مقابلة فاتيكان نيوز والأوسرفاتوري رومانو مع الرئيس الإيطالي
18 مايو 2019
أجرى موقع فاتيكان نيوز وصحيفة أوسرفاتوري رومانو الفاتيكانية مقابلة حصرية مع رئيس الجمهورية الإيطالية السيد سيرجيو ماتاريلا الذي أشار إلى بروز مواقف من انعدام التسامح، لكنه شدد في الوقت نفسه على التضامن الذي ما يزال سائداً في إيطاليا، وفيما يتعلق بوثيقة الأخوة الإنسانية اعتبر ماتاريلا أنها بالغة الأهمية من أجل القضاء على أسس الدعوة إلى حقد الإرهاب.
تحدث ماتاريلا عن وجود كمّ كبير من المبادرات والتصرفات في إيطاليا التي تعكس التضامن والتعاضد، معتبرا أن هذا هو الميل السائد اليوم داخل المجتمع الإيطالي. لكنه لم يخف قلقه حيال الأصوات المتعالية والداعية إلى انعدام التسامح والعدائية والانغلاق على احتياجات الآخرين. وقال إن هذه الظواهر ليست إلا أقلية مشيرا إلى أن هذا الوضع لا يوجد فقط في إيطاليا، بل هو متواجد في أوروبا بأسرها وفي قارات أخرى أيضا. وعزا الرئيس الإيطالي السبب إلى الاستياء الاجتماعي والاقتصادي السائد في العديد من المجتمعات اليوم والذي يعود في المقام الأول إلى الأزمة الاقتصادية والمالية التي شهدها العالم خلال السنوات العشر الماضية، وقد أدى هذا الأمر إلى اتساع الهوة بين أغنياء الأرض وفقرائها. ورأى السيد ماتاريلا أيضا أن التبدلات التي طرأت على سوق العمل، نتيجة ظاهرة العولمة وبروز تكنولوجيات جديدة، ساهمت في نمو الشعور بعدم الاستقرار وفقدان الأمن وسط النسيج الاجتماعي. واعتبر أنه لا بد أن نسعى اليوم إلى الحيلولة دون ترسّخ هذه الظواهر كي لا تولّد أوضاعا من الخوف والصراع بين الأشخاص وبين الفرق الاجتماعية وبين المناطق داخل البلد الواحد.
في رد على سؤال بشأن طبيعة العلاقة القائمة اليوم بين الكنيسة الكاثوليكية والدولة الإيطالية، والإسهام الذي تقدمه هذه الكنيسة في حياة الأمة قال رئيس الجمهورية الإيطالي إن هذه العلاقات ممتازة على مختلف الأصعدة، مشيرا إلى وجود تعاون تام بين الطرفين في كل المجالات التي تتلاقى فيها نشاطات الدولة الإيطالية والكرسي الرسولي، أكان على الصعيد الوطني الداخلي أم في المحافل الدولية. وفيما يتعلق بإسهام الكنيسة الكاثوليكية في حياة الأمة الإيطالية أكد سيرجيو ماتاريلا أن تعاليم البابا فرنسيس تلقى اهتماماً وتأثيراً كبيرين وسط المواطنين الإيطاليين، خصوصا بسبب المحبة التي يكنّها له هذا الشعب. وقال إن فرنسيس أصبح مرجعاً بالنسبة للإيطاليين. وأردف أن الكنيسة الكاثوليكية الإيطالية تقدّم إسهاماً كبيراً وسط المجتمع، لا على الصعيد الروحي وحسب، لأنها تسعى فعلا إلى تحقيق الأهداف التي ينص عليها الدستور الإيطالي. وعبّر في هذا السياق عن امتنانه لحضور الكنيسة في مختلف البيئات الثقافية، التربوية والاجتماعية في إيطاليا دون أن ينسى الإشارة إلى المبادرات العديدة التي تقوم بها مختلف الأبرشيات والرعايا والجمعيات لصالح الضعفاء والمهمشين، وهذا الأمر يشكل نداءً متواصلا من أجل تطبيق المساعدة المتبادلة في الحياة اليومية، وتعزيز التلاحم في مجتمعاتنا.
بعدها سُئل الرئيس الإيطالي عن أهمية الحوار ما بين الأديان من أجل تحقيق السلام في العالم خصوصا في ضوء الزيارتين اللتين أتمهما البابا فرنسيس إلى الإمارات العربية المتحدة والمغرب هذا العام، قال ماتاريلا إن الأديان تلعب دوراً متنامياً على الصعيد الدولي اليوم، وهذا الأمر يصح أيضا في القارة الأوروبية، معتبرا أن التأثير المتنامي للدين في المجتمعات يكتسب أهمية كبيرة من أجل ضمان التفاهم المتبادل والسلام في العالم. وأكد أن الاحترام المتبادل والحوار بين أتباع مختلف الديانات يشكلان شرطاً أساسياً للسلام والأخوة ويمثلان الترياق الأساسي للتطرف الساعي إلى التلاعب بالمشاعر الدينية لأغراض سياسية ومن أجل كسب السلطة. ولفت الرئيس الإيطالي إلى أن الإرهاب الذي يحمل صبغة إسلامية يشكل جزءا من هذه الظاهرة القديمة، وقد زادت من تفاقمها وللأسف الأدوات الحديثة، وقد ضرب هذا الإرهاب مؤخرا في بوركينا فاسو، العراق وأفغانستان.
ولم تخلُ كلمته من الإشارة إلى العنف الممارس بحق المؤمنين المسلمين مشيرا على سبيل المثال إلى الاعتداء على المسجدين في كرايست شورش بنيوزيلاندا. ولفت في هذا السياق إلى الأهمية الكبيرة التي تكتسبها وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقّع عليها البابا فرنسيس وإمام الأزهر، في الإمارات العربية المتحدة. وأشار أيضا إلى مبادرة البابا خلال زيارته إلى بانغي عندما طلب من إمام المدينة الصعود على متن سيارته، خلال زيارته إلى جمهورية أفريقيا الوسطى. وأكد رئيس الجمهورية الإيطالية في ختام المقابلة أن تشجيع جميع الأشخاص على إعادة اكتشاف الجذور الأصيلة والعميقة للمعتقدات الدينية والعمل على خلق أجواء من الحوار والأخوة، يعنيان السعي من أجل بناء السلام في العالم وتوفير الأمن للجميع
نقلا عن الفاتيكان نيوز