أعدوا طريق الرب – الأب وليم سيدهم
أعدوا طريق الرب
”صوت صارخ في البرية” إنه صوت يوحنا المعمدان. رجل زاهد يلبس ثوبًا من وبر الجمال وعلى وسطه حزام من جلد. “وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ».” (لو 3: 9) كان يوحنا المعمدان يهدد ولكن هذا التهديد الغرض منه حث الناس على التوبة. حتى الفريسيين والكتبة كانوا يتقدمون لقبول معموية التوبة مما جعل يوحنا يشك في مدى رغبتهم الحقيقية في المعمودية ووصفهم “بأولاد الأفاعي” : “يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ.” (مت 12: 34) كان السياق الذي ظهر فيه يوحنا مفعم بإنتظار المخلص لقد عمت اليهودية حالة من الترقب ورغبة حقيقية في التوبة.
وحتى نفهم هذه الظاهرة يمكننا أن نذهب إلى إحدى الكنائس في القاهرة أو الصعيد في زمن الصيام الأربعيني وخاصة في اسبوع الآلام لنشعر بتوحد مشاعر المؤمنين وإحساسهم بضرورة تغيير حياتهم وإقبالهم على الإعتراف والمناولة، وقد لا يتخلف عن قبول سر التوبة إلا بعض الفئات التى تحول الإعتراف والمناولة عندها إلى مجرد طقس مظهري فقد أهميته لديهم.
إن خبرتنا الروحية تعلمنا أن فحص الضمير اليومي لا يخلو من إرتكاب الخطايا مهما كانت مكررة، وأول ما يظهر لنا هو إهمالنا وتقصيرنا في قراءة كلمة الله، وأشدها إيلامًا هو صعوبة المغفرة لمن نظنهم قد أساءوا إلينا قولًا أو فعلًا. فالمشاحنات اليومية في محل العمل والفواتير التي يجب أن تسدد، الكهرباء والماء وضريبة كسب العمل وأجرة المواصلات وسوء الظن المستمر فيمن نعمل معهم والحلفان والشتيمة التي لا تفارق ألسنتنا والنميمة … كثير وكثير نجد أنفسنا مضطربة غير مستقرة .
إن كلمات يوحنا تلاحقنا كل يوم “صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ، اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً».” (مر 1: 3) وفرحتنا تكتمل عندما نقع على كاهن متواضع ولديه خبرة روحية تجعله رقيقًا وراقيًا في رد فعله أمام ثقل خطايانا. فيشجعنا ويفتح لنا طاقة أمل بعد أن تكون الدنيا قد أظلمت أمامنا فيساعدنا على قبول ضعفنا والإعتراف أمام الله، أننا نحتاج إلى رحمته حتى نحصل علي السلام ونكمل مسيرتنا في عالم لا يرحم، توبوا إلى الرب فإن الملكوت قريب.