” تَعرِفونَ الحَقّ: والحَقُّ يُحَرِّرُكُم ” – القديس يوحنّا بولس الثاني
القديس يوحنّا بولس الثاني (1920-2005)، بابا روما
الرّسالة الرّسوليّة، ” فادي الإنسان ( Redemptor hominis ) “، العدد 12
” تَعرِفونَ الحَقّ: والحَقُّ يُحَرِّرُكُم “
يذهب الرّب يسوع المسيح إلى لقاء الإنسان في كلّ عصر، وعلى الأخصّ في عصرنا، بهذه العبارة عينها: “تَعرِفونَ الحَقّ: والحَقُّ يُحَرِّرُكُم” وتنطوي هذه العبارة على واجب وتحذير: واجب الإخلاص للحقيقة كشرط للحرية الحقّ وتحذير للإعراض عن كلّ حرية مزيفة سطحية تعاضد حزباً واحداً فقط ولا تنفذ إلى صميم الحقيقة حول الإنسان والعالم.
واليوم كذلك وبعد مرور ألفي سنة، يبدو لنا أنّ الرّب يسوع المسيح هو من يحمل إلى الإنسان الحرية القائمة على الحقيقة، وهو من يحرّر الإنسان من كلّ ما يقيد هذه الحرية وينتقص منها انتقاصاً يكاد يستأصلها من نفس الإنسان وقلبه وضميره. ولكم أكّد هذا الأمر تأكيداً يستدعي الإعجاب، ولا يزال يؤكده، أولئك الذين أدركوا، بالمسيح وفيه، الحرية الحقّ وشهدوا لها ولو ذاقوا الأمرين.
إنّ الرّب يسوع المسيح عندما سيق أسيراً أمام محكمة بيلاطس… أما أجاب بقوله: “وأَنا ما وُلِدتُ وأَتَيتُ العالَم إِلاَّ لأَشهَدَ لِلحَقّ”؟ (يو 18: 37) ولكأنّ الرّب يسوع المسيح بهذه العبارة التي فاه بها أمام القاضي في أحرج ساعات حياته، قد جدّد ما قاله سابقاً: ” تَعرِفونَ الحَقّ: والحَقُّ يُحَرِّرُكُم” أفما مَثَل الرّب يسوع المسيح مراراً، على مرّ العصور والأجيال منذ عهد الرسل، إلى جانب من يحاكمون من أجل الحقّ؟ أفما قاسى الموت غالباً مع من حُكم عليهم من أجل الحق؟ أبطُلَ أن يكون دائماً ترجماناً ومحامياً عمّن يحيون ” بِالرُّوحِ والحَقّ” (يو 4: 23)؟