاب رحّبت فيها بالرّاعي وقالت:” أهلًا بكم يا صاحب الغبطة في المدرسة الأقرب إلى بكركي مسافة ومحبّة، راعيًا للشّباب والشّابات وموجّهًا إيّاهم في خياراتهم المستقبليّة على الصّعيدين الرّوحيّ والوطنيّ، وداعمًا لبقائهم في وطنهم وتشبّثهم بأرض آبائهم وأجدادهم، حاثًا المغتربين منهم حيثما التقيتهم في بلدان الانتشار على العودة إلى بلادهم والاستثمار فيها. أهلاً بالبطريرك السابع والسبعين للطائفة المارونية والكاردينال الرابع في الكنيسة الكاثوليكية، أهلاً ببطريرك “الشّركة والمحبّة” الذي لحق بأبنائه إلى كلّ بقاع الأرض وزارهم في لبنان في مدنهم وقراهم، وشاركهم أفراحهم وأحزانهم، وكان معهم في رسائله الرّعويّة، وفي دروس التّنشئة المسيحيّة على وسائل الإعلام المرئيّة والمكتوبة وفي عظاته الأسبوعيّة التي يخاطب فيها أهل السّياسة وعامّة النّاس بالكلمة الصّادقة والتّوجيه القويم.”

وتابعت حكيم: “صاحب الغبطة والنّيافة، لا تستطيع الكلمات أن تعبّر عن فرحنا العميق وسعادتنا الكبرى بحصول هذا اللّقاء، لذا نستغل المناسبة للدّعاء لكم بطول العمر ونصلّي إلى الله كي يهبكم من لدنه مثال الصّبر والحكمة والعافية لتستمرّوا في أداء رسالتكم لخدمة الموارنة وسائر اللّبنانيّين.”

بدوره شكر الرّاعي المدرسة إدارة وأساتذة وطلّابًا على تنظيم “هذا الاستقبال المميّز والرّائع مع ما حمله من محبّة وإيمان واندفاع ظهر على وجوه الجميع”، وقال:” بتأثّر كبير أعبّر عن فرحتي بلقائكم اليوم ولاسيّما أنّنا شعرنا أيضًا بحضور البطريرك الياس الحويّك الذي تكنون له كلّ الحبّ والوفاء ونسأل الله أن يرفعه طوباويًّا على مذابحه فهو في السّماء يشاهد طبعًا هذا المشهد الرّائع بنظره وعطفه ورؤيته النّبويّة التي تمتع بها منذ مئة سنة. ففي سنة 1919 عندما أسّس المدرسة التي نحتفل اليوم بيوبيلها كان يعيش في نفس الوقت معركة لبنان حيث ترأّس الوفد اللّبنانيّ الرّسميّ إلى مؤتمر فرساي بعد انهيار السّلطنة العثمانيّة وإرادة الدّول تقاسم هذه السّلطنة فكان الحويّك على مثال البطاركة الذين سبقوه والذين حافظوا كمار يوحنا مارون على وديعتين الإيمان الكاثوليكيّ واستقلاليّتهم. لذلك كانوا أحيانًا يعيشون في أعالي الجبال وأحيانًا في الوديان أو السّهول. والمراكز البطريركيّة لم تكن كما ترونها اليوم كالصّرح البطريركيّ في بكركي أو في الدّيمان الذي أسّسه البطريرك الحويّك لقد كان البطاركة يعيشون في ما يعرف بالقلايات وينتقلون من مكان إلى آخر للحفاظ على الوديعتين من هنا مقولة عروشهم على ظهورهم.”

