“فَأجَابَ ٱلْآخَرُ وَٱنْتَهَرَهُ قَائِلًا: «أَوَلَا أَنْتَ تَخَافُ ٱللهَ، إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هَذَا ٱلْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟ أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْلٍ، لِأَنَّنَا نَنَالُ ٱسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ». ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: «ٱذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ».”
لُوقَا 23:40-42
في هذه اللحظات المريبة المخيفة التي ينتظر فيها الانسان الموت بين لحظة واخري ، الوقت العصيب الذي يشعر الانسان فيه بالندم و الحسرة علي مافات من العمر ، وإن ما تبقي منه لا يكفي لتصحيح الأخطاء و لكن هناك من لا يهملك او يتركك
في هذه اللحظات السريعة قبل استسلامه للموت محاطاً بتاريخ كله جرم و ذنوب أختبر اللص التائب
١- الأعتراف و التوبة الحقيقية
٢- الإنسحاق التام و الإحساس بضألته
٣- الأعتراف بملكوت يسوع و ربوبيته
٤- الثقة بنعمة يسوع و برحمته
٥- الأمل و الرجاء في أبديته
• الإعتراف و التوبة الحقيقية بخطيئته
يصف الكتاب المقدس تكرارا ومرارا الخطئية بالعبودية ويقول الكتاب: “إن كلّ مَن يعمل الخطيئة، هو عبد للخطيئة”، والعبودية هي حالة النفس البعيدة عن الله والتي اختارت بحريتها الابتعاد “كالابن الضال” ظنا منمها بأنها بعيدا عن الله ستجد الحرية. إلا أن النفس في البعد عن الله تجد فقط العبودية والعوذ والجوع. وشيئا فشيئا تصل للجفاف والموت. وسر التوبة، هو سر الرجوع إلى الله، سر اكتشاف أن الانسان لا يحي بالخبز وحده بل بكل كلمة تخرج من فم الله. والله من فيض محبته للبشر ينتظرهم ويحثهم على العودة، كالأب الرحيم في مثل الابن الضال،
• اللص التائب استسلم
لسمو الروح فوق العقل.
الأدراك فوق الأنسياق.
نقاء القلب فوق عكارة الفكر .
• أختار اللص التائب
طريق العودة بدل من الانحدار.
الصعود بدلاً من الهبوط
ان يطفو بدلا من الغوص في أعماق الخطيئة.
يقول يوحنا الرسول فى رسالته الأولى “إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهّرنا من كل إثم” (1يو1: 9)
• الأنسحاق التام و الأحساس بضآلته
النفس التائبة : إنها النفس المنسحقة الراجعة إلي الله : إنها الركب الجاثية ، والعيون الدامعة و القلوب المنكسرة . إنها ام الدموع والإنسحاق و الإتضاع ، لأن التوبة تلد كل هؤلاء … تحطم كبرياء الخاطئ ، وتفتت قلبه الصخري ،
بدون الأتضاع لن تكتمل عناصر التوبة
أمثلة
• مثل أتضاع و انكسار المولود أعمي و ذهابه ليغتسل في بحيرة سلوام كما أمره المسيح
• مثل أيضاً غطس نعمان السرياني في نهر الاْردن كما أمره إليشع النبي
“ذَبَائِحُ ٱللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. ٱلْقَلْبُ ٱلْمُنْكَسِرُ وَٱلْمُنْسَحِقُ يَا ٱللهُ لَا تَحْتَقِرُهُ.”
اَلْمَزَامِيرُ 51:17
“لِأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْمُرْتَفِعُ، سَاكِنُ ٱلْأَبَدِ، ٱلْقُدُّوسُ ٱسْمُهُ: «فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلْمُرْتَفِعِ ٱلْمُقَدَّسِ أَسْكُنُ ، وَمَعَ ٱلْمُنْسَحِقِ وَٱلْمُتَوَاضِعِ ٱلرُّوحِ ، لِأُحْيِيَ رُوحَ ٱلْمُتَوَاضِعِينَ ، وَلِأُحْيِيَ قَلْبَ ٱلْمُنْسَحِقِينَ.”
