أبوك الذي في الخفاء يجازيك – الأب وليم سيدهم
أبوك الذي في الخفاء يجازيك
لماذا يصر الإنسان على المجاهرة بفعل الخير؟ لماذا يصر الإنسان على أن يستعرض قدرته على الصيام أمام إخوته البشر؟ ثم لماذا يدعو يسوع إلى عدم المجاهرة وعدم الإستعراض؟
إننا بصدد رزيلة “المجد الباطل”. أن ينسب الإنسان لنفسه قدرته على الإحتمال مثلًا، أو على قوة إرادته، أو قدرته على التفوق على الآخرين. المجد الباطل هو “مجد” ينسبه الإنسان لنفسه. ولذلك فصفه “الباطل” هو نسبة كل هذه القدرات إلى نفسه. ونتسائل أليس هذه فعلًا قدرات شخصية؟ لكن يسوع يقول: “أَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.” (مت 6: 4)
يدعونا يسوع إلى “التواضع” فضيلة التواضع هي القدرة على البقاء في حدود اللياقة. هو الإحتفال بقدرتنا أن نصبح ملحًا للأرض، خميرًا للعجين، فمن صفات الخميرة أنها رغم أنها تغير حجم العجين إلا أنها لا تتميز عن بقية العجين وإن غيرت من كيفيته ومن حجمه، كذلك الملح لا يمكن أن نراه بل نتذوقه، والإحساس بالملح يتم من خلال تذوقنا للغذاء الذي يكتسب طعمًا ومذاقًا لذيذًا.
يسوع يطلب منا تنقية دوافعنا الباطنية حينما نصوم أو نتصدق أن تكون دوافعنا مرتبطة بمجد الله وليس لمجدنا الأناني الشخصي، طلب مجدنا الشخصي يدفعنا إلى إنتظار الثناء من الناس وليس من الله، ثم إن مجدنا الباطل يدفعنا إلى التقليل من شأن الآخرين وإحتقار الآخرين.
إن هناك بعض الناس لا يستطيعون الصيام لأسباب مختلفة لأنهم مرضى، لأنهم لا يقوون على الصيام، لأنهم مع العريس فهم يفرحون مع العريس وبالتالي ليسوا في وضع يجعلهم يصومون، إن الفروق الفردية بين الناس لا تجعلهم متساوون في القدرة على الصيام، فلكل منا ظروفه الصحية والنفسية والجسدية التي قد تساعد على الصيام أو لا تساعد، فلماذا استجداء تعظيم الناس لنا واستعطافهم علينا.
“وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، “لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.” (مت 6: 17- 18 )