stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

لقد أسلمه كهنتنا ليُصلب – الأب وليم سيدهم

597views

المرارة تعتصر قلب تلميذي عماوس، لقد عاشا مع يسوع الناصري على أمل أن يضم دولة إسرائيل ويملك عليها على غرار ما فعل الملك داود جده إلا أنه خزلهم، لقد سلّم نفسه ضحية لرؤساء الكهنة وظهر ضعفه وعدم قدرته على مصارعة رجال الدين في عصره.

إن موقف تلميذي عماوس هو موقف التلاميذ أنفسهم الإثنى عشر هو موقف التلاميذ أنفسهم الأثنى عشر الذين إصطفاهم المسيح ليكونوا خاصته وتلاميذه ليكملوا رسالته فيما بعد ولكنه فاجأ التلاميذ بأن معلمهم حكم عليه كمجرم من قبل رؤساء الدين في ذلك العصر.

إن قيامة المسيح أعثرت جميع مريديه والمؤمنين به، نعم كانوا منتظرين من هذا الرجل –ابن الله- أنه سينتصر على أعدائه مثلما حدث مع داود وسليمان وبقية ملوك اسرائيل إلا أن إنتصار المسيح كان إنتصارًا يختلف تمامًا عما كان يتوقعه معاصروه ومريدوه.

لقد إنتصر أولًا حينما أبى أن يستخدم قوة لاهوته لكي ينزل من على الصليب خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا(مت 27: 42) وانتصر عليه أعداءه بأن بلغوا به حدود الحياة البشرية وهو الموت، وعلى عكس سقراط الفيلسوف الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد وقبل أن يموت بحريته بجرعة من السم دفاعًا عن مبادئه في العدالة، فإن يسوع يتجرع كأس الألم حبًا فينا وفي كل البشر الذين كانوا خاضعين لشريعة وناموس موسى.

وإن كان سقراط كان له مريدون وتلاميذ حاولوا أن يثنوه عن تجرع السم، فإن تلاميذ يسوع حاولوا أن يثنوه عن قبول الموت فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلًا: «حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هذَا!»” (مت 16: 22 (ولكن يسوع قال لبطرس:  اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ! أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي، لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا للهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».” (مت 16: 23( لم يكن بطرس يفهم كل الإشارات التي عملها يسوع قبل تسليمه للموت، من إقامة العشاء السري إلى الإضطراب الشديد الذي عاشه في بستان الزيتون وحده رغم نوم تلاميذه، كذلك النبوءة بتسليمه من واحد من تلاميذه والتنبؤ بانكار بطرس له ثلاث مرات وهروب التلاميذ من مشهد الصليب.

إن الجريمة التي أقدم عليها رؤساء الكهنة تعلن لنا بما لا يترك مجالًا للشك عن إنقسام رهيب في المجتمع اليهودي فسدت فيه الرأس التي تتحكم في مصير الملايين من المؤمنين ومن جهة أخرى الخزي والعار لكل من كانت له علاقة بالمسيح الذي ولَّد فيهم آمالًا كبارًا في إعادة المُلك إلى اسرائيل.

هذه الجريمة ستفتح الطريق عن ما قبل الصلب والموت ليسوع وما بعد الصلب من قيامة وانتصار على الموت وحيرة كبيرة بين مريديه وتلاميذه، توالت ظهورات المائت على الصليب لتلاميذه والنسوة اللاتي كن قريبًا منه، شيعة جديدة ظهرت صغيرة ولكنها ستصبح الوريث الشرعي لطغمة رجال الدين الذين اعتبروا يسوع مارقًا على دياناتهم ويستحق القتل.

إننا لا يمكن أن نفهم سر محبة الله الذي ظهر في كل الأحداث التي كان المسيح مركزها بصفته المرسل من الآب لخلاص البشرية الضالة والمصرة على الخطأ والخطية، ورغم كل المقدسات التي توحي بالخير والشفاء والحرية لسكان أورشليم والجليل إلا أن نتائج ثلاث سنوات من البشارة لم تضع رؤساء الدين بأن هذا الآتي هو ابن الله، بل اعتبر ابن الشيطان «بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ».” (لو 11: 15(

وهكذا نصل إلى حدث القيامة ببطئ شديد وتغيير جذري يطرأ على بطرس وفيلبس ويوحنا يحولهم من تابعين غير فاهمين إلى رسل ومبشرين بالصليب نفسه وبالقيامة، وينتقل التلاميذ هكذا من حزن الموت وفشل إقامة مملكة اسرائيل إلى فرح القيامة ومملكة الله التي بدأت تأخذ قوامها على الأرض.