stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ اللهِ – الأب وليم سيدهم

1.8kviews

لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ اللهِ

التعلُّم بأمثال والتعلُّم بالمعايشة. إستخدم يسوع الأمثال الشعبية المأخوذة من البيئة الفلسطينية ‏ليخاطب الشعب اليهودي ويبشرهم “قَائِلًا: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ.” (مت3: ‏‏2) ، وإختص لنفسه بإثنى عشر رسولًا يرافقونه ويعيشون معه ليل ونهار. فبينما كان الشعب ‏اليهودي يسيرون وراء يسوع ويترقبون جولاته الميدانية مثل ما حدث مع زكا العشار الذي تسلق ‏الجُميزة خصيصًا ليرى يسوع وهو يمرّ بجوار هذه الجُميزة. وإمرأة نايين التي تقابله في أحد ‏حواري قرية “نايين” وهى تودّع إبنها الوحيد إلى القبر. وعلى الشاطيء بُحَيْرَة جَنّيسَارت حيث ‏يلتقي بالجموع وببطرس ويوحنا ويعقوب. ‏

إلَّا أن الرسل إختارهم أثنى عشرمن توجهات ومهن مختلفة فمنهم الصياد ومنهم العشار ومهم ‏الثورجي (سمعان الغيور) ومنهم الفريسي. وشرع يسوع في تربيتهم على “الخدمة” خدمة الملكوت. ‏نستطيع أن نقول إختارهم الأعمدة الإثنى عشر الذي سيقوم عليهم بناء مملكة تبدأ في هذا العالم ‏وتنتهي في السماء. لأنه صرح مرارًا: “مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ” (يو 18: 36) كما صلّى ‏لهم قبل أن ينتقل إلى يمين الآب قائلًا: “لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ ‏الشِّرِّيرِ.” (يو 17: 15).‏

وفي يوم من الأيام سأل التلاميذ يسوع: “وَلَمَّا كَانَ وَحْدَهُ سَأَلَهُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ عَنِ ‏الْمَثَلِ، فَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِالأَمْثَالِ ‏يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ،” (مر 4: 10- 11).‏

وحينما نتصفح الإنجيل ونلقي نظرة على حوارات يسوع مع تلاميذه نجدها تتناول كل الأسئلة التي ‏تطرح علينا في الحياة اليومية، ففي أحد المشاهد يجد يسوع تلاميذه يتبارون في إظهار مكانتهم ‏وسلطتهم ومن فيهم الأعظم والأكبر. سؤال لا يفارقنا كل يوم في أي جماعة ننتمي إليها: في ‏الأسرة، في الكنيسة، في المدرسة، في الوظيفة، في الطفولة كما في الشباب كما في الكهولة، نسعى ‏جميعًا لنتسلط على الآخرين فيقول يسوع لهم “وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ أَوَّلًا، يَكُونُ لِلْجَمِيعِ ‏عَبْدًا.” (مر 10: 44) وفي مكان آخر يقول لهم “فَدَعَاهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رُؤَسَاءَ ‏الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْعُظَمَاءَ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ. فَلاَ يَكُونُ هكَذَا فِيكُمْ. بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ ‏عَظِيمًا فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِمًا،” (مت 20: 25- 26) .‏

وفي مشهد آخر وجد تلاميذه “يتجادلون” مع أب جاءهم بإبنه الملبوس بالشيطان وفشلوا في شفاءه ‏فإشتكاهم ليسوع فغضب يسوع عليهم ووصفهم بقليلي الإيمان، وطرد هو الشيطان من الطفل ‏‏”وَلَمَّا دَخَلَ بَيْتًا سَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ عَلَى انْفِرَادٍ: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «هذَا ‏الْجِنْسُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».( مرقس 9: 28 – 29).‏

وفي مشهد ثالث يتحمس فيلبس ويطلب من يسوع أن يشاهد الآب: “قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «يَا سَيِّدُ، أَرِنَا ‏الآبَ وَكَفَانَا».” (يو 14: 8) فيرد على فيلبس: “قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ ‏تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟” (يو 14: 9)‏

وفي أحد الأيام يتوجه يسوع لتلاميذه بسؤالهم عن نفسه “قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي ‏أَنَا؟»” “فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!».” (مت 16: 15- ‏‏16) وقد حاول المسيح بكل الطرق أن يشرح لتلاميذه سرّ موته وقيامته إلا أنه كان يعلم أن هذه ‏الحقيقة أكبر من أن يدركوها قبل موته وقيامته. لقد كانت فكرة مملكة إسرائيل التي بدأت بداود ‏وسلالته ماثلة في خيالهم، ولم يدركوا نوعية “الملكوت الجديد” إلّا بعد حلول الروح القدس عليهم ‏بعد خمسين يومًا من قيامة يسوع.‏

لقد بيّن لنا الكتاب المقدس في العهد الجديد أنّ سرّ محبة الله من خلال تجسد ابنه ولم يظهر في ‏الأصوات والجلبة والسلطان لكن مثل “ندا الصبح” ومثل “ملح الأرض” ومثل “الخميرة” هكذا ‏دفن السر المكنون وكشف لتلاميذه ومن بعدهم نحن من خلال الصمت البليغ الذي حملت به مريم ‏في أحشائها بتواضع وتسليم. مثل حبة الخردل.‏

هكذا بدأ سرّ محبة الله يكبر وينتشر بين البشر، وسط آلامهم وأحزانهم وأفراحهم وما بينهم يتسلل ‏سر محبة الله بين أضلع المؤمن فيشعل فيه ألف جمرة وجمرة يُلقح بها الأرض الطيبة العطشى ‏الموجودة في قلوب ووجدان إخوته وأخواته في الإنسانية.‏