خذ ابنك حبيبك وقدمه لى محرقة - الأب وليم سيدهم
خذ ابنك حبيبك وقدمه لى محرقة
لم يكن ابراهيم متوقعًا أن يطلب الله منه التضحية بأعز مخلوق لديه، ابنه الوحيد، ولكن لم يكن ابراهيم يشك لحظة واحدة في أنّ الله يمكن أن يؤذيه.
لقد إختبر ابراهيم في علاقته مع الله أن حياته أصبحت في يد هذا الاله الذى ترك كل شيء من أجله هو، ويقول الكتاب المقدس أن الله أراد أن يجرب ابراهيم ويختبر محبته، عناصر الدراما مكتملة الذي وعد بذُرية كنجوم السماء لابراهيم هو الذي طلب منه أن يضحي “بابن الوعد” فكيف إذن سيتم الوعد؟؟ ولماذا هذا الاختيار العنيف؟؟ كما يبدو لنا لكن ابراهيم الذي وضع الله اختيارًا أوليًا نصب عينيه لم يشك لحظة في طاعته.
إننا نؤمن بالله مخلصنا وأنه يحب لنا الخير دائمًا ولكننا ودون أن ندري نسعى لتأمين أنفسنا من مغبات الزمن فنقتنى لأنفسنا أشياًء تريحنا حينما نراها إلى جوارنا خاصة وأن الله لا يمكن إخضاعه لحواسنا ولا أن نضع أيدينا عليه، فنقتنى البيوت والأراضي والذهب والفضة والعبيد والاصدقاء والكتب والأدوية وفي لحظة ما نجد أنفسنا مرغمون على إختيار شيء واحد فقط وعلينا أن نتنازل عن أشياء كثيرة إرتبطنا بها حسيًا أو وجدانيًا أو عقلانيًا.
وهنا بيت القصيد، هل الله مازال هو الأول في حياتنا؟ وما معنى ذلك؟ هل أبي وأمي وأختى لهم مكانة عندي؟ ابنى وارضي ونفسي هل أغلى عندى من الله؟ وما معنى أغلى عندى من الله؟ معناه أن قلبي لم يعُد حرًّا ليختار الله الأول في حياته لأن هناك أوثان تمكنت منى وسكنتنى وسحبت البساط من تحت أقدامي.
هكذا ابراهيم، هل إستعاض عن الله باسحق ابنه كسند وأساس لحياته ومستقبله أم مازال الله هو الأول واسحق “عطية الله” له غير منفصل عن الله.
إن التمييز الروحى العميق هو الذي سينقذ ابراهيم من الاختيار الخطأ. نعم، ليكن يارب، فإن اسحق أنت أعطيتنى أياه، ولن يصبح أغلى منك، لا أفهم ماذا تقصد يارب، أفهم شيئًا واحدًا أنك أمين وصادق في وعودك. وأن مشيئتك اسمى من أن تحرمنى من أعز شيء عندي ولكن “لتكن مشيئتك لا مشيئتى” هكذا قال يسوع المسيح وهو يصلي إلى الآب وهو في طريقه إلى الجلجثة، وهكذا قال ابراهيم وهو يمد يده ليذبح اسحق، وبينما شرع ابراهيم في ذبح اسحق إذ بملاك يمسك يده ويدله على ذبيحة أخرى: ” فَقَالَ: «لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي».فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ، فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ.فَدَعَا إِبْرَاهِيمُ اسْمَ ذلِكَ الْمَوْضِعِ «يَهْوَهْ يِرْأَهْ». حَتَّى إِنَّهُ يُقَالُ الْيَوْمَ: «فِي جَبَلِ الرَّبِّ يُرَى».وَنَادَى مَلاَكُ الرَّبِّ إِبْرَاهِيمَ ثَانِيَةً مِنَ السَّمَاءِوَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ، أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هذَا الأَمْرَ، وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ،أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً، وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيرًا كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ، وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ، وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي “(تكوين 22: 12 – 18).