إيمان المجوس – الأب وليم سيدهم
إن المجوس طائفة موجودة في العراق وايران ترجع جذورهم إلى آلاف السنين، هؤلاء المجوس يتحدث عنهم الكتاب المقدس خاصة في قصة الميلاد، فهم جاءوا من الشرق ليحتفلوا بميلاد يسوع المسيح ملك اليهود “رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ».” (مت 2: 2). لماذا المجوس؟
إن المجوس كانوا ومازالوا رغم قلتهم، موجودين في ايران والعراق وهم يؤمنون بالديانة الزرادشتية واشتهروا بالتنجيم ورصد حركة الكواكب، كما أنهم يقدسون الفضيلة والصدق ويعتبرون أن صراعًا يوجد بين اله الخير وبين الشر، وهم يشاركون أصحاب الديانات اليهودية والمسيحية في بعض قيمهم الدينية، ولذلك نجدهم يبحثون في زمن كان العالم كله يبحث عن الخلاص من الحروب والويلات فإكتشفوا أن اليهود قد يحظوا بمخلص ينقذ البشرية من آلامها.
هذا هو سبب حضور المجوس إلى أورشليم. ورغم أنهم استقبلوا من الملك هيرودس إلا أنهم رفضوا أن يكونوا سببًا في قتل الطفل يسوع.
لقد احتفل المجوس بمولد يسوع، وحملوا له الهدايا احترامًا وحُبًا لمجيئه على الأرض، وكما كانت العادات في هذا الزمان حمل المجوس معهم هدايا ثلاثة: ذهب ولبان ومر، وقد اجتهد المفسرون في شرح الأسباب التي من أجلها إختاروا هذه الهدايا. ما فهمنا حتى الآن، إن القصد من هذه الزيارة كما يبدو هو أن الانجيل أراد أن يثبت عالمية الخلاص الذي جاء مع يسوع، إن للوثنيين وأصحاب الديانات الأخرى ، منذ البداية نصيب في خلاص يسوع فعلى غرار رعاة بيت لحم، فإن مجوس ايران والعراق فرطوا وتجشموا مشقة المجيئ، مهتدين بنجم رأوا فيه علامة على مجيء شخصية عظيمة في اليهودية.
إن هذا الايمان يدعونا اليوم إلى أن نخجل من ضعف إيماننا واكتفائنا بالطقوس والاحتفالات المظهرية على حساب الجوهر، إن ما يطلبه يسوع ممن يتحمس ويبحث عن الخلاص، أن يفعل شيئًا يبرهن على ذلك، فمثلًا تضامن يسوع مع الفقراء وولادته في مزود يدعونا نتأمل بعمق في طريقة عيشتنا الشخصية وهل نستطيع أن نكسر الخبز للجائع مثلًا؟ هل نستطيع أن نعطي كاس ماء للعطشان؟ هل نستطيع أن نزور يسوع السجين على غرار الكثير من الاشخاص الذين نذروا أنفسهم لمثل هذه العطايا والمعونات.
لقد رفض المجوس أن يخونوا يسوع ويخونوا مهنتهم، فلم يحترموا هيرودس المجرم ولم يذهبوا ليبلغوا عن مكان يسوع، بل شاءت حكمة الله وحكمتهم أن يرجعوا إلى بلادهم وضربوا عرض الحائط بالمطلب الخبيث لهيرودس: «اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ. وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضًا وَأَسْجُدَ لَهُ».” (مت 2: 8).
يا عمانوئيل لا تتركنا وحدنا بل ظل دائمًا معنا تباركنا وتشجعنا وتضيء لنا الطريق . آمين