إِشَعْيَاءَ 57:15
“هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: «ٱلسَّمَاوَاتُ كُرْسِيِّي ، وَٱلْأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ. أَيْنَ ٱلْبَيْتُ ٱلَّذِي تَبْنُونَ لِي؟ وَأَيْنَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ وَكُلُّ هَذِهِ صَنَعَتْهَا يَدِي، فَكَانَتْ كُلُّ هَذِهِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. وَإِلَى هَذَا أَنْظُرُ: إِلَى ٱلْمِسْكِينِ وَٱلْمُنْسَحِقِ ٱلرُّوحِ وَٱلْمُرْتَعِدِ مِنْ كَلَامِي.”
إِشَعْيَاءَ 66:1-2
“هَذَا ٱلْمِسْكِينُ صَرَخَ، وَٱلرَّبُّ ٱسْتَمَعَهُ ، وَمِنْ كُلِّ ضِيقَاتِهِ خَلَّصَهُ.
قَرِيبٌ هُوَ ٱلرَّبُّ مِنَ ٱلْمُنْكَسِرِي ٱلْقُلُوبِ ، وَيُخَلِّصُ ٱلْمُنْسَحِقِي ٱلرُّوحِ.”
اَلْمَزَامِيرُ 34:6, 18
• الأعتراف بملكوت يسوع وربوبيته
الهدف والغرض يلغي الفرضية :
فإن كان الفرضية تقول إستحالة صلب الإله و معاقبته مع المجرمين ، إذن المصلوب بين اللصين ليس الإله، هذه هي النظرية التي تبني علي الفرضية ، و لكن هناك خطة الهية و أهداف سماوية تفوق العقل تلغي كل فرضية و يجعل النظرية لا قيمة لها.
كان هناك العديد من ٣٠٠ نبؤة في العهد القديم تشير الي الرب يسوع ، ولكن لم يكن يؤمن بتحققها عند ملء زمان يسوع
بالنسبة لميلاد يسوع و ربوبيته:
إشعياء 6:9
“لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْناً وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيباً مُشِيراً إِلَهاً قَدِيراً أَباً أَبَدِيّاً رَئِيسَ السَّلاَمِ”.
ميخا 2:5
“أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطاً عَلَى إِسْرَائِيلَ وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ”.
وبالنسبة لخدمة المسيح وموته:
زكريا 9:9
“اِبْتَهِجِي جِدّاً يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ”.
مزمور 16:22-18
“لأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَتْ بِي كِلاَبٌ. جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ اكْتَنَفَتْنِي. ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ. أُحْصِي كُلَّ عِظَامِي وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَيَتَفَرَّسُونَ فِيَّ. يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ”.
ولعل إشعياء الأصحاح 53 بكامله هو أوضح النبوات عن المسيح
مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ”.
اعترف اللص بهذه النبؤات و بتحققها و أن المصلوب معهم الأن
هو الذي وُلد ودُعي اسمه عجيباً مشيراً الهاًقديراً
هو الذي ثقبوا يديه ورجليه و أحصوا عظامه و أقتسموا ثيابه و أقترعوا علي لباسه
هو الشاة التي سيقت الي الذبح و النعجة الصامتة التي لم تفتح فاها
• الثقة بنعمة يسوع و برحمته
عندما يأمل او يريد شخص ما أي طلب او رجاء من شخص اخر، يطلب منه محددا الطلب
اللص التائب لم يطلب شيئاً محدداً بل كل ما قاله أذكرني يارب و ترك للرب أن يفعل به ما يريد ، لأنه واثق ثقة عظيمة ان ما سيفعله الرب عظيم
عظيمة هي أعمالك يارب
“وَهُمْ يُرَتِّلُونَ تَرْنِيمَةَ مُوسَى عَبْدِ ٱللهِ ، وَتَرْنِيمَةَ ٱلْخَرُوفِ قَائِلِينَ: «عَظِيمَةٌ وَعَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ ، أَيُّهَا ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ، ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ! عَادِلَةٌ وَحَقٌّ هِيَ طُرُقُكَ ، يَا مَلِكَ ٱلْقِدِّيسِينَ!”
