أحبوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم – الأب وليم سيدهم
أحبوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم
قال يسوع في إنجيل متى: ”فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ.” (مت 5: 20)، ويقول القديس يوحنا في رسالته الأولى: ”كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ” (1 يو 3: 15)، ويضيف أيضًا القديس يوحنا : ”يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ!” (1 يو 3: 18( ويقول بولس الرسول في فصل 13 من كورنثوس الأولي: “ الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا. وَأَمَّا النُّبُوَّاتُ فَسَتُبْطَلُ، وَالأَلْسِنَةُ فَسَتَنْتَهِي، وَالْعِلْمُ فَسَيُبْطَلُ.(1 كو 13 : 4-8) .
الإنسان المُحب يكون في حالة برارة، لا مكان للإزدواجية بين كلامه وأفعاله، وإذا كان الفريسيون يتمسكون بالشريعة التي تقول:”لاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ. نَفْسٌ بِنَفْسٍ. عَيْنٌ بِعَيْنٍ. سِنٌّ بِسِنٍّ. يَدٌ بِيَدٍ. رِجْلٌ بِرِجْل.” (تث 19: 21) فإن تلميذ المسيح إذا أراد أن يتميز عن الفريسيين أن ينتقل من شريعة موسى إلى شريعة المسيح ” حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي” (متى 16 : 24) ومعنى حمل الصليب هو قبول تطبيق الوصية الجديدة التي أتى بها المسيح«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ.وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ.” (متى 5 : 27 -28)، ”سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ.وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا .وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلًا وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ . مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ. سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ .وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ” (متى 5 : 38- 44).
إن حمل الصليب معناه تفضيل منطق الله على منطق البشر، وهذا المنطق يحول الإنسان المؤمن للقدرة على إحتمال ثمن محبة العدو أى أن يعامل من يعتبره عدوه بصبر وهدوء ولا يقابل العنف بالعنف بل العنف بالسماحة فيحمل خطيئة عدوه على ظهره كما حمل المسيح خطايانا على ظهره وهو مصلوبًا .
بهذه الطريقة فقط يمكننا أن نلغي العداوة ونفتح للعدو بابًا جديدًا يجتاز منه إلى بر الأمان، إن المحبة هى الحكمة في مواجهة التهور:”وَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يُحِبُّونَ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُمْ.” (لو 6: 32) .
إن التربية على المحبة تبدأ من الأسرة، حينما يتعلم الطفل أن أخوته ينتظرون منه معاملة خاصة وأن عليه أن يقبل أن يتقاسم حب الوالدين لأخوته فإننا نكون وضعنا حجر الأساس في إنشاء علاقة صحيحة تقوم على التفكر في الآخر وتقاسم مشاعر الحب بين الجميع ومشاركة الغذاء مع الجميع ويأتي دور المدرسة، حيث المجتمع الأكبر والعلاقات الأكثر وتعلم قواعد الحوار وقبول الآخر والمبادرة بتفضيل الآخر على أنفسنا ويتطور هذا التكوين في الجامعة حيث الإعتماد على النفس والقدرة على المبادرة ومقاسمة الأحلام والمساهمة في بناء مجتمع يليق بالإنسان، هكذا تترسخ المحبة في المجتمع وتصبح ثقافة المحبة هي السائدة.
لقد صلى يسوع المسيح من أجل تلاميذه ليكونوا واحدًا وطلب من بطرس أن يثبت أخوته في المحبة، وغسل يسوع أرجل تلاميذه لكي يقتدوا به فيغسلون أرجل بعضهم البعض، وقرن الرئاسة بالخدمة: “إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ أَوَّلًا فَيَكُونُ آخِرَ الْكُلِّ وَخَادِمًا لِلْكُلِّ.” (مر 9: 35)، والقول الفصل “لاَ تَكُونُوا مَدْيُونِينَ لأَحَدٍ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِأَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، لأَنَّ مَنْ أَحَبَّ غَيْرَهُ فَقَدْ أَكْمَلَ النَّامُوسَ” (رومية 13 : 8)