ما الفرق بين القيم والفضائل؟
ما الفرق بين القيم والفضائل؟
لا تكفينا القيم لتحقيق الكمال إذ نحتاج الى الفضائل أيضًا.
روما / أليتيا (aleteia.org/ar) “
إن الفضائل عاداتٌ حسنة تدفعنا الى اتمام الخير. قد تكون معنا منذ لحظة ولادتنا كما من الممكن اكتسابها فيما بعد وهي وسيلة فعالة جدًا للتعاون مع الله بعد أن نكون قد قررنا بكلّ حريّة وبشكلٍ طوعي اتمام الخير او بمعنى آخر اتمام مشيئة اللّه. إن الهدف من العيش حياة فاضلة هو الوصول الى التشبه بالمسيح ونحن لا نتحدث عن الوصول الى درجة الكمال حيثُ يسعى الانسان الى ازالة كلّ العيوب إذ يعتبر انّه لا يجب أن تكون أصلاً أو أنّها دلالةٌ على الفشل فيُعتبر ذلك تحسينًا عبثيًا للذات فالفضائل ليست نظافةً ذهنيّة تسمح لي بتطهير نفسي.”
“أمّا الهدف من القيم فهو تحقيق نمو الفرد بالاستناد الى قناعةٍ فكريّة: فنحن نعرف مثلاً ان نظافتنا الشخصيّة تسمع للآخرين بتقبلنا بسهولةٍ أكبر كما نعرف أنّه إذا ما رتّبنا أغراضنا نلقاها عندما نبحث عنها.
إن القيّم جملة أمورٍ يُدركها ذكاء الإنسان.” والقيمة هي كلّ ما له “قيمة” ومرغوبٌ به وضروري للحياة. فقد يكون لامتلاك سيارة جميلة قيمةٌ كبيرة عند البعض في حين لا قيمة لها اطلاقًا عند آخرين.
ولذلك يمكننا القول إن تحديد القيّم أكثر صعوبةً إذ أن لكلّ واحدٍ منا قيّم مختلفة عن الآخر في حين ان للفضائل
طابعٌ عالمي والفضيلة التّي يتمتع بها شخص هي هي عند الشخص الآخر.
بعد تسليط الضوء على هذا الاختلاف، من المهم ان ندرك انّه على صعيد حياتنا الإيمانيّة نلقى اقتراحات من يسوع وعندما نقارن هذه الإقتراحات مع ما يُقدمه لنا العالم قد يُخيّل إلينا أن الاقتراحَين متشابهين إلاّ أنّهما لا يتساويان بالضرورة. وإليكم بعض الأمثلة:
يُعلمنا الكتاب المقدس أهميّة الصيام كعلاجٍ فعال للجم الشهوات وكوسيلة للسيطرة على الذات ويقترح علينا العالم الحميّة الغذائيّة لكن كوسيلة فعالة للسيطرة على وزن الجسم والحفاظ على صحةٍ جيدة. الاستنتاج الأوّل: هناك فرقٌ كبير بين الصيام وإتباع حميّة غذائيّة كما لا علاقة لذلك بالجوع أيضًا فحتّى ولو كان هناك تشابهٌ في الشكل إلاّ أن المضمون مختلف.
يدعو يسوع الى العفة من أجل فهم الحياة الجنسيّة والجسم البشري وكوسيلة لتقديس النفس وتقديمها الى اللّه والزوح في حين يختار العديد الامتناع عن ممارسة الجنس كوسيلة للتحرّر الداخلي والتركيز على غاياتٍ أخرى يعتبرونها أكثر نبلاً وهنا أيضًا فرقٌ كبير بين العفة والإمتناع واكثر بعد اللاجنسيّة.
وفي حين قد يُثمن البعض الحميّة الغذائيّة والامتناع عن الجنس إلاّ أن الصيام والعفة هما بحدّ ذاتهما فضيلتان ذات طابع روحي للجميع. ومن المهم أيضًا معرفة ان القيم لا تحتاج الى نعمة اللّه إذ يتمّ ترجيحها فكريًّا وتنبثق من العقل. أما على مستوى الفضائل ومن أجل المساهمة في اتمام مشيئة اللّه والتشبه بالمسيح، يحتاج المرء الى مساعدة الربّ إذ لا يستطيع دون قدرته العليّة الوصول الى هذه الفضائل.
يستطيع المرء ان يمتنع عن الجنس لاعتباراتٍ لا علاقة لها بالعفة واتباع حميّة غذائيّة من غير ان يصوم. ويختلف معنى كلّ هذه الممارسات لجهة هدف كلّ واحدةٍ منها وغرض الشخص الذّي يُمارسها منها. إن المسيحيين ليسوا مدعويين الى زرع القيم فيهم وحسب (وهي ضروريّة لكلّ انسان) بل الى ملء حياتهم بالفضائل الأساسيّة واللاهوتيّة (أي التّي يزرعها الانسان من خلال ممارسة الانضباط والمثابرة وتلك التّي يُعطيها اللّه مباشرةً لمن يحب.)
وتكثر الأمثلة في هذا الإطار وقد يلتبس الأمر على من لا يعرف الفرق جيدًا فهناك من يعتقد ان لا فرق بين التعصب والإيمان وبين الغرام والحب وبين الوهم والرجاء وبين التهور والشجاعة أو بين الخحل والحذر.
يحمل كلّ كائن بشري قيم فنعطي جميعًا قيمة لأمورٍ معيّنة ومنها ما يستحق الموت من أجله إلاّ أن القيم لا تكفينا للوصول الى الكمال إذ نحتاج الى الفضائل أيضًا.