stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

البابا يترأس قداس تبريك الزيوت المقدسة في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان

920views

18 أبريل 2019

“نحن لسنا موزعي زيوت في زجاجة. نحن نمسح موزِّعين أنفسنا وموزِّعين دعوتنا وقلوبنا” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا قداس تبريك الزيوت في خميس الأسرار

ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان قداس تبريك الزيوت المقدسة في يوم خميس الأسرار بمشاركة عدد كبير من الإكليريكيين والكهنة والأساقفة والكرادلة، وقد تخللت الذبيحة الإلهية عظة للأب الأقدس استهلها بالقول إن إنجيل لوقا الذي سمعناه يجعلنا نعيش مجدّدًا تأثُّر تلك اللحظة التي تبنّى فيها الرب نبوءة أشعيا إذ قرأها بشكل احتفالي وسط شعبه. لقد كان هيكل الناصرة مكتظًا بالأهل والجيران والمعارف والأصدقاء… لم يكن الأصدقاء كثيرون. وجميعهم كانوا يحدقون النظر إليه. إن الكنيسة تحدق النظر على الدوام إلى يسوع، الممسوح الذي يرسله الروح القدس ليمسح شعب الله. تقدّم لنا الأناجيل غالبًا صورة الرب هذه وسط الجموع، يحيط به الناس ويزحمونه إذ يحملون إليه المرضى ويسألونه أن يطرد الأرواح الشريرة ويصغون إلى تعاليمه ويسيرون معه: “إِنَّ خِرافي تُصْغي إِلى صَوتي وأَنا أَعرِفُها وهي تَتبَعُني وأَنا أَهَبُ لَها الحَياةَ الأَبديَّة فلا تَهلِكُ أَبداً ولا يَختَطِفُها أَحَدٌ مِن يَدي”.

تابع البابا فرنسيس يقول إنَّ الرب لم يفقد أبدًا هذه العلاقة المباشرة مع الناس، لقد حافظ على الدوام على نعمة القرب، مع الشعب ككل ومع كل شخص بمفرده وسط تلك الجموع. نراه في حياته العلنية وهكذا كان الأمر منذ البداية: بهاء طفل جذب بوداعة رعاة وملوكًا ومسنّين حالمين كسمعان وحنّة. هكذا أيضًا كان الأمر على الصليب: قلبه يجذب الجميع إليه. أشخاص كفيرونيكا والقيرواني واللص وقائد المائة…. إن عبارة “جمع” ليست أبدًا انتقاصيّة. ربما قد تبدو للبعض كمجموعة مجهولة غير متمايزة… ولكن نرى في الإنجيل أنها عندما تتواصل مع الرب – الذي يضع نفسه في وسطها كراع للقطيع – تتحوّل هذه الجموع، وتستيقظ في أرواح هؤلاء الأشخاص الرغبة في اتباع يسوع، ويزهر الاعجاب ويأخذ التمييز شكلاً.

أضاف الحبر الأعظم يقول أريد أن أتأمل معكم حول هذه النعم الثلاثة التي تميّز العلاقة بين يسوع والجموع. أولاً نعمة الاتباع. يقول الإنجيلي لوقا إنَّ الجموع كانت تبحث عنه وكانت تتبعه، كانت تزحمه وتخنقه، وكانت “تَتوافدُ عليهِ جُموعٌ كَثيرةٌ لِتَسمَعَه”. إن اتباع الناس هذا يذهب أبعد من أيّة حسابات، إنّه اتباع بلا شروط ومفعم بالمحبّة. ثانياً نعمة الإعجاب. النعمة الثانية التي ينالها الجمع عندما يتبع يسوع هي نعمة الإعجاب المفعم بالفرح. لقد كان الناس يدهشون من يسوع ومن عجائبه ولكن وبشكل خاص كانوا يُدهشون بشخصه؛ والرب من جهته كان يندهش لإيمان الناس ويفرح به وكان ينوّه به في كلِّ مرّة كانت تسنح له الفرصة بذلك. أما النعمة الثالثة التي ينالها الشعب هي نعمة التمييز. “لكِنَّ الجُموعَ عَلِموا (إلى أين ذهب يسوع) فتَبِعوه” (لوقا ۹، ١١)؛ “لمَّا أَتَمَّ يسوعُ هذا الكَلام، أُعجِبَتِ الجُموعُ بتَعليمِه، لأَنَّه كانَ يُعَلِّمُهم كَمَن لَه سُلطان” (متى ٧، ٢٨-٢۹). إنّ المسيح، كلمة الله المتجسِّدة يولِّد في الناس موهبة التمييز هذه.

