stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

أنت من تحبه نفسى .4 ” أنا أنت “

740views

‏4.‏ أنا أنت

للأب هاني باخوم

خبرة الحب جعلت من الحبيبة ترى نفسها سوداء ولكنها جميلة. الخبرة لم تبدأ هنا في النشيد ‏ولكنها بدأت منذ التكوين وستنتهي بسفر الرؤيا. ‏
أول كلمة بشرية في الكتاب المقدس هي على لسان ادم عندما يرى حواء فيقول: (( هذهِ هي ‏عَظْمٌ مِن عِظامي ولَحْمٌ مِن لَحْمي. هذه تُسَمَّى اَمرَأَةً لأَنَّها مِنِ آمرِئٍ أُخِذَت)) (تك2: 23). كلمة تعجب ‏وإعجاب من رجل إلى امرأة، كلمة حب وتعارف، وسينتهي الكتاب بسفر الرؤيا: “تقول العروس ‏لعريسها: تعال” (رو 22/ 17) سينتهي بكلمة بين تلك المرأة ورجلها، بعد أن تعرفت عليه. ‏
نعم بين هذين النصين نجد قصة تلك الحبيبة، قصتي وقصتك، ونجد صوت الحبيب يتردد في ‏كل الكتاب ويقول: “قومي يا حبيبتي وتعالي”.‏
لا ارغب تقديم تفسير لسفر نشيد الأناشيد في هذه المقالات، ولكن أتأمل في بعض صفات هذا ‏الحب. ما هو الحب حسب نشيد الأناشيد؟ ما هو هذا الذي نسعى إليه كلنا ونتوق له؟ ما هو هذا ‏الشيء الذي إذا استغوانا لا نستطيع إلا أن نترك أنفسنا تستغوى منه، واذا دعانا نلبيه؟ ‏
‏- الحب حوار. هي وهو يتكلمان ينظران لبعضهما ويبحثان عن بعضهما البعض، يناديها ‏فتلبيه، تبحث عنه فيظهر له نفسه. تتوه عنه فتجد نفسها فيه. اثنان كانوا ومع الحوار أصبحا واحدا: ‏‏”ولذلِكَ يَترُكُ الرَّجُلُ أَباه وأُمَّه ويَلزَمُ امرَأَتَه فيَصيرانِ جَسَدًا واحِدًا” (تك 2/24).. لا نستطيع فصل ‏صوتها عن صوته وكلماتها عن كلماته: (2: 8-10) صَوتُ حَبيبي. هُوَذا مقبِل حَبيبي تَكلَمَ وقالَ ‏لي: (( قومي يا خليلتي، يا جَميلَتي، وهَلُمِّي).‏
تشعر بقدومه، تسمع صوته. يكلمها لكنها هي التي تنطق بالكلمات، تسمعه قبل ان يأتي. ‏صوتها يصبح صوته. بل وتتداخل أصواتهما. يالا عمق وحدة الكيان، يالا عمق رباط الروح، الذي ‏يفوق أي اتحاد جسدي، الذي يفوق الاتفاق على الآراء، هنا نتحدث عن اتحاد كامل بين أنا وانت، ‏هذه هي خبرة الحب. نعم خبرة حب بين حبيب وحبيبة ولكن في العمق تظهر لنا معنى الحب. معنى ‏حب الله. تظهر لنا ماهي مشيئة الأب لنا ومعنا. أليس هذا الاتحاد الكامل! وما غيره يستطيع ان يشبع ‏الإنسان. أي اتحاد أخر هو رائع وجميل وممتع، صورة لهذا الحب. لذلك فالبتولية ممكنة لأنها قمة هذا ‏الاتحاد. البتولية ليست حرمان من الاتحاد بأخر، هي اختيار اتحاد مع شخص معين، مع الشخص، ‏مع الحبيب. هي حب دائم، قمة ما نجد صوره في الحب البشري. لأنها توحدنا بالحبيب، بمن تبحث ‏عنه نفسي، أليس كذلك؟
لا عجب ان يكون هذا الحب هو طبيعة الله، فالله محبة. الله الذي بدأ حوار معنا منذ البدء، ‏حوار قبل المفروض والواجبات، قبل الحق والصح والخطأ، قبل أي شيء، بدأ حوار، وفي ملء الزمان ‏أرسل لنا ابنه، الكلمة، وما هي الكلمة إلا حوار الأب معي ومعك. نعم المسيح هو حوار الأب لنا. معه ‏نتحد به، وفيه نجد معنى لأي اتحاد: انا وانت. ‏
هذا جانب من حب نشيد الأناشيد ولكن يبقى ما هو أعمق….‏
للمقالات القادمة… أيام مباركة.‏