الكاردينال تاغل: لا وجود للرسالة بدون الإصغاء للآخر
13 ديسمبر 2019
نقلا عن الفاتيكان نيوز
“كل معمد هو مرسل من قبل المسيح والكنيسة” هذا ما قاله الكاردينال لويس أنطونيو تاغل عميد مجمع تبشير الشعوب في مقابلة له مع صحيفة الـ “Osservatore Romano”
”كل مسيحي مدعو لينقل بواسطة حياته حضور وشفقة المسيح“ هذا ما قاله رئيس أساقفة مانيلا الكاردينال لويس أنطونيو غوكيم تاغل الذي عُيِّن في الثامن من كانون الأول الجاري عميدًا لمجمع تبشير الشعوب وقد تحدث عن العمل الإرسالي محدِّدًا التحديات الرعوية للتواصل والبشارة في العالم الرقمي. ألقى الكاردينال تاغل مداخلته هذه في العاشر من شهر كانون الأول الجاري في العاصمة الفلبينية خلال افتتاح معهد Veritas Institute للتواصل الاجتماعي والذي انطلق برعاية مكتب التواصل الاجتماعي لاتحاد مجالس أساقفة آسيا. وفي مقابلة مع صحيفة الـ Osservatore Romano على هامش هذا اللقاء، عبّرالكاردينال تاغل عن تسليمه لحياته للعذراء مريم وقال عن المهمة الجديدة التي أوكلها إليه البابا فرنسيس قال إذا كانت هذه إرادة الله، وانا مقتنع بأنها كذلك، أنا سعيد للبدأ بهذه الخدمة الجديدة. إنَّ قداسة البابا قد بعث لي برسالة ليسلّمني مسؤولية جديدة وانا ممتن له من أجل الثقة التي وضعها فيَّ.
بعد خبر الترشيح، أكَّد لنا الكاردينال تاغل قائلاً: لقد وصلتني رسائل الكترونية عديدة من جميع أنحاء العالم: من أفريقيا والشرق الأوسط ومن البلدان الآسيوية كاليابان وكامبوديا وعدة بلدان أخرى. وهذا الأمر يُظهر لي أيضا أنَّ هناك حماس بين المؤمنين من أجل عمل البشارة.
وبمناسبة افتتاح المعهد الجديد للتواصل في مدينة مانيلا كان لدى الكاردينال تاغل فرصة للتوقف عند موضوع البارة وقد لحظ أنه بالرغم من الضرورة للحصول على أشخاص مؤهلين لمختلف مجالات التنشئة والتواصل الاجتماعي، ينطلق اعلان الانجيل من الاصغاء الروحي؛ وذكَّر في هذا السياق أنَّ دورنا في البشارة هو الاصغاء لله والاصغاء لبعضنا البعض بصبر واهتمام وتنبُّه. ولكن عندما نتحدّث غالبًا عن التواصل نكون على عجلة من أمرنا ولا نصغي للآخرين. لا نتنبّه للاصغاء للآخرين بواسطة القلب، وهذه الخطوة الأولى الضرورية في البشارة.
وإذ شاركنا بخبرة من طفولته ذكّر عميد مجمع تبشير الشعوب قائلاً: إنَّ التعليم المسيحي وكلمات الانجيل التي طُبعت في ذاكرتي وعقلي وبقلبي، منذ طفولتي، لا اربطها بمكان ما أو لحظة معينة وإنما بشخص يتكلم من كل قلبه ويعرف كيف يُصغي للآخرين. وأضاف المسيح هو حجر الزاوية الذي يدعونا لنعلن البشارة الجديدة، والبابا فرنسيس يشجعنا على اللقاء بين الأشخاص والأشخاص ويسلط الضوء على ثقافة اللقاء، لأنّ العلاقات الشخصية هي أفضل شكل للتواص من أجل البشارة.