تابع الأب الأقدس يقول لنعمّق قليلاً هذه النظرة الإنجيلية حول الجمع. يشير الإنجيلي لوقا إلى أربعة مجموعات وهي التي تتوجّه إليها بشكل مميّز مسحة الرب: الفقراء ومساجين الحرب والعميان والمضطهدين. أولاً الفقراء وهم الذين يُسحقون وكالمتسوِّلين ينحنون ليطلبوا. ولكن فقيرة هي أيضًا الأرملة التي تمسح بأصابعها العُشرَين اللذين كانا كل رزقها ذلك اليوم. ومسحة تلك الأرملة للتصدُّق لم يرها أحد سوى يسوع الذي نظر إلى صغرها. معها يمكن للرب أن يتمِّم بالكامل رسالته في إعلان الإنجيل للفقراء. وللمفارقة يصغي التلاميذ للبشرى السارة لوجود أشخاص من هذا النوع؛ أما هي المرأة السخيّة فلم تتنبّه حتى لواقع أنّها “قد ظهرت في الإنجيل” أو أن تصرفها هذا سيُذكر في الإنجيل: والاعلان الفرح بأن أعمالها لها قيمة في الملكوت أكثر من جميع ثروات العالم تعيشه في داخلها كالعديد من القديسين والقديسات الذين يعيشون بقربنا.

أضاف الحبر الأعظم يقول ثانيًا العميان والممثّلون بأحد الوجوه الأكثر لطافة في الإنجيل: وجه برتيماوس، المتسوِّل الأعمى الذي استعاد النظر ومنذ تلك اللحظة كان همّه فقط إتباع يسوع في الطريق. إنها مسحة النظر! نظرنا الذي يمكن لعيني يسوع أن يعيدا إليه ذلك البريق الذي وحده الحب المجاني بإمكانه أن يعطيه. لتسمية المُضطهدين يستعمل لوقا الإنجيلي عبارة تحتوي على كلمة “trauma“، وهذا الأمر كاف ليذكرنا بمثل وربما هو المفضّل لدى القديس لوقا وهو مثل السامري الصالح الذي ضمدّ جراح الرجل الذي ضُرب وترك بين ميت وحي عند قارعة الطريق وصب عليها زيتًا. إنها مسحة جسد المسيح الجريح! في هذه المسحة نجد العلاج لجميع الأمراض التي تترك أشخاصًا وعائلات وشعوبًا بأسرها مهمّشة وعلى قارعة التاريخ.

تابع البابا يقول وأخيرًا السجناء وهم سجناء الحرب، أولئك الذين كانوا يساقون بحدِّ السيف. ويسوع يستعمل العبارة مشيرًا إلى سجن وترحيل أورشليم مدينته المحبوبة. واليوم تسجن المدن لا بحدِّ السيف وإنما من خلال وسائل خفيّة للاستعمار الإيديولوجي. وحدها مسحة ثقافتنا المصقولة في فنِّ أسلافنا بإمكانها أن تُحرّر مدننا من هذه العبوديات الجديدة. وإذ نصل إلينا أيها الإخوة الكهنة الأعزاء لا يجب أن ننسى أنَّ نماذجنا الإنجيليّة هي هؤلاء الأشخاص، هذا الجمع مع هذه الوجوه الملموسة التي ترفعها مسحة الرب وتحييها.

أضاف الأب الأقدس يقول هذا الفقير هو نحن الكهنة ونريد أن يكون لدينا قلب الأرملة الفقيرة عندما نتصدّق ونلمس بيدنا المتسوِّل وننظر في عينيه. نحن الكهنة أيضًا برتيماوس، وننهض في كل صباح لنصلّي طالبين: “يا رب أن أُبصر!” نحن الكهنة أيضًا وفي مرحلة من خطيئتنا نكون الجريح الذي ضربه اللصوص وتركوه بين حي وميت، ونريد أن نكون الأوائل بين يدي السامري الصالح الرحومتين لكي نتمكّن بعدها بدورنا من أن نشفق على الآخرين. نحن لسنا موزعي زيوت في زجاجة. نحن نمسح موزِّعين أنفسنا وموزِّعين دعوتنا وقلوبنا. نحن نمسح من خلال لمسنا لجراح وخطايا وخوف الناس، نمسح ونعطِّر أيدينا بلمسنا لإيمانهم ورجائهم وأمانتهم وسخائهم الذي لا يعرف الحدود في العطاء.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لنصلِّ لكي وإذ نضع أنفسنا مع يسوع وسط شعبنا، يجدّد الآب فينا حلول روحه، روح القداسة ويجعلنا نتّحد لكي نطلب رحمته من أجل الشعب الذي أوكل إلينا ومن أجل العالم بأسره؛ فتصبح هكذا الجموع المجتمعة في المسيح شعب الله الأمين الواحد والذي سيجد كماله في الملكوت.

نقلا عن الفاتيكان نيوز