stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

أيهما أكثر حبًا له؟ – الأب وليم سيدهم

1.2kviews

أيهما أكثر حبًا له؟

‏ يقول الكتاب المقدس على لسان أشعياء النبي: “لاَ تَخَفْ لأَنِّي فَدَيْتُكَ. دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ. أَنْتَ لِي.” (إش ‏‏43: 1) والمقصود هنا شعب إسرائيل بصفته الإبن البكر الذي خلصه الرب من عبودية مصر، ولما ‏تم الزمان وأرسل الله لنا إبنه ليكون أخًا لنا في الطبيعة البشرية أكبر برهان على حبه لنا.‏

هذا ما كان يفعله يسوع في فلسطين. كان يجوب شوارع مدينة القدس ويزور العشارين فيها ‏والفريسيين، والكتبة، الفقراء والأغنياء يسمع لهم ويصغون إليه، يشاركهم أعيادهم ومسراتهم وأتراهم. ‏وهكذا ذهب إلى عرس قانا الجليل وكان مع أمه مريم وأنقذ العرس من الفضيحة إذ حول الماء إلى ‏خمر.‏

وتقابل مع مواكب الحزن مثل ما حدث له في نايين حيث أحيا ابن أرملة نايين وشفى البرص وفتح ‏أعين العميان.‏

ولكن كل هذه الشفاءات والزيارات لم تشفع له عند كبار رجال الدين من الفريسيين والكتبة. فكانوا ‏ينظرون إليه بتوجس وريبة، ويعاملونه بقسوة ويتحدثون عنه بصلافة، ويكيلون له الإتهامات بالكفر ‏والزندقة. كانوا يطاردونه ويتمنون موته.‏

ويمكننا أن نتأمل أحد المشاهد الهامة في الإنجيل التي نجد فيها يسوع وجهًا لوجه مع واحد من عتاة ‏الفريسيين اسمه سمعان، لقد بادر سمعان الفريسي بدعوة يسوع ليتعشى معه في بيته، وعلى مثال ‏الشيطان الذي يلبس لبس ملاك النور، ظننًا أن سمعان الفريسي ربما توصل الى عمق شخصية يسوع ‏فوجده إنسان لطيف المعشر، مُحب للفقراء، قريب من الله وفي طريقه الى التوبة ولذا فضّل أن يشارك ‏يسوع في طعامه ليصبح كما نقول في مصر صداقة مبنية على “العيش والملح”.‏

إلا أن ما سيتضح فيما بعد هو أن الفريسي نصب كمينًا ليسوع لكي يحضره في عُقر داره ويستهزئ به ‏أمام زملائه من الفريسيين.‏

سمعت إمرأة يصفها الكتاب “بالخاطئة” ورأت يسوع عند سمعان فأسرعت وجلست خلفه – وللعلم ‏فهذا ما يحدث في بيوتنا وقرانا حينما يزورنا المطران أو شخصية مهمة – وبدأت تغسل أرجل يسوع ‏وتمسحهما بشعر رأسها.‏

ويقول الإنجيل أن سمعان الفريسي بدأ فورًا يقول في نفسه: «لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ ‏الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ». (لو 7: 39) ، لقد كانت المرأة خاطئة ولكن الآن وجدت إنسانًا ‏بارًا لكي تتوب عن خطيتها وعبرت عن ندمها بالبكاء وغسيل الأرجل ومسحها بشعرها ثم بسكب ‏الطيب على قدمي يسوع.‏

هكذا يفعل الإنسان المتكبر والمتعجرف يضع الناس في قوالب جامدة مثلما قلبه متجمدًا لا إحساس فيه ‏مليء بالغل. لقد حكم الفريسي على يسوع بأنه ساذج وعلى المرأة بأنها ” خاطئة” مهما تفعل من توبة.‏

ولكن يسوع إستشعر ذلك وكان يتوقعه فأراد أن يلفت نظره إلى البديهيات التي عمى عنها، فضرب له ‏مثل المُداين الذي كان له مدينان لواحد خمسمائة دينار والآخر خمسين دينار وقرر المُداين أن يعفو عن ‏الأثنين، فسأل يسوع سمعان: “أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟ أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟ فَأَجَابَ سِمْعَانُ ‏وَقَالَ: «أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ». فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ».” (لوقا 7: 42، 43) ثم عاجله ‏بواقعة حقيقية تحدث الآن في بيته وما فعلته المرأة الذي نعتها بالخاطئة وكيف أن الخاطيء الحقيقي ‏هو هو نفسه وقال يسوع: “قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ ‏قَلِيلًا” (لوقا 7: 47)، فإرتفعت همهمات بقية الفريسيين الذين كانوا على العشاء معًا قائلين: “«مَنْ ‏هذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضًا؟». (لوقا 7: 49)‏
ونحن اليوم ألسنا فريسييون حينما نتعامل مع الآخرين إنطلاقًا من صورتنا الجامدة وغير الحقيقية عن ‏يسوع؟ ألسنا فريسيين حينما ندعي أن كهنوتنا وتكريسنا يعطينا إمتيازات رجال الله في حين أن ‏العلمانيين والعلمانيات إذا نظرنا جيدًا فيهم وتأملناهم يعلموننا التقوى والخشوع والتواضع وعمق ‏الإيمان بشخص يسوع؟

إن سمعان الفريسي يسكن فينا ويتصرف اليوم من خلالنا وإن أردنا فإن المرأة التائبة يمكنها أن تكون ‏جزءًا هامًا منا إذا تعقلنا وتبصرنا وإعترفنا بما يمنع نور الله يخترق قلوبنا.‏