«الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إِذا لم تَأكُلوا جَسدَ ابنِ الإِنسانِ وتَشرَبوا دَمَه فلَن تَكونَ فيكُمُ الحَياة» – القدّيس أوغسطينُس
القدّيس أوغسطينُس (354 – 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة
العظة 227، الرّابعة لعيد الفصح
« الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إِذا لم تَأكُلوا جَسدَ ابنِ الإِنسانِ وتَشرَبوا دَمَه فلَن تَكونَ فيكُمُ الحَياة »
هذا الخبز الذي ترونه على المذبح، الذي كرّسته كلمة الربّ، هو جسد الرّب يسوع المسيح. هذه الكأس التي كرّستها كلمة الرب، أو بالأحرى كرّست ما بداخلها، هي دم الرّب يسوع المسيح، فقد أراد الرب بهذه العناصر أن يجعل من جسده ودمه الذي هرق لغفران خطايانا موضع عبادتنا وحبنا. وإذا ما تناولتموه وأنتم أهل لهم، سوف تصبحون ما تتناولون. فعلى حدّ قول القديس بولس: ” فلمَّا كانَ هُناكَ خُبزٌ واحِد، فنَحنُ على كَثرَتِنا جَسَدٌ واحِد، لأَنَّنا نَشتَرِكُ كُلُّنا في هذا الخُبْزِ الواحِد.” (1كور 10: 17)…
هذا الخبز يذكركم بمقدار محبتكم للوحدة. هل صُنع هذا الخبز من حبة قمح واحدة؟ ألم يكن هناك عدد كبير من حبوب القمح أوّلاً؟ وقبل أن تتخذ هذه الحبوب شكل الخبز، كانت تلك الحبوب منفصلة، فجاءت المياه لتجمعها بعد أن خضعت للطحن؛ فإذا لم يخضع القمح للطحن أوّلاً ولم يُنقع بالماء، لن يتخذ شكل الخبز. كذلك فقد كنتم كالمطحونين بذلّ الصيام والتنقية، من ثم يأتي ماء العماد ليغمركم حتى تتخذوا شكل الخبز. ولكن الخبز لا ينضج من دون نار. وبماذا تتمثل النار هنا؟ بالميرون المقدس، لأنّ الزيت الذي يغذي نارنا هو سرّ الرُّوح القدس…؛ يوم العنصرة، انكشف الرُّوح القدس على شكل ألسنة من نار… يأتي الرُّوح القدس إذًا هنا كالنار بعد الماء فتصبحون ذلك الخبز الذي هو جسد الرَّب يسوع المسيح. ولذلك فإنّ هذا السر بمثابة رمز للوحدة.