القراءات اليومية بحسب الطقس اللاتيني ” 14 سبتمبر – أيلول 2019 “
عيد رفع الصليب المقدّس
سفر العدد 9-4b:21
في تِلكَ الأيَّام: ضَجِرَتْ نفوسُ الشَّعْبِ في الطَّريق.
وتَكَلَّمَ الشَّعبُ على اللهِ وعلى موسى وقالوا: «لِماذا أَصعَدتَنا مِن مِصرَ لِنَموتَ في البَرِّيَّة؟ فإنَّه لَيسَ لَنا خُبزٌ ولا ماءٌ، وقد سَئِمَتْ نُفوسُنا هَذا الطَّعامَ الخَفيف».
فأَرسَلَ الرَّب على الشَّعبِ حَيَّاتٍ نارِيَّة، فلَدَغَتِ الشَّعب وماتَ قَومٌ كَثيرونَ من إِسْرائيل
فأَقبَلَ الشَّعبُ على موسى وقالوا: «قد خَطِئنا، إِذ تَكَلَّمْنا على الرَّبَ وعلَيكَ، فادعُ الرَّبَّ أَن يُزيلَ عَنَّا الحَيَّات». فَتَضَرَّعَ موسى لأَجلِ الشَّعْب.
فقالَ الرَّبُّ لِموسى: «اِصنَعْ لَكَ حَيَّةً وارفَعها على سارِية، فكُلّ لَديغٍ يَنظر إِلَيها يَحْيا».
فصَنَعَ موسى حيَةً مِن نُحاس وجَعَلَها على سارِيَة. فكانَ أَيُّ إِنْسانٍ لَدَغَته حَيَّةٌ ونَظَرَ إِلى الحّيَّةِ الْنّحاسِيَّةِ يَحيا.
سفر المزامير 38.37-36.35-34.2-1:(77)78
أُصغوا، يا قَومي، إِلى تَعليمي
أَرهِفوا مَسامِعَكم إِلى أَقوالِ فَمي
إِنّي أَفتَحُ فَمي ضارِبًا ٱلأَمثال
وَأَستَحضِرُ أَسرارَ غابِرِ ٱلأَزمان
كانوا إِذا بَطَشَ بِهِم إِيّاهُ يَلتَمِسون
وَيَنقَلِبونَ إِلَيهِ باكِرًا يُسرِعون
وَتَذَكَّروا أَنَّ ٱلإِلَهَ مَلجَأُهُم
أَنَّ ٱلعَلِيَّ هُوَ ٱلمُدافِعُ عَنهُم
ثُمَّ خادَعوهُ بِأَفواهِهِم
وَراحوا يَكذِبونَهُ بِأَلسِنَتِهِم
وَلَم يَكُن قَلبُهُم نَحوَهُ قَويما
وَما ظَلّوا لِعَهدِهِ مُخلِصين
لَكِنَّهُ كانَ رَحيمًا وَلِلذُّنوبِ غَفّارا
وَما كانَ لِيُنزِلَ بِساحَتِهِم دَمارا
بَل ظَّلَّ يَكظِمُ غَضَبَهُ
وَيُهَدِّئُ سُخطَهُ
إنجيل القدّيس يوحنّا 17-13:3
في ذلك الزمان: قال يسوع لنيقوديموس: «لَم يَصْعَدْ أَحَدٌ إِلى السَّماء، إِلاَّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء، وهو ابنُ الإِنسان.»
وكما رَفَعَ مُوسى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة فكذلِكَ يَجِبُ أَن يُرفَعَ ابنُ الإِنسان
لِتَكونَ بهِ الحَياةُ الأَبديَّةُ لِكُلِّ مَن يُؤمِن.
فَإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ، حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد، لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه، بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة.
فإِنَّ اللهَ لَم يُرسِلِ ابنَه إِلى العالَم لِيَدينَ العالَم، بل لِيُخَلِّصَ بِه العالَم.
التعليق الكتابي :
الكاردينال شارل جورنيه (1891 – 1975)، لاهوتيّ
محاضرات ألقيت في جنيف من 1972 وحتى 1974 حول الإنجيل بحسب القديس يوحنا
الحيّة النحاسيّة
هذا العنوان فيه إشارَة الى واقِعَة حَدَثَت في الصَحراء عِندَما وَصل الإسرائيليّون الى مَنطَقة فيها حيَّات لاذعة، فلدغت الكَثيرين وكان الشَعب يتَذمَّر (راجع عد 21: 4 – 9).”فصَنَعَ موسى حيَةً مِن نُحاس وجَعَلَها على سارِيَة. فكانَ أَيُّ إِنْسانٍ لَدَغَته حَيَّةٌ ونَظَرَ إِلى الحّيَّةِ الْنّحاسِيَّةِ يَحيا” (عد 21: 9). غير أنّه جاء في سِفر الحِكمَة ما يعني: ليسَ النَظَر بِأعيُن الجَسَد الى شَكل حيَّة مِن نُحاس كان يَستطيع أن يَشفيهم، بَل الصَلاة التي كانوا يَرفَعُونها وكانو يشفون إن أراد الربّ ذلك (راجع حك 16: 5-12). فَلَيس بِالسِحر كان يَتِمّ شِفائهم لكن عندَما يَتوسلّون الله كَي يُعضِدَهُم.
انطِلاقًا من هذا النصّ، اعتمد الرّب يَسوع رَمز صورَة الحيّة التي رُفِعَت، فكل الذين يَنظرون إليه بتوسّل سيكون شفائهم متيسّرًا. “فكما رَفَعَ مُوسى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة فكذلِكَ يَجِبُ أَن يُرفَعَ ابنُ الإِنسان” على الصليب. ثم يجب أن ننظر إليه، لكن ليس كما كان ينظر إليه الجلادون الساهرون على أقدام الصليب، بل ننظر إليه بشوق.
إن الرّب يسوع قد اتّخذ لنفسه لقب “ابنُ الإنسان” لكي يدل على الإهانات الّتي سوف يعاني منها؛ فقد صار ضعيفًا كأولاد البشر بحيث أنّه اتّخَذّ طبيعتنا. ثمّ إنّنا من ناحية أخرى وفي سفر دانيال نجد أن النبّي كان ينظر في رؤياه ليلاً “فإِذا بِمِثلِ آبنِ إِنسان آتٍ على غَمامِ السَّماء فبَلَغَ إِلى قَديمِ الأَيَّام وقُرِّبَ إِلى أَمامِه” (دا 7: 13) بحَيثُ أن هَذا الرَمز عَن ابن الإنسان استَمرّ عِندَ بَني إسرائيل كإشارة لمَجيءٍ من العُلى لمن يمكن أن يكون المسيح. إن كلمَة “ابنُ الإنسان” هذه تَحوي الضُدّين : ضعف المخلّص بطبيعته الإنسانيّة وسموّ ألوهيّته.
“كما رَفَعَ مُوسى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة فكذلِكَ يَجِبُ أَن يُرفَعَ ابنُ الإِنسان لِتَكونَ بهِ الحَياةُ الأَبديَّةُ لِكُلِّ مَن يُؤمِن”. عَلى كلّ مِنّا أن يَنظُر إليه، أن يَنظُر إليه بِنظرَة الإيمان العَميقَة، وبِشوق وتوقٍ الى الحَقيقَة.