أما أنت فإذا صمت فإغسل رأسك – الأب وليم سيدهم
أما أنت فإذا صمت فإغسل رأسك
جميع الأديان السماوية وغير السماوية تمارس الصوم كل حسب شريعته الطقسية (الاسلام واليهودية والهندوسيةالبوذية والشنتاوية .. الخ) ونحن المسيحيين نصوم في مناسبات مختلفة، أكثرها مناسبة الصوم الاربعينى ونسأل أنفسنا ما معنى الصيام المسيحي؟ خاصة الصيام الاربعينى أبسط الايجابيات هو الاستعداد للإحتفال بموت وقيامة السيد المسيح.
ويسوع المسيح نفسه مارس طقس لصيام أربعين يومًا وأربعين ليلة. وفيها جربه الشيطان وجهًا لوجه. كالمعتاد “الشيطان شاطر” لقد أراد أن يفرغ صيام المسيح من مضمونه الانسانى التضامنى مع البشر الذين تجسد يسوع من أجلهم وقال له “إن كنت انت ابن الله” في تحدى واضح من الشيطان ليسوع معناه أنت اله ولا يقف أمامك أى شيء في هذا العالم فأنت كإله تستطيع مالا يستطيعه البشر “حول هذه الحجارة الى خبز” في هذا السؤال يكمن سر إيماننا كمسيحيين بعظمة يسوع فنعلن في القداس القبطي أن “لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولاغمضة عين”.
نعم، هذا هو سر عظمة يسوع إن قدرته الالهية عصمته من خيانة حياته الإنسانية والبشرية، فبصفته اله كامل وإنسان كامل رفض أن يغير من طبيعة الحجارة في سبيل الرد على إحتياجاته المادية والحسية. وفي التجارب الثلاثة سواء إلقاء نفسه من أعلى حجاب الهيكل أو السجود للشيطان من أجل إمتلاك السلطة.
قال ابن الله كلمته للشيطان المجرب ولنا نحن المجربين إن عظمة الله هى أن أصير إنسانًا كاملًا مطيعًا للآب ولن أصبح ساحرًا أو مختالًا بالمجد الباطل أو جائعًا إلى سلطة العالم عبر سجود لكيان حقير اسمه الشيطان.
ولكن على العكس من ذلك قام يسوع بكسر الخبز لإشباع الجموع الجائعة إلى كلمة الله بعد ساعات من العناء والإصغاء لكلمات الحياة على الجبل، وقاسم يهوذا الذى أسلمه لقمة لقمة العشاء الاخير بصفته أحد الأثنى عشر تلميذًا ودافع عن تلاميذه وقت الصوم حينما انتقدهم تلاميذ يوحنا وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا يَصُومُ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا كَثِيرًا وَيُقَدِّمُونَ طِلْبَاتٍ، وَكَذلِكَ تَلاَمِيذُ الْفَرِّيسِيِّينَ أَيْضًا، وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ؟ فَقَالَ لَهُمْ: “أَتَقْدِرُونَ أَنْ تَجْعَلُوا بَنِي الْعُرْسِ يَصُومُونَ مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ”(لوقا 5 : 33-35).
وميز يسوع بين المؤمن الذى يصوم بكامل حريته وبين المؤمن الذى يُفرض عليه الصيام بسبب الظروف الطبيعية أو بسبب الإستغلال والقهر ورفض أن يسمى صيامًا الصيام الذى لا يبحث عن وجه الله : “فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً” ( متى 6: 18)
والصائم الذى يبحث عن المجد الآتى من البشر: “لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ” (متى 6: 18)
تعالى يارب وخذ من قلوبنا لك مسكنًا.