إن الآب نفسه يحبكم – الأب وليم سيدهم
نعم إن الآب نفسه يحبنا، يؤكد السيد المسيح على الحقيقة الساطعة مرارًا ومرارًا لتلاميذه في إنجيل يوحنا خاصة. نحن نرسم علامة الصليب على جباهنا في اليوم مرات كثيرة فنقول باسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين، هذه العادة المسيحية البسيطة تجعلنا نعيش ونتنفس مع الثالوث الأقدس. ولكن كيف يحبنا الآب في حياتنا اليومية أيضًا؟ يكفي أن نتذكر أول جملة في سفر التكوين حيث خلق الله بكلمته العالم وكان في بدء الخليقة روح الله يرفرف فوق المياه.
إن المحبة المتبادلة بين الآب والابن وبينهما الروح القدس تؤكد لنا أن ثلاثية الحب المتبادل بين الأقانيم الثلاثة أفاضت علينا ومازالت تفيض على البشرية والعالم هذا الحب الذي يمتاز بأنه “عطية مجانية” من الثالوث الأقدس.
ونحن نصرخ مع القديس بولس قائلين: “مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟” (رو 8: 35) لا لن يفصلنا عن محبة المسيح شيء، وها هو القديس يوحنا في رسالته يقول: “نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلًا.” (1 يو 4: 19)، ثم يقول الأنجيل: “لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ.” (يو 15: 13) ويؤكد القديس بولس في نشيده المشهور في الرسالة إلى أهل كورنثوس: “اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا” 1) كو 13: 8(
إن محبة الآب بكاملها كشفها لنا الإبن يسوع المسيح وعلمنا أن صلاتنا لا يمكن أن تبدأ إلا برفع ايدينا إلى الآب قائلين : “أبانا الذي في السموات، ليتقدس اسمك لتكن مشيئتك”، هذه العلاقة الفريدة والممتدة بين الآب وبيننا نحن البشر تتلخص في آية واحدة: “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (يو 3: 16(
ويشير المسيح إلى دور الآب في كشف حقيقة شخصية المسيح إلى بطرس حينما أجاب على سؤال يسوع عمّن هو، فقال بطرس «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!».”… (مت 16: 16) وهنا يُعبر يسوع عن المحبة المزدوجة التي للآب للابن ولمن يحبهم الابن وهم نحن. قال يسوع لبطرس: “إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.” (متى 16: 17)
وهل ننسى أبسط معتقداتنا “خلقهم على صورته ومثاله” هكذا نحن منذ بداية الخليقة في قلب الآب ولما فقدنا هذه الصورة الإلهية بفعل الحية أو الشيطان أرسل الآب الابن الوحيد ليعيد لنا هذه العلاقة المبنية على الحب وحده.