17 يوليو
إعداد الأب / وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني
ولد من اسرة نبيلة في مدينة روما والده يدعى اوفميانس وامه اسمها اغلانس وكانت عاقراً، وكان هذان الزوجان حزينين دائما على حرمانهما من الانجاب.
كان يتوسلان إلى الرب بالصلاة والصوم والصدقة أن يرزقهما ابناً يكون وريثاً لاموالهما بعد موتهما. استجاب الرب لهما ورزقهما غلاماً سمياه الكسيس. فربياه في الحياة المسيحية والعلوم. ولما بلغ سن الشباب خطبا له صبية من بنات الأشراف.
ولما حانت ليلة العرس كلمه الله باطناً واعلمه بأنه يريده في خدمته. وأمره أن يترك عروسه وينفصل عن أهله واصدقائه وينطلق إلى المكان الذي يريه اياه. فاطاع الكسيس الهام الله. وخرج من بيت ابويه متنكراً وتوجه إلى الميناء في ساحل البحر. فقدر له الله سفينة فركبها وسار حتى وصل الى اللاذقية. ومن هناك سار إلى مدينة الرها وسكن فيها بقرب كنيسة مريم العذراء وكان يستعطي خبز كفافه يوماً فيوماً ويقضي زمانه في الصلاة. وعاد الى موطنه فى رومه، لما توجه إلى البيت صادف في الطريق اباه ومعه خدامه.
أخذه الخادم وادخله قبة صغيرة مظلمة فسكن فيها القديس الكسيس مدة سبع عشرة سنة من دون أن يعلم به أحد. وكان يقاسي أذيات كثيرة من خدام البيت إذ كانوا يهزأون به وبحالته الفقرية وبقداسة سيرته. وكان يفرح بنظره نفسه مرزولاً في بيت أبويه حبا لله. وكان لالكسيس حرب قوية لا يقدر أن يحتملها إذ يرى أمه دائما تبكى على فقدانه وكذلك عروسه تبكى نهاراً وليلاً في البيت الذى تركها فيه ولا تريد أن تخرج منه أبداً.
وكانت هذه الحسرات تبلغ إلى مسامع الكسيس، لكن الله قواه وجعله كالصخرة وجعله يحتمل تلك الصعوبات كلها. وكان يعترف ويتناول القربان المقدس كل اسبوع وكانت حياته يقضيها في الصلاة والصوم والتقشف. فأوحى له الله بيوم موته. ولما دنا يومه اخذ قلماً وورقة وكتب فيها اسمه واسم أبيه واسم امه واسم عروسه. وطوى الورقة واطبق يده عليها منتظراً الساعة التى فيها يدعوه الله إليه.
ولما رقد في الرب سمع الناس صوتاً يقول ابحثوا عن رجل الله في بيت اوفميانس، وذهبوا الى هناك ووجدوا الكسيس الفقير مضطجعاً على الأرض فنظره ابوه فوجد في يديه ورقة ولما شرع الكاتب في قرآتها ولفظ اسم أبيه واسم أمه واسم عروسه. صرخ ابوه بصوت عظيم ورمى بنفسه على جسد ابنه قائلاً : آه يا ابني لماذا فعلت معى هكذا وتركتني في الحزن، كيف مكثت هذه السنين الكثيرة في بيتى وما عرفتك.
وخرجت امه من حجرتها تصرخ ايضا، وأيضا جاءت عروسه وانطرحت على جسده قائلة : لقد قضيت كل حياتي بالدموع والأحزان والآن اشاهدك مائتاً ياعريسي. وحملوا جسده إلى كنيسة القديس بطرس. وبقي هناك سبعة ايام. ولم ينفك عنه ابوه وامه وعروسه نهاراً وليلاً. وفي تلك الأثناء جرت كرامات كثيرة بشفاعته. وأخيراً دفنوه باحتفال عظيم في كنيسة القديس بنيفاقيوس وكان موت القديس الكسيس في اليوم السابع عشر من يوليو عام 405م. فلتكن صلاته معنا.