لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم إمرأته – الأب وليم سيدهم
لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم إمرأته
هل يحل للرجل أن يُطلق إمرأته؟ سؤال خبيث من أحد الفريسيين إلى يسوع هذا السؤال مازال مطروحًا حتى يومنا هذا، وقد مر على هذا السؤال أكثر من أفلين عامًا ولكن يكفي بنظرة واحدة إلى حالات المسيحيين والمسيحيات الذين يطلبون الطلاق كل عام تفض مضاجعنا، آلاف مؤلفة والكنيسة ترفض وترفض ويتساقط طالبي الطلاق واحد بعد الآخر في براثن الإجراءات المعقدة ويتبارى المحامون في الوصول إلى هذه الورقة اللعينة “ورقة الطلاق” فالبعض يلجأ إلى تغيير ملته، والبعض الآخر إلى تغيير ديانته والبعض الثالث إلى الهجرة إلى قوانين مدنية أرحب وأقل تعقيدًا، ناهيك عن الآثار المدمرة على الأطفال ضحايا الطلاق من إضطراب وإصابة بأمراض نفسية وصحية وفقدان الهوية والوقوع فريسة الصراعات الأسرية غير المنتهية.
ونحن نتسائل مع المسيح لماذا أصلًا يلجأ الزوجان إلى الطلاق؟ ويكفي أن ننظر إلى الأسس التى تنظم الزواج في بلادنا لنرى أن أغلب هذه الزيجات تتم على هيئة صفقات بين أهل الزوج وأهل الزوجة فيها المال وقيمة ما يسمى بالشبكة وفيها الضغط أو القهر على الزوج أو الزوجة لقبول الصفقة ووضعهم تحت ضغوط نفسية ومعنوية وصحية ومعيشية صعبة، وينتفي من الأساس شروط الزواج الصحيح المبني على الحب والشراكة والعطاء.
وفي شريعة موسى صرّح بإمكانية الطلاق ولكن يسوع يرد على سؤال الفريسي بأن موسى أفتى بالطلاق ”لقساوة قلوبكم” ولكن أصر يسوع على رفض الطلاق مشيرًا إلى ما جاء في سفر التكوين: “لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا.” (تك 2: 24(.
مُكرسًا سر الزواج بأنه مقدس ومأمور به في الكتاب المقدس، لذلك يرفض المسيح التنازل عن الوحدة التى تجمع بين الزوجين بقوله: ”فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقْهُ إِنْسَانٌ.” (مر 10: 9) ، ويعبر تلاميذ يسوع عن دهشتهم من هذا الموقف ويخاطبون يسوع بقولهم بشبه استحالة عدم الطلاق، لكن يسوع يرد عليهم قائلًا ”فَقَالَ لَهُمْ: لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم”(متى 19: 11) مما يؤكد أنه بدون الإيمان الثابت واليقين بالله لا يمكن للزوج أو الزوجة أن يتحمل مثل هذا الإرتباط الحميمي مدى الحياة، إذن المسألة ليست مجرد صفقات أو مغامرات غير محسوبة بل إقرار المسيح بإستحالة هذا الزواج في غياب الله بين الزوجين.
ويحدد يسوع أربعة أنواع من الناس: النوع الأول هم المصابون منذ مولدهم بعجز تام عن الزواج أى بغياب قدراتهم الجنسية والنوع الثانى هم من يتعرضون لضغوط الحياة وتجاوزات البشر والنوع الثالث هم من إختاروا بحريتهم الزواج والنوع الرابع هم من اختاروا بكامل حريتهم تكريس حياتهم لله.
وملخص القول إن الزواج المسيحي الصحيح مؤسس على الإيمان بالمسيح وعلى الإختيار الحر للزوجين بعيدًا عن الضغوط والضعفات. وسواء كان الزواج مدنيًا أو كنسيًا فهو محكوم بحرية المتزوجين وبإيمانهم بالمسيح مساندًا ومتضامنًا مع الزوجين.