إنظروا طيور السماء – الأب وليم سيدهم
إنظروا طيور السماء
”اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟” (مت 6: 26)
لقد استطاع الإنسان ومازال يتعلم من الطبيعة ليضيف على إمكانياته إمكانات جديدة، وحلم الإنسان منذ القدم أن يقلد الطيور في حركتها وقدرتها على الطيران فصنع الطائرة وتحقق الحلم فأصبح يجوب الأرض طولًا وعرضًا، وإخترع المحرك النفاث وطبق علوم الطوبوغرافيا والجغرافيا وحفنة أخرى من العلوم ليصبح الطيران آمنًا أكثر من السيارة.
إن النظر إلى الطبيعة هو تمرين على إكتشاف الحكمة الكامنة في كل المخلوقات، ثم الجمال الأخاذ الذي تفوح به الطبيعة التي خلقها الله على أفضل ما يكون. إلا أن الإنسان بعقله وحواسه هو المخلوق الوحيد الذي يقلق على وجوده وإمكانياته، فهو دائم الشك والبحث عن الأمان والرعاية ضد غوافل الزمن وخاصة ضد الإنسان الذي يعيش مثله على هذا الكوكب، فنحن منذ القدم نرى الحروب والمنازعات حول ينابيع الماء ثم إلى المراعي، والآن ينابيع النفط وكل المواد الأولية، ولكن صوت الله في الكتاب المقدس وكتاب الطبيعة يحاول أن يهدئ من روع الإنسان ويطلب منه القناعة والمشاركة والتكامل في قيادة حياته وحياة الطبيعة والكون. ولكن عبثًا.
وفي سبيل الوصول إلى الإطمئنان الكامل سخر الإنسان عقله في كل عصر ليدافع عن وجوده من غضب الطبيعة ومن غضب أخيه الإنسان ولكن عبثًا ما نجح، ومسيرة الشعب اليهودى في صحراء سيناء تضيف على غضب الطبيعة والإنسان غضب الله في كل مرة ترك الإنسان وصايا الله.
وكلنا نذكر الضربات التى أنزلها الله على الفرعون حاكم مصر بسبب إضطهاده للشعب المختار، الشعب العبراني، وتأسس هذا الشعب على إيمانه بوجود إله واحد يحميه ويدافع عنه بعد أن خلقه.
وتشهد مزامير داود النبي على رعاية الله للإنسان المتقي الله على قدرته في الدفاع عنه: “ الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ. فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي. يَرُدُّ نَفْسِي. يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي. تُرَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ. مَسَحْتَ بِالدُّهْنِ رَأْسِي. كَأْسِي رَيَّا. إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، وَأَسْكُنُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى مَدَى الأَيَّامِ.” (مزمور 23)
وقد شرعت القوانين ووضعت الحقوق والواجبات لكى تنظم العلاقات بين البشر ورغم ذلك لا يحترم الإنسان هذه القوانين ولا الدول بحجة الدفاع عن النفس. أضيف على عوامل التهديد للإنسان إنتشار الأوبئة والأمراض فهى تهدد صحة الإنسان الجسدية والنفسية ولا تفرق بين فقير أو غني، رجل أو إمرأة، طفل أو طفلة.
لقد أدركنا أن يسوع المسيح جاء ليعيد للإنسان كامل هيئته فشفى المخلع وفتح أعين العميان وأنقذ البُرص وعبر عن حبه التفضيلي للكسحان والعرجان والصم والبكم، وبالتالي فإن حنان الله ورحمته شملت الإنسان جسدًا ونفسًا وروحًا.
هذه العناية الإلهية عبر عنها المرنم في مواقع كثيرة ” اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ الرَّبُّ حِصْنُ حَيَاتِي، مِمَّنْ أَرْتَعِبُ؟”(مزمور 27 :1).