سلامى أترك لكم – الأب وليم سيدهم
سلامى أترك لكم
السلام تحية تفيض بفرح اللقاء، إلاَّ أن تحويل هذا السلام إلى مجرد طقس ميت يُحيي به الناس بعضهم بعض جعل هذه الكلمة فارغة المضمون لانها كما نلاحظ في الواقع اليومي أننا قد نلقي تحية السلام عل أشخاص لا نحبهم ولا نريد لهم سلامًا بل إنتقامًا وحربًا ونلقي عليهم السلام ذرًا للرماد حتى لا نُتهم بالتعصب.
لهذا السبب قال المسيح لتلاميذه: “سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا” (يو 14: 27) بل سلامى هو ثمرة ضرورية لأفعالي اليومية ولكلماتي الحية، إن سلام المسيح هو الذي إكتسبه لنا بدمه على الصليب تعبيرًا عن حبه غير المشروط لنا وبمصداقية الإبن المحبوب من الآب.
فالسلام بالنسبة ليسوع المسيح يعنى ممارسة الغفران لاخوتنا: ”فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ».” (لو 23: 34(، السلام هو التحية التي أمر المسيح تلاميذه بممارستها حين يلتقون بأى شخص”وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ دَخَلْتُمُوهَا فَافْحَصُوا مَنْ فِيهَا مُسْتَحِقٌ، وَأَقِيمُوا هُنَاكَ حَتَّى تَخْرُجُوا. وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقًّا فَلْيَأْتِ سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ، وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا فَلْيَرْجعْ سَلاَمُكُمْ إِلَيْكُمْ.وَمَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ كَلاَمَكُمْ فَاخْرُجُوا خَارِجًا مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا غُبَارَ أَرْجُلِكُمْ.” (متى 10 : 11-14).
السلام هو التحية التي ألقاها الملاك جبرائيل على العذراء مريم قبل أن يبشرها بحمل وولادة يسوع: ”فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ» (لوقا 1 :24)، السلام يعني قبول ملك السلام يسوع المسيح أخًا وصديقًا ومخلصًا لنا لأننا أختبرنا ذلك فعلًا.
في حياتنا السياسية نقوم بعمل اتفاقيات للسلام مثل اتفاقية السلام التي عقدها السادات مع اسرائيل إلاّ إننا نعلم جيدًا أن لا ثقة ولا سلام في الصهاينة الذين يمارسون أفظع وأشنع طرق التعذيب مع الفلسطنيين فمثل هذا السلام هو ما يتحدث عنه المسيح “لا كما يعطي العالم”، سلام يسوع يغير ويحوّل النفوس والقلوب، سلام يسوع مبني على الحُب والتضحية بالذات حتى الموت، أما سلام العالم فهو مجرّد هُدنة صغيرة يتخللها العنف ويحكمها الجواسيس والقتلة، سلام العالم مُداهن ومنافق وقاتل.
أمّا سلام المسيح فهو السلام الحقيقي السلام الذي يُغذي الروح والجسد، سلام الرضى عن النفس والإحساس بالأمان النابع من الله: “هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ.” (مت 28: 20).
إننا جميعًا مطالبين أن نكون حائط صد للعنف اللفظى والعنف الجسدي، إننا مطالبون بأن نكون صُناعًا للسلام وليس مجرد مستهلكين للسلام، لماذا ننتظر السلام من الآخرين ونحن نظل في أماكننا معتمدين على مبادرات السلام الآتية من الآخرين.
نعم، تعالى يا ملك السلام وأملك على قلوبنا المكلومة.