سيرجع ويرأف بنا ويدوس آثامنا – الأب وليم سيدهم
سيرجع ويرأف بنا ويدوس آثامنا
بعض الناس يظنون أن الله يمسك بيديه بقلم وكراسة يسجل خطايانا، ولما كان البشر ملايين ومليارات، فلاشك أن الله يسخر آلاف من السكرتارية السماوية لتسجيل هذه الخطايا في مجلدات ضخمة.
هذه النظرة البائسة إلى إله الكون الذي عرفنا به يسوع المسيح ووصفه بصفة “الآب” بالإضافة لكل الصفات التي يتمتع به “الآب” السماوي وليس “الآب” الأرضي، من حنان ورحمة لا نهائية نلمسها في كل يوم ونحن نرى الشمس تشرق على الأشرار والأبرار، والهواء متوفر للبار والقاتل والزاني والسارق.
إن ضيق الأفق الذي يجعلنا نصنع صورًا وهمية وغير حقيقية لحنان الله، فنقيس محبة الله بمحبة الإنسان، ورحمة الله برحمة الإنسان وغضب الله بغضب الإنسان، ضيق الأفق هذا يكبلنا ويسلب حريتنا التي وهبها الله لنا وسر سلامنا الداخلي.
إن الله ضابط الكل ولكن رحمته تتسع أيضًا للكل، وإذا كانت خطايانا تشعرنا – إذا كنا ذا ضمير حي- بخجلنا من أنفسنا أو بتأنيب ضميرنا فهذا خير لنا لأننا نسيء إلى خالقنا وإلى ينبوع الحب الفياض اللامحدود، هذا حقيقي ولكن هل يمكن أن نقارن ضوء الشمعة الذي ينير عتمة حجرتنا بضوء الشمس الذي ينير الكون كله.
وكما قال أحد المتصوفين فإن خطايانا تتبخر كما تتبخر السُحب تحت وطئة الشمس، فالشمس لا يتأثر وجودها ببعض السحب التي تحجبها لوقت ما.
هكذا خطايانا لا يمكنها أن ترقى للتأثير على محبة الله ورحمته، إلا من حيث أنها تشعر الله بالحزن والتضامن معنا لنتخلص من هذه الخطايا، ويجب أن نعترف أننا نحن الذي يصيبنا الضرر أول وآخر مما نقترفه من خطايا كبيرة أو صغيرة، وليس الله جل جلاله، فإن أثرت فيه فمن حيث لا يرضى بموت الخاطئ.
وأيضًا يقول الكتاب المقدس الذي يحبه الرب يؤدبه في الرسالة الى العبرانيين، والتربية التي يمارسها معنا الله حينما يغض البصر عن خطايانا أو حينما يتركنا إلى قوانا البشرية، هذه التربية هي تربية أب لإبنه وليست سيد لعبده.. “لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي.” (يو 15: 15) ، نعم، “مَنْ هُوَ إِلهٌ مِثْلُكَ غَافِرٌ الإِثْمَ وَصَافِحٌ عَنِ الذَّنْبِ لِبَقِيَّةِ مِيرَاثِهِ! لاَ يَحْفَظُ إِلَى الأَبَدِ غَضَبَهُ، فَإِنَّهُ يُسَرُّ بِالرَّأْفَةِ.” (ميخا 7: 18)