stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكتب

الولادة في الموت – بقلم الأب هنري بولاد اليسوعيّ

2.1kviews

AL Welada fi el Mawt.ai

قدّمته لكم مها سركي

لماذا نفاجأ بالموت؟ وإلى أين يذهب الإنسان بعد الموت؟

وهل تشعر بالطمأنينة والسلام تجاه ما وراء الموت؟

 

تساؤلات تُطرح علينا كلّ يوم نشهد فيه موت أحدهم. فالموت حدث غير مقبول، لأنّ بداخلنا إحساسًا قويًّا بأنّ تلك الحياة يجب أن تستمّر ويجب أن تكون أبديّة. قد تكون نظرتنا الإيمانيّة غير واضحة ولا تكفي لمنحنا هذا الشعور. فهل نستطيع أن نبرّر فضيحة الموت أمام محكمة العقل والخبرات البشريّة؟ هذه هي محاولة الكاتب من خلال هذا الكتاب.

AL_Welada_fi_el_Mawt

لا أدري هل من كاتبٍ أروع من الأبّ بولاد ليجيبنا عن أعمق تساؤلاتنا؟ وليشرح لنا معنى الموت، لدرجة أنّه يثير فينا شهوة تذوّقه! إنّه يدهشنا، يفاجئنا، يحثّنا على السعي لمشاركة أفكاره وثقافته عن سرّ الموت والحياة، وذلك من زاوية فلسفيّة فكريّة وإنسانيّة بحتة.

يشير الكاتب إلى أنّ العقيدة الإيمانيّة المسيحيّة تؤكّد حتميّة وجود حياة بعد الموت، ويفسّر هذه العقيدة أمام محكمة العقل والخبرات البشريّة ويحاول توضيح إيماننا لغير المؤمن. ويقدّم مجموعة براهين تؤكّد عقليًّا إمكانيّة بل حتميّة وجود حياة بعد الموت، وأنّ لحياتنا هدفًا وسنصل إليه، وهذا ما نسمّيه الرجاء. فالحياة مسيرة ولها غاية، ولا بدّ للحياة التي استمرّت ملايين السنين من أن تكون مشدودة للأمام بهدف مستقبليّ حتميّ. وهل من المعقول أن ينتهي العالم الذي يقدّر عمره بـ 15 مليار سنة إلى الفناء؟ (راجع كتاب ثانية قبل بدء الكون للأب سامي حلّاق اليسوعيّ).

لقد أوجز الكاتب الأسباب التي يموت من أجلها الإنسان، مؤكّدًا أنّ العدم ليس هو النهاية وأنّ الموت ارتقاء، والقيامة ولادة ثانية لكيانٍ يصل من خلالها إلى أرقى مستويات الوعي. فإذا كان للحياة هدف فالموت ليس هدفها وغايتها، لأنّه لو كان كذلك لأصبحت الحياة سخفًا غير مقبول.

ويعطي الكاتب إجابة شافية على سؤالٍ يتبادر إلى أذهاننا مرارًا: بأيّ جسد نقوم؟ هل بجسدنا لحظة الموت أم بجسدنا في ذروة شبابنا؟ يشبّه الكاتب الإنسان بصورة بذرة تُدفَن في الأرض حتّى تحيا وتنبت ثانيةً. وشتّان ما بين البذرة والشجرة التي تخرج منها. هكذا نحن الآن على شكل بذرة ستُدفن في الأرض ليخرج منها إنسان القيامة. ففي الموت يفقد الإنسان جسده الترابي الذي كان يعوق وحدته مع ذاته ومع الآخرين ومع الكون ومع الله، ليكتسب جسدًا نورانيًّا قادرًا على تنفيذ رغبات الروح، جسدًا قادرًا على الوحدة بالروح المطلق.

كما يسلّط الضوء على الدينونة، والحرّيّة، والموت من وجهة النظر الإسكاتولوجيّة. ويعطي مفهومًا جديدًا للدينونة، ويكشف لنا عن رؤى طالما كانت غامضة ومثيرة للتساؤل. ويستنتج أنّ اختيارات الإنسان هي التي تحدّد أبديّته. فالأبديّة هي ما نعيشه الآن؛ ليس هناك سماء ولا فردوس ولا جحيم ولا جهنّم ولا مطهر فوق! كلّ هذا بداخلنا والملكوت ليس حقيقة بعيدة في عالم آخر أو كوكب آخر فهو حقيقة باطنيّة.

ويحاول حلّ معادلة لاهوتيّة صعبة وهي المعادلة بين العدل والرحمة وكيف يتفّقا ويلتقيا! إنّهما سرّ الأبديّة ويشكّلان علامة استفهام كبرى أمامنا، وعلينا أن لا نتطرّف في رؤية أحدهما فننسى الآخر. فالدينونة هي مواجهة بين الإنسان والحبّ الإلهيّ. فهو إمّا أن يختار الحبّ وينفتح للأبديّة أو يختار الأنانيّة وينغلق على ذاته وينفصل عن الله، وهذا هو قمّة الجحيم. فالحبّ هو الأبديّة. فإذا كنا نعيش الحبّ في حياتنا فإننا سنعيشه أكثر فأكثر في أبديّتنا ومع ذلك، تبقى كلّ تصوّراتنا ناقصة ولا يمكن أن ندركها حتّى نعاينها.

ويعطي الأب بولاد رجاء لإنسان اليوم من خلال إجابته عن تساؤلات عدّة تشوبها الحيرة والغموض. كتاب غنيّ بأفكار ومفاهيم جديدة تصحّح معتقداتنا وتصوّراتنا الخاطئة السائدة، وتجعلنا نشتاق ونتوق لتذوّق الأبديّة، حياة الحبّ والوحدة وإعلان الملكوت.

فعلى الرغم من أنّ الموت مرغوب ومرهوب في الآن نفسه. فإنّ له فضلًا علينا؟ أجل له فضل، فلولاه لما تعلّقنا بالحياة وأحبّبنا الاستمرار والتمتّع فيها رغم المصاعب التي نعاني منها.

إقليم الشرق الأوسط