على أنهار بابل جلسنا نبكي – الأب وليم سيدهم
أصبح السبي البابلي نموذجًا لكل اللاجئين والمطرودين من بلادهم، هؤلاء الشعوب المغلوبة على أمرها التي غالبًا ما تقع ضحايا طمع ملوكها ورؤسائها بالإضافة إلى غطرسة القوة للقوى العُظمى في كل العصور.
لقد ذاق المرنم مرارة الإنفصال بينهم وبين هيكل أورشليم، مسكن الله، ومركز قوتهم الدينية، لقد دمر نبوخذ نصر أورشليم كما دمر هيكلها لأنها رفضت أن تسجد له بصفته إله، ولكن تاريخ الشعب اليهودي مع الله تاريخ ملطخ بالعار، لقد قسّوا قلوبهم وبعد أن دخلوا أرض الميعاد فلسطين تتميمًا لوعد الله لإبراهيم، انحرف الملوك الإسرائيليون ومالوا للألهة الغريبة. وعاد المرنم يسجل في المزمور 136 مشاعر الحزن والأسى، نحن نحزن حينما نترك قريتنا أو مدينتنا لكي نقوم بعملنا بحسب القوانين المعمول بها، نحزن على أيام الطفولة ومغامرتنا في الأرض التي ولدنا عليها وكبرنا وكبرت معنا زكريات الفرح والمغامرة اللطيفة والكنيسة التي كانت تشهد على علاقاتنا الحميمية مع الله.
اليوم، يوجد 70 مليون لاجئًا من جميع أنحاء العالم –حسب احصائيات الأمم المتحدة- كل واحد من هؤلاء يعيش نفس مأساة السبي والطرد التي عاشها الشعب اليهودي في بابل وفيما يخصنا من العراق وسوريا وليبيا ولبنان والسودان وغيرها كثير من الدول، يعيش ضحايا الحروب نفس المأساة بكامل آلامها ومآسيها. فيتذكر هؤلاء اللاجئون أيام كانت الحياة تضحك لهم في العراق على نعر الفرات ونهر دجلة وفي سوريا يبكون على غياب نهر العاصي ومن مصر يتشوقون لرؤية نهر النيل وشراع السفن تتهادى على صفحة النهر.
نعم، نحن نبكي كل مرة تذكرنا فيها هذه الفترات التي كانت حياتنا فيه مختطفة بين أيدي الأقوياء ذوي السلطان علينا، المتحكمين في كامل حريتنا حينما استعبدنا لقُوى غريبة أرادت أن تؤذينا لصالح أهوائها وأحلامها الكابوسية.
حينما نتأمل اللحظات التي قد تكون راودتنا في أن نتحكم في مصير الآخرين إنتقامًا وتجبرًا وعقابًا بدلًا من الغفران والتوبة إلى الله.
نعم، على أنهار الشرق الأوسط مجتمعة نجلس لنبكي اليوم على تدهور ثقافتنا وحضارتنا، تدهور كنائسنا وطردنا من أرض أجدادنا التي رووها بعرقهم ودمائهم في العراق وفي سوريا.
نحن نبكي على القدس وعلى سيناء وعلى طرابلس الغرب وعلى مقاديشو وعلى دمشق وبيروت، هذه العواصم التي مازالت تخضع للإبتزاز الصهيوني والتهويد الصهيوأمريكي. إنهم يدّعون أنهم مكلفون من الله بالسيطرة على شعوب الأرض قاطبة. مثلهم مثل الداعشيين، وأخطر لأنهم يتبعون أسلوب النفس الطويل كي يحققوا مرة واحدة وإلى الأبد السيطرة الكاملة على بني البشر من الشرق الأوسط حتى الشرق الأقصى في الصين ، من كيب تاون حتى القطب المتجمد الشمالي.
يارب ترأف علينا، انفخ في وجوهنا، عظم خيالنا وعقولنا حتى نقف سدًا منيعًا أمام هذه الإذعانات المريضة.