أما يسوع فكان نائمًا – الأب وليم سيدهم
السفينة تبحر وسط العواصف وعليها التلاميذ ولكن المُعلم نائمًا، إضطرب التلاميذ واستغربوا لموقف المعلم، إنه نائم ولا يكترث للخطر الداهم الذي كاد يحيق بالتلاميذ على السفينة.
والسؤال هو كيف ينام يسوع وسط العاصفة؟ هل هو مُتعب؟ مرهق لهذه الدرجة، طبعًا أي إنسان له طاقة على التحمل ولكن الجسد يحتاج إلى راحة، فلا غرابة أن ينام ابن الإنسان لكي يستطيع أن يكمل عمله.
أجمع التلاميذ على ضرورة إيقاظ يسوع، إنهم مهددون بخطر الموت غرقًا، ونحن نعرف أن أحدًا لايستطيع النوم لو كان خائفًا أو لديه كثيرًا من الهموم على رأسه، فالنوم سلطان ويسوع يسلك سلوك البشر جميعًا، كان المفروض أن يوحي هذا النوم للتلاميذ بالهدوء والسكينة، ولكن العكس هو الذي حدث، فالأمواج عاتية والبحر هائج والطبيعة منزعجة.
استيقظ يسوع واستغرب لقلة ايمان التلاميذ “مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟“ (مت 8: 26) على غرار ما حصل مع التلاميذ قبل معجزة تكسير الخبزحينما رأى التلاميذ أن الجموع كثيرة ولا يمكن شراء خبز لكل هذا الجمع. فإن التلاميذ لازالوا بعيدًا عن سر غور شخصية يسوع، ولكن يسوع يضعهم في مواقف صعبة وتحديات وجودية لكي يتمرسوا على الإيمان بقدرته غير العادية في حل المشاكل، ألم يقل لهم: “لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ.” (مت 17: 20)
إن الإطمئنان الذي جعل يسوع ينام في السفينة نابع من اتحاده بالآب ضابط الكل، وعلى التلاميذ أن يتعلموا أن الإتحاد بالمسيح والإيمان بهم ينتشلهم من القلق والخوف حتى من العواصف وغيرها من تهديدات الطبيعة.
هكذا نحن نعيش في الكنيسة، سفينة الخلاص وسط العواصف السياسية والإجتماعية والطبيعية، ونحن معرضون للخطر ولكن إيماننا يعطينا قوة وشجاعة وثبات وحكمة في التعامل مع هذه الأمور.
إن سلطان المسيح على الطبيعة سلّمه لنا: “هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُوِّ، وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ.” (لو 10: 19( فهو معنا إلى منتهى الدهر، إن اللحظات أو الأيام والليالي التي نشعر فيها بغياب الرب يجب أن نتعامل معها بالصبر والرجاء وليس بالقلق واليأس، مثل الشمس التي تغرب ونحن واثقين أنها تشرق في قلوبنا قبل أن تشرق في اليوم التالي على عالمنا.
لتكن معونة الله معنا إذا حلّ الظلام فتبتهج قلوبنا.