stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

أخذ يسوع يُعنف المُدن – الأب وليم سيدهم

330views

نتسائل أوقاتًا كثيرة عن الفترة التي عاشها يسوع في أورشليم فنقول لماذا لم يبشر يسوع كل سكان أورشليم من يهود وغيرهم؟ لماذا العدد الضئيل جدًا الذي آمن بالمسيح؟! منذ الفين عامًا في فلسطين؟ أليس هو ابن الله؟ أليس هو مخلص العالم؟

سؤال مشروع ومُهم، وإذا استخدمنا المقارنة بين الأديان أو مؤسس الأديان، فإننا سنجد نفس الظاهرة فالمؤسسون سواء كان بوذا أو كونفوشيوس أو براهمان أو محمد أو المسيح، جميعهم التف حولهم عدا نفر قليل، ثم بعد ذلك بدأ التبشير كل بدعوته رغم الاختلافات الجوهرية بين هذه الأديان، إلا أنها كلها كانت تدعو إلى السمو وإلى عبادة الله، مهما كانت صورتهم عن الله.

إلا أن يسوع يتميز عنها جميعًا بأنه “ابن الله” نزل من السماء وتجسد من العذراء مريم وبالتالي صعد الى السماء وننتظر مجيئه الثاني.

أما غير ذلك فهو خضع للشروط الإنسانية حينما تجسد، وبالتالي يسوع نفسه تعجب وغضب من قساوة قلوب اليهود من معاصريه وقرر أن يختار شركاء يكملون رسالته بعده.

يقول لنا الكتاب المقدس أن يسوع أخذ يُعنف المدن التي عمل فيها آيات وعجائب ولكن سكانها ظلوا على موقفهم المتجاهل لكل هذه الآيات، لذلك أنذرهم يسوع بالحساب العسير “وَأَنْتِ يَا كَفْرَنَاحُومَ الْمُرْتَفِعَةَ إِلَى السَّمَاءِ! سَتُهْبَطِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ. لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي سَدُومَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكِ لَبَقِيَتْ إِلَى الْيَوْمِ.” (مت 11: 23)

في غُمرة اليأس والغضب ينطق بالويلات تلو الويلات على اليهود الذين رغم الشفاءات والعجائب التي قام بها أمامهم لم يتغيروا ولم يتوبوا ولم يأتي للخلاص، وعلى النقيض يتحدث غلى الذين آمنوا به قائلًا: “طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ.” (مت 5: 11) إن معركة الإيمان بيسوع هي معركة مفتوحة ومستمرة طوال حياة الإنسان. لأن الإنسان عليه دائمًا أن يختار بين طريقين لا ثالث لهما. إما طريق الحياة، وإما طريق الموت.

ولما كان طريق الموت مفروش باللذات والشهوات والمغامرات المادية والمعنوية، ورَدّ على احتياجات قد تكون لخطية ولكنها مُغزية فإنها قد تستعبد إرادة الإنسان وقلبه. أما طريق الحياة فهو لذيذ ومبهر أيضًا، لكنه “ضيق” يحتاج إلى مجهود أكبر وصبر ومثابرة وشجاعة.

وعليه فإن غضب يسوع مشروع وويلاته أيضًا لأنه علّمنا ومازال يُعلمنا كل يوم أن قيمة حياتنا على الأرض قائمة في قدرتها على البلوغ بنا إلى الأبدية والجلوس إلى جانب المسيح عن يمين الله المُحب.

كم من المرات لمسنا بإيدينا وبأم أعيننا عمل الله الجميل في حياتنا وفرحنا، ولكن أمام الإغراءات المادية والمعنوية سقطنا وغرقنا في الحزن والأسى.

يارب حلمك علينا فنحن بطيئي الفهم وكثيري الخطأ.