الإستثمار – الأب وليم سيدهم
الإستثمار
”اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ.” (لو 6: 45) لم يستثمر الرجل الدينار كما فعل الآخرون، بل ذهب ودفن الدينار بينما استثمر الرجل الآخر ديناره فربح عشرة دنانير والثاني ربح خمسة دنانير. أما الأخير فلم يربح شيئًا بل خسر الدينار الذي دفنه وأخذ منه، لم يشرح القديس لوقا لماذا كان هذا الرجل عدائيًا وحادًا ضد سيده الذي أعطى له الدينار ليستثمره فهو يذكر صورته المغلوطة عن سيده “ثُمَّ جَاءَ آخَرُ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، هُوَذَا مَنَاكَ الَّذِي كَانَ عِنْدِي مَوْضُوعًا فِي مِنْدِيل، لأَنِّي كُنْتُ أَخَافُ مِنْكَ، إِذْ أَنْتَ إِنْسَانٌ صَارِمٌ، تَأْخُذُ مَا لَمْ تَضَعْ وَتَحْصُدُ مَا لَمْ تَزْرَعْ.” (لو 19: 20- 21)، رسم الرجل صورة قاتمة ومقززة لصاحب الدنانير دون سبب واضح وصريح دفعه لرسم هذه الصورة السلبية القاتمة.
ولكن إذا علمت أن هذا المثل يأتى مباشرة قبل صعود يسوع إلى أورشليم ليحاكم فيها ويُصلب فإننا نقترب من فهم هذا المثل، هؤلاء “الأعداء” كما يسميهم لوقا الذين يرفضون أن يعترفوا بيسوع ملكًا. طغمة القتلة والآفاقين من الفريسيين والكتبة الذين خبئوا الدينار في منديل وكأنهم يعطلون مجيء الملكوت. وهكذا خسروا أهم ثمار الدينار لا بل وتسببوا في خسارة صاحب الدنانير الذي هو الله: ”فَلِمَاذَا لَمْ تَضَعْ فِضَّتِي عَلَى مَائِدَةِ الصَّيَارِفَةِ، فَكُنْتُ مَتَى جِئْتُ أَسْتَوْفِيهَا مَعَ رِبًا؟” (لوقا 19: 23)
إن الصور السلبية التي نكونها عن الله سببها إعطاء آذاننا لأعداء الله. فيملئون قلوبنا ومخيلتنا بصورة اله موجود في مخيلة وعقل مريض فقط. ونحن نستسلم لهذه النميمة القاتلة فنتشبه بآدم وحواء حينما أمالوا آذانهم إلى “الحية”: “بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ” (تكوين 3 :5).
هذه الصورة المغلوطة عن الله هي ما يصدره لنا الإعلام من دعوة إلى الإستهلاك ودعوة إلى الكسب غير النظيف وغير المشروع، وملء آذاننا بكل ما هو غير الله بحجة أن بضاعة الله قد بارت ولا مكسب من وراءها واليوم يجب الإصغاء لصوت “السوق” و “العولمة”.
يارب ساعدنا حتى نتحرر من الصور المزيفة عنك وإعطنا أن نستثمر كل ما أعطيتنا من نعم في تمجيد اسمك. إن الإنسان الروحاني يستثمر عطاياه ونعمه فيجعلها تتضاعف وتنمو مثل حبة الخردل حين تكبُر وتصبح ملاذًا للجميع.