stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

البابا فرنسيس: روح العالم هو انغماس بطيء في الخطيئة

930views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

31 يناير 2020

“أحد شرور زمننا هو الانغماس في حالة يكون المرء قد فقد فيها معنى الخطيئة” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان

حياة طبيعية وهادئة، قلب لا يتأثّر حتى إزاء الخطايا المميتة، وروح العالم الذي يسلبنا القدرة على رؤية الشرِّ الذي نقوم به هذا ما تمحورت حوله عظة البابا فرنسيس صباح اليوم الجمعة في القداس الإلهي الذي ترأسه في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان والتي استهلها انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدّمها لنا الليتورجية اليوم من سفر صموئيل الثاني والتي تتمحور حول شخصية الملك داود، الملك داود القديس، الذي وإذ انغمس في حياة رفاهية نسيَ بأن الله قد اختاره. قال البابا فرنسيس إن داود هو كالعديد من أناس يومنا، يبدون أشخاصًا صالحين، يذهبون إلى القداس ويقولون بأنّهم مسيحيين ولكنّهم قد فقدوا معنى الخطيئة؛ لقد كان البابا بيُّوس الثاني عشر يقول أن هذا الأمر هو أحد شرور زمننا، زمنٌ كل شيء يبدو فيه مباح، جوٌّ يمكننا فقط أن نتخلّص منه ربما بفضل توبيخ أحد ما وإما من خلال “درس قويّ” من الحياة.

توقف الأب الأقدس بعدها في عظته عند خطايا داود: إكتتاب الشعب، وأحداث قصّة أوريا الذي قتله بعد أن دخل على زوجته بتشابع وحمِلَت منه. فاختار داود عندها أن يقتل أوريا لأنَّ خطّته بإصلاح الأمور بعد الزنا لم تنجح؛ لكنّه تابع حياته بشكل طبيعي وهادئ وقلبه لم يتأثّر. لكن كيف يُعقل أنّ داود العظيم، الذي هو قديس وقد فعل العديد من الأمور الصالحة وكان متّحدًا مع الله قد تمكّن من القيام بأمر كهذا؟ هذه الأمور لا يمكن للمرء أن يقوم بها بين ويوم وضحاه، وداود العظيم كان قد بدأ ينغمس فيها ببطء شيئًا فشيئًا. هناك خطايا اللحظة: كخطيئة الغضب، أو الشتم الذي لا يمكنني أن أسيطر عليها، ولكن هناك أيضًا خطايا ينغمس فيها المرء ببطء شيئًا فشيئًا إذ يسيطر عليه روح العالم، الذي يحملك على القيام بهذه الأمور كما ولو كانت أمرًا طبيعيًّا.

وإذ استعمل البابا فرنسيس كلمة ببطء بشكل متكرر في عظته شرح أسلوب الخطيئة التي تتملّك الإنسان ببطء شيئًا فشيئًا مستفيدة من رفاهيّته وراحته، وقال جميعنا خطأة ولكننا أحيانًا نرتكب خطايا اللحظة: أغضب واشتم ولكنني أندم بعدها. ولكن أحيانًا ننغمس في أسلوب حياة حيث يبدو لنا فيه أنَّ كلَّ شيء طبيعي، فعلى سبيل المثال لا أدفع للخادمة أجرتها كما ينبغي، أو أدفع لمن يعمل في الأرض نصف ما يجب عليَّ أن أدفع له.

تابع الحبر الأعظم يقول لكن هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بهذه الأمور يبدون صالحين، لأنّهم يذهبون إلى القداس كلَّ يوم أحد ويقولون بأنّهم مسيحيين؛ ولكن كيف يمكنك أن تقوم بهذا أو بخطايا أخرى أيضًا؟ لكنني سأتحدث فقط عن هذا… ذلك لأنّك قد انغمستَ في حالة فقدت فيها معنى الضمير والحس بالخطيئة. وهذا هو أحد شرور زمننا. وهذا ما تحدّث عنه البابا بيُّوس الثاني عشر: فقدان معنى الضمير والحس بالخطيئة. فيسمح المرء بكلِّ شيء لنفسه… وفي النهاية يقضي المرء حياته لكي يحل ويصلح مشكلة واحدة.

أضاف الأب الأقدس شارحًا هذه ليست أمور قديمة وحسب، مذكّرًا بحادثة حصلت في الأرجنتين مع بعض الشباب الذين يمارسون رياضة الرجبي، إذ انهالوا بالضرب على رفيقهم حتى قتلوه في ختام سهرة ليليّة. لقد تحوّل هؤلاء الشباب إلى قطيع ذئاب؛ وهذا واقع يفتح تساؤلات عديدة حول تربية الشباب وحول المجتمع، هناك حاجة في العديد من الأحيان لـ “درس قويٍّ” من الحياة لكي نتوقّف ونوقف هذا الانغماس البطيء في الخطيئة، هناك حاجة لشخص كالنبي ناتان الذي أرسله الله إلى الملك داود لكي يريه خطأه.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لنفكّر قليلاً: ما هو الجو الروحي في حياتي؟ هل أنا متنبّه، هل أحتاج لشخص يقول لي الحقيقة على الدوام أم لا؟ هل أصغي إلى توبيخ صديق لي، أو توبيخ المعرّف أو توبيخ الزوج أو الزوجة أو الأبناء الذي بإمكانه أن يساعدني قليلاً؟ لنسأل أنفسنا بالنظر إلى قصّة داود – الملك داود القديس – إن كان قديس ما قادر على السقوط هكذا علينا أن نتنبّه إذًا أيها الإخوة والأخوات لأنَّ هذا الأمر قد يحصل لنا نحن أيضًا. ليسأل إذًا كل فردٍ منا نفسه: ما هو الجوّ الذي أعيش فيه؟ ليعطنا الرب نعمة أن يرسلنا لنا على الدوام نبيًّا – قد يكون جاري أو أبني أو أمي أو أبي – ليلقننا درسًا في الحياة عندما نبدأ بالانغماس في هذا الجو الذي نعتبر فيه أنَّ كل شيء مُباح.