البابا فرنسيس يصلّي من أجل السلام في العراق وغزة
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود من المؤمنين غصت بهم ساحة القديس بطرس ووجه نداء قال فيه: إن الأخبار التي تصلنا من العراق تتركنا مذعورين وتثير فينا الارتياب: آلاف الأشخاص، ومن بينهم العديد من المسيحيين، طردوا من منازلهم بطريقة وحشيّة، أطفال يموتون من العطش والجوع أثناء الهرب، نساء تُختطف، أشخاص يقتلون، عنف من كل نوع، دمار في كل مكان، دمار بيوت ودمار إرث ديني وتاريخي وثقافي. هذا كلّه يهين الله والبشريّة. وبالتالي لا ينبغي حمل الكراهية باسم الله! ولا شنُّ حرب باسم الله! لنفكّر جميعًا بهؤلاء الأشخاص وبحالتهم ولنصمت ونصلِّ من أجلهم!
تابع الأب الأقدس يقول: أشكر جميع الذين، وبشجاعة، يحملون العون لهؤلاء الإخوة والأخوات، وأثق بأن هناك حلاً سياسيٍّا فعّالاً على مستوى دوليّ ومحليّ يمكنه أن يوقف هذه الجرائم ويعيد إرساء سيادة القانون. ولكي أؤكد قربي من هذه الشعوب العزيزة فقد عيّنت موفدي الشخصي في العراق الكاردينال فرناندو فيلوني والذي سينطلق غدًا الاثنين. وأضاف البابا يقول: في غزة وبعد الهدنة، عادت الحرب مجدّدًا تحصد ضحايا أبرياء وأطفال… وتزيد النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين تفاقمًا. لنرفع الصلاة معًا لإله السلام، بشفاعة العذراء مريم: أعط يا رب السلام لأيامنا واجعلنا صانعي عدالة وسلام. يا مريم يا سلطانة السلام صلّي لأجلنا! كما ونصلّي أيضًا من أجل ضحايا مرض فيروس الإيبولا وجميع الذين يكافحون من أجل إيقافه. وأضاف: ابتداءً من الأربعاء المقبل وحتى الاثنين الثامن عشر من شهر آب الجاري سأقوم بزيارة رسوليّة إلى كوريا، أسألكم أن ترافقوني بالصلاة!
هذا وكان الأب الأقدس قد ألقى كلمة استهلها بالقول: يقدم لنا إنجيل اليوم حدث يسوع الذي يسير على مياه البحيرة (راجع متى 14، 22- 33). فبعد تكثير الخبز والسمك، دعا يسوع تلاميذه ليَركَبوا السَّفينَةَ، وَيَتَقَدَّموهُ إِلى الشَّاطِئِ المُقابِل، حتَّى يَصرِفَ الجُموع، ولمَّا صرَفَهم صَعِدَ الجَبَلَ لِيُصَلِّيَ حتى المساء. في تلك الأثناء هبّت عاصفة قويّة على البحيرة، وفي وسط العاصفة جاء يسوع إلى تلاميذه في السفينة ماشيًا على البحر. فلَمَّا رآه التَّلاميذُ ماشِيًا على البَحْر، اِضطَرَبوا وقالوا: “هذا خَيَال!” واستَولى عَليهِم الخَوفِ فَصَرَخوا. فبادَرهم يسوعُ بِقَولِه مُطمئنًا: “ثِقوا. أَنا هو، لا تَخافوا!”. لكن بطرس باندفاعه المعتاد، سأل يسوع كمن يطلب برهانًا: “يا رَبِّ، إِن كُنتَ إِيَّاه، فمُرني أَن آتِيَ نَحوَك على الماء”. فقالَ لَه: “تَعالَ!” فنَزَلَ بُطرُسُ مِنَ السَّفينَةِ ومَشى على الماءِ آتِيًا إِلى يسوع. ولكِنَّه خافَ عندَما رأَى شِدَّةَ الرِّيح، فَأَخَذَ يَغرَق، فصَرَخ: “يا رَبّ، نَجِّني!” فمَدَّ يسوعُ يَدَه لِوَقْتِه وأَمسكَه.
تابع البابا فرنسيس يقول: يشكل هذا الحدث أيقونة جميلة لإيمان القديس بطرس الرسول. فبصوت يسوع الذي يقول له “تعال” عرف بطرس صدى اللقاء الأول عند شاطئ البحيرة عينها، وللحال ترك السفينة واتجه نحو المعلم، مرّة أخرى، ومشى على المياه! فالجواب الواثق على دعوة الرب لنا يجعلنا نقوم بأمور عظيمة على الدوام! ويسوع يقول لنا أنه بإمكاننا أن نصنع العجائب بواسطة إيماننا، بإيماننا به وبكلمته، بإيماننا بصوته! لكن بطرس بدأ يغرق عندما أمال بنظره عن يسوع وسمح للخوف بأن يستولي عليه. لكن الرب حاضر على الدوام، وعندما دعاه بطرس، جاء إليه يسوع وخلّصه من الخطر. في شخصيّة بطرس، باندفاعه وضعفه، نجد وصفًا لإيماننا الضعيف والفقير والقلق والمنتصر بالرغم من ذلك، فالإيمان المسيحي يسير للقاء الرب القائم من الموت في وسط عواصف وأخطار العالم.
أضاف الأب الأقدس يقول: من الأهمية بمكان أيضًا المشهد الأخير الذي يقدمه لنا الإنجيل: “ولمَّا رَكِبا السَّفينةَ، سَكَنَتِ الرِّيح، فسجَدَ لَه الَّذينَ كَانوا في السَّفينةِ وقالوا: “أَنتَ ابنُ اللهِ حَقًّا!” على متن السفينة كان التلاميذ بأجمعهم، تجمعهم خبرة الضعف والشك والخوف و”قلّة الإيمان”. ولكن عندما ركب يسوع السفينة، تغيير الوضع للحال: شعر الجميع بأنهم متحدون بالإيمان به. وفي تلك اللحظة أصبح هؤلاء الصغار الخائفين كبارًا فسجدوا واعترفوا بأن معلمهم هو ابن الله. كم من مرة نعيش نحن أيضًا الحالة عينها… بدون يسوع وبعيدين عنه نشعر بالخوف ونعتقد بأننا لن نتمكن من النجاح: ينقصنا الإيمان! لكن يسوع معنا على الدوام، قد يختبئ أحيانًا ولكنه حاضر ومستعد ليعضدنا.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول: هذه هي صورة فعالة للكنيسة: سفينة ينبغي عليها أن تواجه العواصف وقد يبدو أحيانًا أنها تغرق. ولكن ما يخلّصها ليست مزايا وشجاعة أعضائها، إنما الإيمان الذي يسمح لنا بالسير حتى في الظلمة وفي وسط الصعوبات. فالإيمان يعطينا الثقة بحضور يسوع الدائم بقربنا وبيده التي تمسكنا وتبعدنا عن الأخطار. جميعنا في هذه السفينة ونشعر بأمان بالرغم من محدوديتنا وضعفنا. ونكون بأمان خصوصًا عندما نعرف كيف نسجد ونعبد يسوع رب حياتنا الوحيد الذي ترشدنا إليه أمنا العذراء على الدوام.
الفاتيكان