خاص: بندكتس السادس عشر يتحدث عن لقائه مع البابا يوحنا بولس الثاني
مقتطفات من مقابلة حصرية مع البابا بندكتس بشأن علاقته مع البابا “القديس”
الفاتيكان, (زينيت) د. روبير شعيب
يقترب موعد إعلام قداسة يوحنا بولس الثاني، وإذا كان هناك شخص عرفه عن كثب، فذلك الكاردينال يوسف راتزنغر (البابا بندكتس السادس عشر). فقد اختاره البابا يوحنا بولس الثاني ليكون حارس عقيدة الإيمان طوال عهده كخليفة بطرس على كرسي روما. ورغم طلب راتزنغر المتكرر الاعتزال للاختلاء للصلاة والدرس، أراد البابا البولندي الحفاظ على تلك النفس المتواضعة والنبيلة بالقرب منه.
في كتاب فريد للمؤلف فلودزيميرز ردزيوش بعنوان: بجانب يوحنا بولس الثاني. أصدقاء ومعاوني البابا يتحدثون عنه، صدر لدار النشر “آرِس” الإيطالية، يقدم الكاتب 21 مقابلة مع أشخاص كانوا من المقربين من يوحنا بولس الثاني، وعلى رأسهم البابا بندكتس السادس عشر، في مقابلة طولها 12 صفحة.
صداقة من اللقاء الأول
رغم أن الرجلين التقيا خلال المجمع الفاتيكاني الثاني، إلا أن راتزنغر يتحدث عن لقائه الأول الفعلي خلال الكونلاف الذي انتُخب فيه يوحنا بولس الأول. ففي المجمع الفاتيكاني الثاني عملا سوية على دستور الكنيسة الرعوية في العالم المعاصر ولكن في أقسام مختلفة، وبالتالي لم يلتقيا.
ويضيف البابا بندكتس: “خلال شهر سبتمبر 1978، بمناسبة زيارة الأساقفة البولنديين إلى ألمانيا، كنت في الإكوادور ممثلاً شخصيًا ليوحنا بولس الأول… ولأسفي الشديد، خسرت فرصة التعرف شخصيًا على رئيس أساقفة كراكوفيا. بالطبع كنت قد سمعت عنه وعن عمله كفيلسوف وكراعي، ومنذ وقت كنت أود التعرف إليه”.
“وكان فويتوا، من ناحيته، قد قرأ كتابي مدخل إلى المسيحية، وكان قد استشهد به خلال الرياضات الروحية التي تلاها أمام البابا بولس السادس في الكوريا الرومانية خلال صوم 1976″.
ويعترف بأنه كان يشعر احترامًا وتقديرًا وتعاطفًا طبيعيًا نحو رئيس أساقفة كراكوفيا نظرًا للقدرة الكبيرة التي أبداها في تحليل طبيعة الماركسية قبل كونكلاف 1978، وخصوصًا “لأني أدركت فورًا الجاذبية الإنسانية التي كان يشع بها، ومن صلاته، أدركت كم كان متحدًا بالعمق بالله”.
عميد مجمع عقيدة الإيمان
في عام 1979 استدعى يوحنا بولس الثاني راتزنغر لكي يعينه عميدًا لمجمع التربية الكاثوليكية. ولكن راتزنغر طلب من البابا أن يقبل رفضه للتعيين لأنه أسقف منذ أقل من سنتين وذلك الأمر غير مناسب للأبرشية التي، بفضل سيامته، كان قد وعدها الأمانة.
ويشرح راتزنغر أنه خلال العام 1980، قال له يوحنا بولس الثاني أنه سيعينه في أواخر عام 1981 عميدًا لمجمع عقيدة الإيمان.
وحاول راتزنغر أن يضع “شرطًا” أمام انتخابه وهو أن يستمر في كتابة الكتب اللاهوتية. وبما أن يوحنا بولس الثاني كان متعاطفًا مع راتزنغر، قال له أنه سيعود إليه بجواب. وبعد بضعة أيام أعلمه أنه يستطيع أن يستمر في الكتابة حتى لو أضحى عميد مجمع عقيدة الإيمان.
واعترف راتزنغر بأن التعامل المديد الذي قام مع يوحنا بولس الثاني “اتصف بالصداقة والعطف. ونما على الصعيدين الرسمي والخاص”.
وكان البابا يوحنا بولس الثاني يستقبل عميد المجمع كل نهار خميس للنظر في المسائل العالقة، مع أولوية للمسائل العقائدية، ولكن مع إضافة مسائل تدبيرية وعملية.
وشرح أن التحدي الكبير الأول الذي واجهاه كان “لاهوت التحرير” الذي كان يتفشى في أميركا اللاتينية.
رغم أن الفقراء كانوا موضوع لاهوت التحرير، إلا أن اعتبارهم كان من وجه جد محددة. فبنظر لاهوت التحرير، مساعدة الفقراء كانت تعني تخفيف أوجاعهم وحدة غضبهم وبالتالي تثبيت النظام الجائر. الغضب والاستنكار هما ضروريين لقلب الأنظمة. وبرأي منظري هذا “اللاهوت”، يجب توسّل الدين لقلب النظام السياسي. بنظر راتزنغر هذه النظرة تُضعف الإيمان وتُفقده هويته، كما وتُضعف المحبة الحقة نحو الفقراء”.
روحانية يوحنا بولس الثاني
بالحديث عن روحانية يوحنا بولس الثاني، يجيب البابا بندكتس السادس عشر: “روحانية البابا كانت تتميز بشكل خاص بعمق صلاته التي كانت متجذرة بالاحتفال بسر الافخارستيا (القداس) في شركة مع كل الكنيسة وفي صلاة الفرض.
“في كتابه الذي يتحدث عن سيرته الذاتية “عطية وسر”، يمكننا أن نرى كيف أن سر الكهنوت طبع حياته وفكره. في تقواه لم يكن يستطيع أن يكون فردانيًا وحسب، بل كان دومًا مليئًا بالانتباه والاهتمام بالكنيسة وبالبشر”.
“لقد عرفنا جميعنا حبه لأم الله. تقديم الذات لمريم، ومعها، تقديم كل شيء للرب”.