لأن حياة المرء لا تأتيه من أمواله – الأب وليم سيدهم
إن الحياة عطية من الله، وهي عطية مجانية متاحة لجميع البشر. فمصدر الحياة هو الله، الخالق. والحياة لا تُشترى بالمال. بل تعطي لمن يُحب ولمن أفاض الله عليه محبته. إن قضية إقتناء المال ليست قضية جوهرية في حياة الإنسان. ففي البدء كانت الطبيعة التي خلقها الله للإنسان. توفر للإنسان كلما يريد من مأكل وملبس ومسكن.
إن اختراع النقود في حياة البشر هو اختراع حديث، وإن كانت الممالك القديمة تصك العملات فإن المقايضة كانت ومازالت في بعض دول العالم هي الطريقة لتبادل المنافع وتبادل السلع.
إن الله يخير الإنسان بين عبادته هو جل جلاله، أم عبادة المال، فلا يمكن لأحد أن يعبد ربين، إما الله وإما المال.
المال هو وسيلة وليس هدف، الهدف الأسمى هو الحياة، ورب الحياة لا يطلب منا أن نشقى ونفتقر ونعيش على الكفاف، ولكن يقترح علينا أن نستخدم المال وسيلة لإرضاء إحتياجاتنا اليومية. الذين وضعوا الله جانبًا للتفرغ لجمع المال، كثيرًا ما يشعرون أن حياتهم متعلقة بالمال، بالتالي إذا خسروا المال، غالبا ما يموتون كمدًا. إن مرضى السرطان يتساوى فيهم الغني والفقير. إن غياب العلاج الناجح لمرضى السرطان مثلًا لن يجدي معه أن تكون مليونيرًا أو ماسح بلاط. وإذن تصح مقولة المسيح : “فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ” (لوقا 12 : 15)
إن تجربة إقتناء المال خطيرة جدًا لأن الذي أصيب بهذا الداء لن يفيده كثرة ما يقدم من هدايا ومن ملايين إلى الكنيسة أو إلى الجامع.
إن خلاص الإنسان، لا يأتيه من كثرة ماله، وإنما من انسحاقه وتواضعه وممارسة أفعال الرحمة والحب، ولا يمكن أن نشتري حب الله بالمال ولا حب الإنسان أيضًا بمال. لأن الإنسان يميز بيت ما يعطيه من فضلاته التي لا يحتاج إليها وبمن يعطي حياته ليخلص من مشاكله الروحية والمادية.
كلمة طيبة صدقة يقول إخوتنا المسلمون. فالكلمة الطيبة مثل الأرض الطيبة تؤثر في نفس الفقر والغنى. لأنها مجانية وتعبر عن حب صادق، وليس عن نفاق أو مواهنة.
إن الإعتدال واجب في استخدام “مال الظلم” وقال المسيح: “اصْنَعُوا لَكُمْ أَصْدِقَاءَ بِمَالِ الظُّلْمِ.” (لو 16: 9) أي هذا المال الذي اخترعه الانسان ليسهل معاملاته مع الآخرين. إننا نحيا بكلمة الله وليس بالخبز أو المال وحده. فالمال بدون الله مثل الرجل الذي له ساق واحدة والثانية مبتورة فإنه يصبح عاجزًا عن تأدية واجباته كما يجب. لقد عاش المسيح فقيرًا ولكنه كان أبيًا وممجدًا، كان كريمًا ومخلصًا للجميع بحنانه ورعايته وغفرانه.
يارب، خلاصنا من شيطان المال الذي يسيطر على مجامع قلوبنا أحيانًا، وإجعلنا نستخدم المال لمجدك وعزتك ولخلاصنا.