وتابع الكاردينال تاغل يقول في عمل البشارة ولاسيما في عمل في التواصل الاجتماعي من الأهميّة بمكان أشراك أكبر عدد من الشباب والنساء، لأنَّ الشباب يعرفون العالم الرقمي أفضل منا، وفي اعلان الانجيل في هذا الإطار يمكنهم أن يعطونا نصائح رائعة؛ من ثمَّ تملك النساء استعدادًا طبيعيًّا للعلاقات الشخصية؛ فعندما أتصل بوالديَّ وأتحدث معهم يقول لي أبي لي بعض الجمل فقط، بعدها يمرر الهاتف إلى امي قائلا: تحدث مع أمك. إنَّ النساء والامهات خبيرات في التواصل وعلينا أن نتعلّم منهنَّ.
وتابع العميد الجديد لمجمع تبشير الشعوب حديثه ليتوقّف عند التحديات الراعوية للتواصل في الحقبة الرقمية وقال نحن نعيش في حقبة الذكاء الاصطناعي والمسيطر على الثورة الرقمية. إن شبكة الأنترانت قد أصبحت في كلِّ مكان وأصبح الأشخاص متصلين بها أربعة وعشرين ساعة في اليوم. هناك تغيير ثقافي لأن هذا الأمر يؤثر على جسد وعقل الأشخاص. وفي هذا السياق أكّد الكاردينال تاغل قائلاً في عصر العولمة هذا المطبوع بالذكاءالاصطناعي، نحن المسحيّون مدعوون لكي ننمّي أساليبًا وأشكالاً أخرى من الذكاء كالذكاء العلائقي الذي يشجع الشخص على توليد الثقة والأمان. ففي عالمنا اليوم هناك خوف كبير من الآخر، شكوك وأحكام مسبقة، ولا نعرف بمن يمكننا أن نثق. وبالتالي يمكن للأشخاص أن يولِّدوا الثقة والعلاقات الشخصية هي مهمّة لتقوية الثقة في العائلات والجماعات.
وأضاف الكاردينال تاغل يقول في جوٍّ من علاقات الثقة مع الآخرين رسالتنا المشتركة هي إعلان بشرى الإنجيل السارة: إذهبوا وأعلنوا الله الذي يتكلّم ويتواصل ويصغي. وفي هذا السياق سلّط عميد مجمع تبشير الشعوب الضوء على جوهر هذا الإعلان: الحضور المعزّي ليسوع المسيح وشفقته. وفي هذا الصدد، حذّر الكاردينال تاغل المؤمنين في أبرشيّته خلال الأسبوع الفائت أنَّ الرسالة ليس وظيفة نقوم بها بأنفسنا ولكنّها جماعية مع الآخرن ومن أجلهم ولاسيما مع المسيح. فالرسالة ليست لبعض الأفرد وحسب بل هي للجميع، والعمل الرسولي يتمُّ في الجماعة. إنه عمل كنسي والكنيسة بأسرها هي ارسالية. كل معمد هو مرسل من قبل المسيح والكنيسة. كل معمد يعيش الحياة في المسيح ويشارك في موته وقيامته، يكون مرسلاً؛ ولكي نكون مرسلين من الأهمية بمكان أن يكون هناك لقاء شخصي مع يسوع المسيح، لأنه لا وجود لأية رسالة او إعلان للإنجيل بدون لقاء مع يسوع الذي هو الإنجيل. فالرسالة هي أن نشهد للمسيح، أي أن نحمل مع المسيح صليبه ونعيش محبّته ونشارك أسلوبه في العال ولاسيما مع المعوزين.
ولذلك جعل الكاردينال تاغل من نفسه بين مؤمني الأبرشية في مانيلا معززًا لأعمال محبة صغير تجاه الفقراء، وقوّى شبكة تضامن واسعة في المدينة واصفًا إياها على أنّها نوع من أعمال المحبة المنتشرة حيث يمكن للجميع أن يقوموا بإيمان بعمل محبّة لله من خلال خدمة القريب. وخلص عميد مجمع تبشير الشعوب إلى القول إن أعمال المحبة الصغيرة التي نقوم بها بتواتر وبشكل دائم تحمل ملكوت الله للآخرين.