وتابع: “لقد انهمك الحويّك كثيرًا في دفاعه عن لبنان وإنشائه كدولة سنة 1919 وأسّس في نفس الوقت مدرسة السّيّدة تحت نظره. وكما ذكرتم لقد كانت الأقرب له لأنّه كان يهتم بالجمعيّة الفتية التي أسّسها سنة 1895 وكان لا يزال نائبًا بطريركيًّا. والعناية شاءت أن ينتخب بطريركا بعد ثلاث سنوات وهو يحمل في قلبه هذه الجمعيّة التي أسّسها من أجل خدمة العائلة. لقد آمن أنّ مستقبل الأوطان ومستقبل الكنيسة ومستقبل المجتمع هو الشّبيبة. لقد آمن أنّه إذا كانت الشّبيبة سليمة هذا يعني وجود عائلة سليمة واكليروس سليم ومواطنين كما يجب لذلك أراد كما العناية الإلهيّة أن تبقى هذه الجمعيّة الفتيّة تحت نظره. وما نشرته الجمعيّة من كتابات له ورسائل تشكل وثائق أساسيّة في حياتنا.”

وأضاف: “ما أودّ قوله للشّباب ولكم أنّه لديكم مكانة خاصّة في قلب البطريرك الحويّك. لقد أسّس عدّة مدارس وسلم الرّاهبات المسيرة. لقد أعجبت كثيرا بما رأيته اليوم وسمعته منكم لقد حضرتموه بكثير من البساطة ولكن بعمق كبير. في المجتمع نرى الكثير من الشّباب الضّائع بين حياة لا طعم لها وبين من بات مستثمرًا للمخدّرات ومن فقد معنى لوجوده في المقابل ننظر إليكم ونشكر الله على وجود أكثر من خميرة. شكرًا لأخواتنا الرّاهبات والمعلّمين والمعلّمات والأهل الذين اختاروا لكم هذه المدرسة على الرّغم من كلّ الصّعوبات الماليّة والاقتصاديّة الأهل لا يزالون يدفعون الغالي ليعطوا النّفيس لأولادهم. التّربية علم وأخلاق وإيمان وهي ثقافة وطنيّة وروحيّة واجتماعيّة.”

وقال: “ما رأيناه اليوم ليس بأمر بسيط وإنّما هو أمر كبير أظهر مقدرة واقتناعُا. أنتم لم تمثّلوا لقد أبصرت في وجوهكم عيشكم للكلمات التي نطقتم بها. الرّاهبات يسمّون البطريرك الحويّك رجل العناية الإلهيّة وأنا أسمّيه نبيّ القرن العشرين لأنّ كلّ ما صنعه كان نبويًّا من تأسيس للجمعيّة إلى المدارس ومن ثمّ تأسيس لبنان. في أيلول المقبل بداية المئة سنة على تأسيس دولة لبنان الكبير وسيكون لكم المجال لتعرفوا كم أنّ البطريرك الحويّك قد عانى وتحمّل كي تنطلق دولة لبنان. لقد دافع بوجه الجميع بوجه فرنسا وانكلترا وهذه أمور منشورة وتظهر إيمان هذا الرّجل بدعوته الإلهيّة. نصلّي لكي يظهر الرّبّ قداسته.”

وأردف: “كشباب علينا متابعة الطّريق وأنا كبطريرك عليّ أيضًا متابعة الطّريق التي بدأها أسلافي ولاسيّما البطريرك الحويّك. الشّباب هم الأساس وإن فقدناهم فقدنا كلّ شيء. الصّديق الكبير للشّباب البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني يقول إنّ الشّباب ليس بعمر عابر وإنّما هو سنّ وعمر القرار الكبير لأنّ الشّباب تكون قراراتهم صافية ومن القلب. من أجل ذلك أراد البابا فرنسيس الدّعوة إلى سينودس من أجل الشّبيبة وشاءت العناية الإلهيّة بشفاعة رجل العناية البطريرك الحويّك أن يصدر الإرشاد الرّسوليّ منذ يومين.”

