من أنا في نظرالناس – الأب وليم سيدهم
هوية يسوع ، تحدث عنها الأنبياء وتحققت بعد مئات السنين، كثر الحديث عن المسيح المنتظر الذي سيخلص اليهود ويقودهم إلى مياه الراحة. وبعد أن ولد يسوع في بيت لحم بأورشليم، أرسلت السماء إشارات إلى بعض الأشخاص لكي يتحققوا من هذا الحدث، هذا ما توضحه لنا أناجيل الطفولة في انجيل متى وانجيل لوقا. اما عن طفولة يسوع فلم يتحدث عنها لا مرقس ولا يوحنا.
وبعد ثلاثين عامًا من العيش في الناصرة مع مريم أمه والقديس يوسف البتول، إنطلق يسوع يبشر في اليهودية والجليل بقدوم الملكوت. إلا أن التقاليد اليهودية المختلفة كانت تتلاطم كالأمواج في البحر، ذلك أن هناك شخصيات هامة في تاريخ اليهود، صارت تترد على ألسنة الساكنين في أورشليم والجليل. وكان ايليا النبي أحد هذه الشخصيات، وإرميا وداود والعبد المتألم.
أراد يسوع أن يعرف من أقرب الناس إليه ماذا يدركون عن هويته ومن خلالهم، أن يعرف رأي العامة فيه. ذلك السؤال يحيرنا دائمًا، فحتى اليوم وعلى طوال تاريخ المسيحية، ظهرت ما يسمى بالهرطقات، مثل هرطقة اعتبار يسوع خليقة أعلى بقليل من الانسان، ونرفض أن نعطيه الصفة الالهية.
ولكن بطرس ويعقوب ويوحنا سمعوا صوت الآب وهم على جبل التجلي يقول : “هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ. لَهُ اسْمَعُوا” (لو 9: 35) والقديس يوحنا المعمدان اشار إلى اثنان من تلاميذه وقال: “فحدق إلى يسوع وهو سائر وقال: (هوذا حمل الله!)” (يوحنا 1: 36) ، وشكك نثنائيل في نسب يسوع ويقول: “أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ؟” (يوحنا 1: 46) وكان للجموع التي ترافقه رأي آخر فبعد كل معجزة كان الناس يعتبرونه نبيّ.
أما الفريسيون، فبعد أن شفى يسوع المولود أعمى رفضوا أن يعترفوا بهذه المعجزة رغم حدوثها، وفي محاولتهم إقناع المولود أعمى بأن الذي شفاه رجل خاطيء، وامام إلحاحهم عليه ليعرفوا تفاصيل التفاصيل لما حدث بينه وبين يسوع، فاجأهم المولود أعمى بقوله : “قَدْ قُلْتُ لَكُمْ وَلَمْ تَسْمَعُوا. لِمَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ تَسْمَعُوا أَيْضًا؟ أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَصِيرُوا لَهُ تَلاَمِيذَ؟” (يوحنا 9: 27) فرد الفريسيون عليه ردًا قاطعًا: “أَنْتَ تِلْمِيذُ ذَاكَ، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّنَا تَلاَمِيذُ مُوسَى، نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مُوسَى كَلَّمَهُ اللهُ، وَأَمَّا هذَا فَمَا نَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ.” (يوحنا 9: 28 – 29)
هذا الجدل الواسع حول شخصية يسوع، دفعته إلى الإستفسار والتصحيح، كان رد القديس بطرس ردًا ناجعًا إذ قال ليسوع: “أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ” (متى 16: 16)