رُؤْيَا يُوحَنَّا 15:3
نحن نعرف اننا نثق في الرب و لكن لا نعلم كيف او ماذا يفعل
“لِأَنَّ ٱلْجَمِيعَ رَأَوْهُ وَٱضْطَرَبُوا. فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: «ثِقُوا! أَنَا هُوَ. لَا تَخَافُوا».”
مَرْقُسَ 6:50
“قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلَامٌ. فِي ٱلْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ ، وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ ٱلْعَالَمَ ».”
يُوحَنَّا 16:33
لم نسأل كيف ، او ما هي الوسيلة ، أو ما هو السلاح أو الخطة فقط نثق
لقد عاش بني إسرائيل عند خروجهم من مصر ٤٠ عام في الصحراء علي أرض قفر لا زرع ولا ماء ولكنهم كانوا ينتظروا المن من السماء و كلهم ثقة
يقول المزمور:
ٱمْتَلَأَتِ ٱلْأَرْضُ مِنْ رَحْمَةِ ٱلرَّبِّ.”
اَلْمَزَامِيرُ 33:5
يقول القديس بولس في رسالته للعبرا…
في العالم ستقف للتفتيش عند دخولك القصر الجمهوري مثلا او حتي أي نادي ، فماذا سيكون الحال عن دخولك الملكوت أيها اللص
بل العجيب انه فرض ذلك عندما قال متي جئت في ملكوتك ، من أين لك هذه الثقة انك ستذهب الي هناك
لكن المنظور الأنساني يختلف عن المنظور الإلهي
هناك باب الأمل و الرجاء و الدخول عبر هذا الباب لمن – تنقي قلبه – و تجدد بروح مستقيمة – كما طلب داوود من الرب قائلا قلباً نقيا و روح مستقيمة جدد في أحشائي
النتيجة و خلاصة مشهد اللحظات الخمسة
“ٱلرَّبُّ يُمِيتُ وَيُحْيِي. يُهْبِطُ إِلَى ٱلْهَاوِيَةِ وَيُصْعِدُ. ٱلرَّبُّ يُفْقِرُ وَيُغْنِي. يَضَعُ وَيَرْفَعُ. يُقِيمُ ٱلْمِسْكِينَ مِنَ ٱلتُّرَابِ. يَرْفَعُ ٱلْفَقِيرَ مِنَ ٱلْمَزْبَلَةِ لِلْجُلُوسِ مَعَ ٱلشُّرَفَاءِ وَيُمَلِّكُهُمْ كُرْسِيَّ ٱلْمَجْدِ. لِأَنَّ لِلرَّبِّ أَعْمِدَةَ ٱلْأَرْضِ ، وَقَدْ وَضَعَ عَلَيْهَا ٱلْمَسْكُونَةَ.”
صَمُوئِيلَ ٱلْأَوَّلُ 2:6-8
مناجاة اللص التائب
يا أيها اللص التائب
كم كانت حياتك مليئة بالخطايا و الذنوب
كم كنت قاسي الطباع قلبك مثقلاً بالعيوب
لم تخلوا حياتك من كل ألوان الشرور
لم تهدأ أيامك من القتل و السرقة و الفجور
لم يعرف قلبك الرحمة
لم يكن لديك عين الشفقة
لم يستيقظ ضميرك للحظة
ولكن
متي جائك الموت
وعلمت بانتهاء الرواية
و بئس المصير و النهاية
متي احسست بالألم الحقيقي علي خشبة الصليب
عندما ادركت وانت تحت الحكم انك بجوار الحبيب
رأيتك في اللحظات الأخيرة
و قد عادت إليك البصيرة
رأيتك رجلاً اخر
رجلاً أختبر
• الأعتراف و التوبة الحقيقية بخطيئته
• الأنسحاق التام و الإحساس بضآلته
• الأعتراف بملكوت يسوع وربوبيته
• الثقة بنعمة يسوع و برحمته
• الأمل و الرجاء في أبديته