stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

رسالة البابا فرنسيس إلى كهنة أبرشية روما

528views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

30 مايو 2020

وجه قداسة البابا فرنسيسعصر السبت رسالة إلى كهنة أبرشية روما استهلها متوقفا عند المرحلة الصعبة التي نمر بها اليوم والتي حالت دون لقائه بكهنة أبرشيته والاحتفال معهم بقداس تبريك الزيوت، مضيفا أنه تلقى رسائل واتصالات من العديد من الكهنة الذين تقاسموا معه خبرتهم، فاطّلع منهم على النشاطات التي قاموا بها خلال فترة الحجر المنزلي.

بعدها أكد البابا أن التباعد الاجتماعي لم يشكل عائقاً أمام الحفاظ على علاقة الشركة في الكنيسة، بل ساهم في تمتين العلاقة وإعطاء دفع للرسالة، خصوصا تجاه الأشخاص المحتاجين. ولفت فرنسيس إلى أنه شاء أن يكتب إلى الكهنة ليعرب لهم عن قربه منهم، وليقاسمهم مسيرتهم، مشدداً أن الرجاء يعتمد علينا أيضا ويتطلب منا أن نساعد بعضنا البعض، هذا الرجاء المُعدي الذي يتقوى من خلال اللقاء مع الآخرين، كي نعود إلى الوضع الطبيعي الذي نطمح إليه جميعا.

هذا ثم ذكّر البابا بأن الجماعة المسيحية الأولى اختبرت العزلة والخوف والارتباك! فأمضى التلاميذ خمسين يوماً قبل أن يأتي الإعلان القوي الذي بدّل حياتهم إلى الأبد. وأشار فرنسيس إلى أن يسوع حلّ وسط تلاميذه فيما كانت الأبواب موصدة ومنحهم سلامه وقال إنه يرسلهم كما أرسله الله، ونفخ فيهم الروح القدس. وأضاف البابا أننا نشعر اليوم بأفراح وآمال ومخاوف أناس زماننا، لاسيما الفقراء والمتألمين، وهذه هي أفراح وآمال ومخاوف تلاميذ المسيح الذين يشعرون في قلبهم بكل ما هو إنساني.

تابع البابا مذكراً بأننا كنا نطّلع يوميا على الأرقام والإحصائيات بشأن ضحايا الوباء. وقد لمسنا معاناة الناس لمس اليد، وهذه المعطيات لم تكن مجرد أرقام بل كانت اسماءً لأشخاص حقيقيين. ومما لا شك فيه أن الكهنة لم يقفوا موقف المتفرّج، بل انغمسوا وسط هذه العاصفة الهوجاء، ورافقوا جماعاتهم، ومكثوا معها في وجه الخطر. كما أن الكهنة فقدوا أيضا العديد من أقربائهم وأحبائهم وأبناء رعاياهم، وشاهدوا معاناة العاملين الصحيين العاجزين عن التعامل مع الوباء، ولم تغمض لهم عينٌ قبل أن يساعدوا كل مريض ومصاب. وقد شعر الجميع بمخاوف العديد من العمال والمتطوعين الذين عرّضوا حياتهم للخطر كي يوفّروا المستلزمات الضرورية للناس. هذا ناهيك عن العزلة والوحدة اللتين عانى منهما الأشخاص بسبب الحجر المنزلي، لاسيما المسنين، وعجْز الكثير من العائلات عن توفير لقمة الطعام.

بعدها لفت البابا إلى أننا شعرنا – خلال الأزمة الصحية – بمدى هشاشة الإنسان وعجزه عن التعامل مع المجهول ومع كل ما يخرج عن سيطرته. لقد تألمنا إزاء معاناة الناس، وبكينا على الضحايا كما بكى الرب عند قبر إليعازر، وفي بستان الزيتون، وكما بكى على أورشليم. وهو أيضا كبكاء القديس بطرس بعد أن نكر الرب، وكبكاء مريم المجدلية عند قبر يسوع. ومع هذه الجائحة برزت أمامنا تساؤلات ومشاكل قديمة وجديدة، اعتقد الكثيرون أنها باتت جزءا من الماضي. وإننا ندرك تماما أن الإنسان يتغير بعد خوض المحن والتجارب المؤلمة.

مضى البابا إلى القول إن الرب ظهر إلى تلاميذه بعد قيامه من الموت، ولم يختر زمناً مناسباً ليدخل إلى حياتهم. فقد حل بينهم فيما كانوا مجتمعين في العلية، وسط العزلة والخوف والقلق. وكان الرب قادراً على تغيير كل منطق، وإعطاء معنى جديد للتاريخ والأحداث. فكل ظرف هو ملائم لإعلان السلام. ويحل هذا الإعلان وسطنا اليوم أيضا، في وقت نعيش فيه ظرفا صعباً، ويحثنا على العمل من أجل خدمة الجماعة. ومن خلال حضور الرب وإعلانه وسط التلاميذ، صارت العزلة خصبة، وأبصرت النورَ جماعةٌ رسولية جديدة.

وذكر البابا بما قاله القديس بولس الرسول إنه حيث تفيض الخطية تفيض النعمة، مؤكدا أن الرب حاضر بيننا، وقد صنع الله دوما المعجزات كي تأتي الثمارُ الطيبة. ولفت فرنسيس إلى أن الفرح المسيحي ينبع من هذه الثقة. فوسط التناقضات والأمور الغامضة التي نواجهها يومياً هناك صوتُ الرب القائم من الموت الذي يقول لنا “السلام عليكم”. وشجع البابا الكهنة على أن يتأملوا بحضور الرب وسط شعبه، مشيرا إلى أنه قدّم يديه وجنبَه المجروح كدرب للقيامة. فهو لم يُخف جروحاته، بل على العكس لقد دعا القديس توما ليلمس بنفسه كيف يمكن أن يصير جنباً جريحاً مصدراً للحياة الوافرة.

في ختام رسالته لفت البابا فرنسيس إلى أن الكهنة مدعوون إلى إعلان بزوغ فجر جديد تاركين الرب القائم من الموت يقودهم ويعلّمهم كيف يرافقون شعب الله ويضمدون جراحه. وسألهم أن يضعوا بين يدي الرب هشاشتهم وهشاشة شعبهم والبشرية كلها وقال: لنتقاسم مع يسوع آلامه كي نعيش معه قوة القيامة.