إذا أبغضكم العالم فإعلموا أنه أبغضنى قبل أن يبغضكم – الأب وليم سيدهم
وقف يسوع قبل موته وقيامته أمام التلاميذ يبصرهم بالضيقات التي سيعانونها بسببه، فاعلن لهم عن بغض العالم لهم بسببه وهنا يريد يسوع أن يؤهل تلاميذه ليتحملوا ما تحمله هو من أهل العالم. يريد يسوع أن لا يظنوا أنهم سينعمون بالسلام والسكينة مع يسوع بل سيشاركون في احتمال جهالة العالم وعدم فهمهم لمنطق الحب والخدمة المجانية الذي قدمه يسوع وأتباعه. ويشرح لهم سبب هذا البُغض وهو عدم قدرتهم على فهم سر محبة الله. إنهم لا يدرون ما يفعلون، إنهم لا يعرفون ولا يعرفوا الآب الذي أرسل يسوع وبالتالي يرسل تلاميذ يسوع ليبشروا بناموس المحبة والغفران. إذا كانوا إضطهدوني سيضطهدونكم وإن كانوا سمعوا كلامي سيسمعون كلامكم.
يقوم يسوع بتبصير تلاميذه أن المعركة مع الباطل لم تنته بقيامته بل ستبدأ بعد قيامته، لا بل إن قوة قيامة يسوع هي التي ستنتصر للتلاميذ في صراعهم مع العالم. إلم يقل لهم يسوع : “اِذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين.” (مرقس 16: 15)[1] ، ما هي البشارة؟ وما هو الإعلان أن لم يكن محاربة أبناء الظلمة في هذا العالم والإنتصار على جحودهم وإنكارهم لعمل الله المستمر في خليقته، إن الرسول يقتدى بمعلمه الذي أفنى حياته في الصراع مع الكتبة والفريسيين وكل قوى الظلام التي سيطرت في أورشليم على سب الله بالباطل ولقنته صورًا مجتمعه وعسيرة عن الله جل جلاله.
نحن معشر المسيحيين لا نكل ولا نمل من الشكوى بأن العالم يضطهدنا لأننا مسيحيين، هذه الشكوى دليل على عدم إيماننا وعدم معرفتنا بهذا التعليم الذي حذرنا منه يسوع وإخبرنا بكل وضوح أنه فقط بقدرته هو ونعمته هو نستطيع أن نواجه هذه الإضطهادات وهذا الجحود من العالم.
لقد ظل المسيحيون حوالى ثلاثمائة عامًا يحاربون الوحوش والدبابات بصدور مفتوحة وانتصروا عليهم بقوة إيمانهم بقيامة يسوع المسيح، لقد قدمهم الأباطرة الرومان طعامًا للوحوش أملًا في أن يقضوا على “اسطورة الايمان بيسوع القائم من بين الأموات” ولكن دمائهم التي روت ساحات روما والأسكندرية وانطاكيا اثمرت مائة ضعف واعترف الوثنيون واليهود أنهم ما رأوا قط مثل هذا الايمان بشخص آخر مثل يسوع المسيح، وبفضل هذا الاستشهاد عظمت الكنيسة وكبرت وانتشرت في مثلث العواصم الوثنية روما والاسكندرية وأثينا.
نعم، لقد خصب دم الشهداء الاراضي الوثنية فطرحت ثمارًا كثيرة نذكر منها ترتليانس واغسطينوس الذين دخلا إلى المسيحية بفضل مشاهدتهم للمسيحيين وهم يصارعون الأسود في حلبات الطلوسيوم الرومانية فقررا إعتناق دين هؤلاء الشهداء.
لقد آمن هؤلاء الشهداء بكلام السيد المسيح : “وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ” (يو 16: 33)
[1] حسب الترجمة اليسوعية للكتاب المقدس