الأخت ماري فرانسواز هنري أحب قريبك مثلما تحب نفسك
“… وأحب قريبك مثلما تحب نفسك” (لو10: 27)
مَن هو قريبي؟ هو كل أخ وأخت ليَّ في الإنسانية، أقدر لونه، وأحترم عاداته، وتقاليده، ودينه، أعتز بفكره، أترك له حرية الاختيار في مشاريع حياته، أعمل لخيره الشخصي، كما نجتهد سويًا لتحقيق الخير العام للجميع بعملنا لتوفير القوت اليومي للجياع، والمأوي للأطفال المشردين التي غمرت عيونهم الدموع، ولم يعيشوا طفولتهم بسبب ظروف قاسية… لنضع يدَّنا باتحاد مع بعضنا بعض لاستصلاح الصحراء لإيجاد عمل للشباب الذي يئن من الفراغ، وعدم تحقيق ذاته فلا يجد عمل، ولا استقرار، يشعر بالخوف من المستقبل على أكثر من مستوي، فاختبر الفقر، ومر بالقهر في معاملاته وحياته اليومية، وفي مسؤولياته داخل عائلته وخارجها أحس بالعنصرية. ونتسأل متي يعيش هؤلاء الشباب حياتهم؟ وبأي شئ نطالبهم إن لم نعطهم شئ؟ وأما مع كبار السن الذين يشعرون بالوحده بعد أن هاجر أولادهم، وتركوهم للغربة رغم أنهم في منازلهم يعانون المرض يحتاجون من يزورهم، ويصغي لمعاناتهم، ويخفف وطأه آلمهم الجسدية، والنفسية، والروحية، لنعطيهم الرجاء أن يعيشوا ملء الحياة في منازل مجهزه لاستقبالهم بكل الاحترام، والتقدير لما قدموه من رسالة طول عمرهم…
مَن هو قريبي؟ سؤال هام صدر مِن معلم الشريعة لتبرير نفسه، وبغرض إحراج يسوع بعد أن رد عليه إذا كنت تريد أن ترث الملكوت عليك أن تعيش ما تقوله الشريعة ” أحب الرب إلهك بكل قلبك، وبكل نفسك، وبكل قوتك، وبكل فكرك، وأحب قريبك مثلما تحب نفسك” إذا عملت هذا تحيا (لو10 :27- 28). يسوع يعطي مثل السامري الصالح؛ لتوضيح مَن هو القريب، يقول رجل نازل من أورشليم إي يهودي، تعرض لسرقة، وجردوه من ملابسه، وتعدوا عليه بالضرب حتى تركوه بين حي وميت. لم يشفق عليه الكاهن اليهودي خوفًا أن يتنجس وهو ذاهب لتقديم الذبيحة، رغم أن الله قال أريد رحمة، لا ذبيحة. وأيضًا رآه أحد خدام المذبح اللاويين لكن مال عنه، ومشي في طريقه للمساعدة في تقديم الذبيحة. وتركوا أخوهم اليهودي، ولم يفعلوا له شئ. أما الغريب السامري الذي لديه عداوة مع اليهودي، لم يفكر في هذا عندما رآه، بل أشفق عليه لأنه أخوه بالإنسانية إي أنه إنسان مثله. نتأمل الأفعال التي قام بها السامري اتجاه هذا الغريب أشفق عليه، إي شعور رحمة تحرك في قلبه، لذلك دنا منه ولمسه فوجده يلتقط أنفاسه الأخير، فسكب زيتًا وخمرًا على جراحه وضمدها هذا الدواء الطبيعي الموجود مع الشخص المسافر. ولكن لم يكتفي به السامري، ولكن حمله على دابته وذهب به لفندق واعتنى بأمره إي ترك عمله وأجل سفره وقضي معه الليلة كلها. وفي الغد أصبح الشخص المجروح أفضل فأخرج السامري مبلغ من المال لحساب الفندق، وقال لصاحب الفندق اعتن بأمره ومهما أنفقت زيادة أوفيك عند عودتي. لنتمعن في الأفعال التي قام بها السامري ونجلس مع أنفسنا وقفة صدق هل نحن نعيشها ونحاول القيام بها أكثر في وقت الصوم (الشفقة إي الرحمة، الدنو إي الاقتراب، السكب إي العطاء المادي أو المعنوي، تضميد الجراح الجسدية أو النفسية أو الروحية إي حمل أثقال بعضنا البعض، الاعتناء إي الاهتمام بالإنسان من كل النواحي، الكرم بفيض) ويسأل يسوع في نهاية المثل معلم الشريعة فأي واحد مِن الثلاثة كان في رأيك قريب الشخص المجروح الذي وقع في أيدي اللصوص؟ أجاب معلم الشريعة “الذي عاملة بالرحمة” إي الغريب السامري الذي يوجد عداوة بينكم وبينهم، مع ذلك الإنسانية وحب الإنسان هي التي تغلب. فقال يسوع ” اذهب أنت واعمل مثله” (لو10 :37)
يسوع لا يوصينا فقط بمحبة القريب لأنه قال” فإن أحببتم من يحبونكم فأي فضل لكم” بل أكثر من ذلك هي محبة الأعداء فقال” احبوا أعداكم، احسنوا إلى مبغضيكم، باركوا لاعِنيكم، وصلوا لأجل المسيئين إليكم” (لو 6 : 27 –36) ربما نقول في أنفسنا صعب من يقدر أن يعيش هذا في عصرنا الآن مع من يضطهدونا، ويأخذون حقوقنا، ويقتلونا بأشكال كثيرة، وأشخاص آخرين يقولون المسيحيَّة دين فائق الطبيعة لا تعاش في الأرض، لا بل أقول بيننا من عاش ويعيش هذه القيم وهم بشر مثلنا على سبيل المثال لا الحصر الطوباوي قداسة البابا يوحنا بولس الثاني الذي سامح من اغتاله ورفض إعدامه وزاره في السجن. وأيضًا البابا فرنسيس الذي غسل أقدام السجناء الغرباء،والمختلفين عن لونه، وعقيدته، واحتضن المريض المقزز للغاية، وله أفعال إنسانية ورحمة مع المعاقين و… بل ” عاملوا الناس مثلما تريدون أن يعاملوكم” “وكونوا رحماء كما أنا لله أباكم رحيم” (لو6: 36)
صلاة
يالله أنت الحب بالذات “الله محبة” علمنا أن نحب بعضنا بعض، كما نحب أنفسنا، أعطنا أن نعطي من فيض محبتك لجميع أخوتنا البشر مهما كان لونهم، عقيدتهم، جنسيتهم، فأنت أب للكل ونحن أبناءك فأجعلنا نقتدي بابنك يسوع المسيح، ونعيش حياتنا بكل ما علمنا إياه في كلمته المحيية. آمين
الأخت ماري فرانسواز هنري
راهبات قلب يسوع المصريات
30/3/2014