أنت تبني لي بيتًا – الأب وليم سيدهم
حينما الشعب المختار في صحراء بعد عبورهم البحر الأحمر جاء الأمر لموسى أن يقيم خيمة الاجتماع فيها يلتقى اليهود بالله جلَّ جلاله وكانت مواصفات خيمة الاجتماع والأشياء الموجودة فيها (خروج 35)
ولما انتصر الشعب المختار في أورشليم عبَّر داود النبي عن رغبته في بناء بيت الله يليق به فكان رد الرب له قاطعًا: “أَنَا أَخَذْتُكَ مِنَ الْمَرْبَضِ، مِنْ وَرَاءِ الْغَنَمِ لِتَكُونَ رَئِيسًا عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ” (1 أخبار الايام 17: 7).
وحين ظهرت المسيحية في القرن الأول ظل المؤمنون الأوائل يعبدون الله في بيوتهم وفي المقابر بعيدًا عن أعين السلطات الرومانية الرسمية فقط في القرن الرابع الميلادي بعد إعتراف قسطنطين الإمبراطور بالمسيحية ديانة رسمية بدأ الناس يبنون الكنائس وقبلها تعلم اليهود من المصريين كيفية بناء المعابد والمذابح.
وحينما أخذ اليهود إلى السبي ظلوا يتحسرون على هيكل أورشليم وعلى حياتهم الطقسية وجربوا ان يعبدوا الرب في ارض غريبة.
وها نحن اليوم في مواجهة وباء كورونا نختبر علاقتنا بالله بدون ما درجنا على تسميتها بيوت الله من جوامع وكنائس ومعابد ولم يعد أمامنا إلا الصراخ إلى الله: “وَاحِدَةً سَأَلْتُ مِنَ الرَّبِّ وَإِيَّاهَا أَلْتَمِسُ: أَنْ أَسْكُنَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى جَمَالِ الرَّبِّ، وَأَتَفَرَّسَ فِي هَيْكَلِهِ.” (مز 27: 4)، نختبر اليوم ما قاله المسيح في حياته على الأرض: “أَنْ هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ».” (لو 17: 21) ، “أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟” (1 كو 3: 16)
هكذا نتعلم من جديد كيف يمكن أن نكون هياكل الروح القدس. وكيف نكتشف الله في عمق ضميرنا. وكأن النبس أرميا يحدثنا اليوم عما قاله بالأمس “أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا.” (إر 31: 33(
إلا أن ذكريات الطفولة وتذكر الاحتفالات المبهجة في معابدنا وكنائسنا مازالت عالقة في ذاكرتنا حيث تعلمنا شيئًا فشيء كيف نبحث عن الهدوء عن السلام وعن التضامن وعن الفرح في “بيت الله”
إن مشاعرنا تتضارب بين خبرتنا ببيت الله ملك السلام حيث تصفو فيه القلوب ويعم الرضى وتتصالح الأنفس وخبرتنا ببيت الله الذي ربما قد تحول إلى “مغارة للصوص” على أيدي حفنة من البشر الذين لم يتربوا على خوف الله وعلى رعايته بل وُلدوا في شوارع لا تعرف الرحمة ودخلوا معابد تركها روح الله فزاغت عيونهم وفسدت أخلاقهم ولم يدركوا الفرق بين “بيت الله” و “زريبة الحيوانات”
رحماك يا ربنا يا ملك المجد، مالك السماء والأرض وساكن المعابد الشفافة والشاهدة لحلمك وحنانك أنعم علينا بالشفاء السريع وعلى العالم كله حتى نعود فنكرمك ونهلل لك في كنائسك وجوامعك ومعابدك.