وإختتم البطريرك الرّاعي مانحًا الشّبيبة بركته ومؤكّدًا أنّهم في صلاته دومًا “لأنّهم ينتمون إلى تاريخين عالم الأرض أي الإنتماء إلى عائلاتنا وأوطاننا ولكن أيضًا عالم ثاني وهو تاريخ الخلاص وهو عالم الله لذلك عليّ ترك نافذة لله في حياتي لأصغي إليه وإلى مشيئته. وأنا أسأله دائمًا ماذا تريد مني؟ لكلّ منا شخصيّته وفرادته ووحده ربّنا يقول لي ماذا يريد منّي.”

ثم كان حوار بين البطريرك والتّلامذة طرح في خلاله عدد من الأسئلة تركّزت حول صورة الشّاب المسيحيّ المثاليّ، ودور الكنيسة في تأمين حاجات شبابها، ووضع المسيحيّين في الشّرق، فأكّد الرّاعي أنّه” على الشّاب المسيحيّ أن يعيش القيم الأخلاقيّة والرّوحيّة والاجتماعيّة وأن يوظّف عقله لمعرفة الحقيقة وإرادته لفعل الخير وحرّيّته لاختيار الأفضل وقلبه للحبّ.”

وعن تأمين الكنيسة لحاجات الشّباب أشار الرّاعي إلى أنّ “الإنسان هو من أولويّات اهتمام الكنيسة وهي تحمل همّه روحيًّا وكيانيًّا وتربويًّا وصحيًّا لذلك أنشأت له المؤسّسات التي تهتم به على مختلف الأصعدة، ولكن هذا لا يعني أنّ الكنيسة تحلّ محل الدّولة التي هي المسؤول الأوّل عن حياة المواطن وعن مساعدته. كلّ الدّول تهتم بمواطنيها وبخيرهم العامّ ولا تتخلّى عن مسؤوليّتها حيالهم كما يحصل اليوم للأسف. وعلى الرّغم من هذا فالكنيسة تتابع عملها وتساعد أبناءها. وفي هذا الإطار اضطررت العامّ الفائت إلى إصدار رسالة “خدمة المحبّة الاجتماعيّة” مزوّدة بأرقام تفصيليّة عن قيمة ونوع وعدد المساعدات التي تقدمها الكنيسة لأبنائها الذين تريدهم أن يبقوا في أرضهم ووطنهم لأظهر بالأرقام مساعدة الكنيسة في ظلّ تراخي الدّولة عن دفع ما يتوجّب عليها. لقد أراد الحويّك أن يكون لكم وطنًا لذلك عليكم ألّا تتركوه والكنيسة معكم.”

وعن وضع المسيحيّين في الشّرق، اعتبر البطريرك الرّاعي أنّ “المسيحيّين أصيلين في هذا الشّرق ولقد فرضت الحرب في هذه المنطقة بهدف تقسيمها وجعلها دويلات وللأسف تأثّر الحضور المسيحيّ بهذه الحروب فتضاءل كثيرًا في هذا الشّرق الذي وجد فيه منذ ألفي سنة. ونحن اليوم نطالب بعودة جميع النّازحين سواء كانوا مسلمين أم مسيحيّين لكي يحافظوا على أرضهم وتاريخهم وحضارتهم. الرّبّ أرادنا في هذه المنطقة فلا يمكن أن نترك رسالتنا. لاهوتيًّا نحن جسد المسيح السّرّيّ المنتشر حول العالم وتاريخيًّا عمرنا 2000 سنة في هذا العالم المشرقيّ وسنحافظ على وجودنا على الرّغم من ألم كنيستنا.”

وعن إمكانيّة زيارة قداسة البابا فرنسيس للبنان، لفت الرّاعي إلى “توجيه دعوة رسميّة لقداسة البابا فرنسيس من فخامة رئيس الجمهوريّة وأخرى من مجلس البطاركة والأساقفة في لبنان وعندما يحين الوقت أعتقد أنّ قداسته سيزورنا.”

وفي الختام، قدّمت الأمّ سعادة هديّة تذكاريّة لغبطته الذي دوّن كلمة على السّجل الذّهبيّ للمدرسة.