البابا فرنسيس: لننفتح على الله، إله المفاجآت
“ينبغي علينا أن ننفتح على مفاجآت الله وألا ننغلق على علامات الأزمنة” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان، وحث المؤمنين على عدم التمسُّك بأفكارهم ودعاهم للسير مع الرب والبحث الدائم عن أمور جديدة.
استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من القديس لوقا والذي نجد فيه يسوع يكلم الكتبة وعلماء الشريعة ويدعوهم قائلاً “جيل فاسد” ليتوقف في تأمّله الصباحي حول “مفاجآت الله” وقال: كان علماء الشريعة يطلبون من يسوع غالبًا أن يعطيهم علامات وكان يجيبهم بأنهم غير قادرين على رؤية “علامات الأزمنة”.
تابع الأب الأقدس يقول: لم يفهم علماء الشريعة علامات الأزمنة وبالتالي كانوا يطلبون علامة عظيمة، وبالرغم من أن يسوع قد أعطاهم هذه العلامة فيما بعد لكنهم لم يفهموا، وذلك لانغلاق قلوبهم! فهم يعيشون في نظامهم المنغلق، نظموا شرائعهم وقوانينهم بشكل مريح وواضح، ولذلك كان جميع اليهود يعلمون ما بإمكانهم فعله وما ليس بإمكانهم فعله، فكان كل شيء منظّم وكانوا يعيشون في الأمان الذي خلقوه لأنفسهم.
أضاف الحبر الأعظم يقول: بالنسبة لهم كانت تصرفات يسوع غريبة، إذ كان يذهب مع الخطأة ويأكل مع العشارين، ولذلك لم يكن يُعجبهم وكانوا يعتبرونه خطيرًا بالنسبة لعقيدتهم وشرائعهم التي وضعوها عبر السنين. وأكّد البابا أن الكتبة وعلماء الشريعة قد وضعوا هذه الشرائع حبًا بالله وليعيشوا بالأمانة له ولكنهم كانوا أشخاصًا منغلقين قد نسوا تاريخهم، نسوا أن الله هو إله الشريعة ولكنه إله المفاجآت أيضًا، لاسيما وأنه فاجأ شعبه مرات عديدة وعلى سبيل المثال عندما أخرجهم من عبودية مصر.
لكنهم لم يفهموا أن الله هو إله المفاجآت وهو في تجدد دائم، فهو لا ينكر ذاته أبدًا ولكنه يفاجئنا على الدوام. ولكنهم لم يفهموا لقد كانوا منغلقين في نظامهم وشرائعهم ويطلبون علامة من يسوع. لم يفهموا أي من العلامات التي فعلها الرب والتي كانت تُشير بأن الوقت قد حان وذلك بسبب انغلاقهم، ولأنهم نسوا أنهم شعب في مسيرة، وعندما نسير نجد دائمًا أشياء جديدة ونكتشف أمورًا لم نكن نعرفها.
تابع البابا فرنسيس يقول إن المسيرة ليست الهدف بحدِّ ذاتها، وإنما هي مسيرة نحو ظهور الله النهائي. وحياتنا هي مسيرة نحو ملء يسوع المسيح عندما سيأتي في مجيئه الثاني. يقول يسوع في إنجيل اليوم: “إِنَّ هذا الجِيلَ جيلٌ فاسِدٌ يَطلُبُ آية، ولَن يُعْطى سِوى آيةِ يُونان”، أي علامة القيامة والمجد الإسكاتولوجي الذي نسير نحوه جميعًا. وعلماء الشريعة هؤلاء كانوا منغلقين على أنفسهم وغير منفتحين على إله المفاجآت، وبالتالي لم يعرفوا المسيرة التي عليهم اختيارها ولا هذا البعد الإسكاتولوجي. ولذلك عندما قال يسوع عن نفسه في مجلس اليهود أنه ابن الله مزقوا ثيابهم وبدؤوا يتذمرون فيما بينهم قائلين إنه يجدّف، واعتبروا العلامة التي أعطاهم إياها يسوع تجديفًا ولذلك دعاهم يسوع قائلاً: “جيل فاسد”. لم يفهم علماء الشريعة هؤلاء أنه ينبغي على شرائعهم وقوانينهم التي يحبونها ويحافظون عليها أن تكون السبيل الذي سيقودهم نحو يسوع المسيح. فالشريعة التي لا تقودنا نحو المسيح وتقربنا منه هي شريعة ميتة، ولذلك وبّخهم يسوع قائلاً بأنهم منغلقين على أنفسهم وغير قادرين على فهم علامات الأزمنة، وبالتالي لا يمكنهم أن ينفتحوا على إله المفاجآت.
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: على هذا كلّه أن يجعلنا نفكّر: هل أنا شخص متعلّق بأموري وأفكاري ومنغلق على ذاتي؟ أم أنني منفتح على إله المفاجآت؟ هل أنا شخص يسير أم أنني أُراوح مكاني؟ هل أؤمن بيسوع المسيح الذي مات وقام فقط أم أنني أؤمن أن المسيرة تستمرّ قدمًا نحو ظهور الرب المجيد؟ هل أنا قادر على فهم علامات الأزمنة وعيش الأمانة لصوت الرب الذي يتجلى لي من خلالها؟ لنسأل أنفسنا هذه الأسئلة ولنطلب من الرب أن يمنحنا قلبًا يحب شريعة الرب لأنها هي الرب وإنما قلبًا يحب أيضًا مفاجآت الرب ويعرف أن الشريعة هي السبيل وليست الهدف بحد ذاتها. فالمسيرة هي التي ستحملنا للقاء يسوع المسيح النهائي حيث ستظهر علامة ابن الإنسان الكبيرة!
الفاتيكان