الآب الذي أرسلني – الأب وليم سيدهم
يتمتع انجيل يوحنا بأكثر النصوص التي تتحدث عن علاقة المسيح الإبن بالآب، وما يميز هذه النصوص إلى جانب بعض النصوص الأخرىفي اناجيل متى ومرقس ولوقا هو تقديم يسوع نفسه على أنه “مُرسل” وأنه مرسل من قِبل الآب.
يقول يسوع: “أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ” (يو 14: 10) بمعنى أنه “مساوٍ للآب في الجوهر” “انا والآب واحد” “من رآني فقد رأى الآب” ولا يمكن لأحد أن يأتي إلىَّ إلا إذا جذبه الآب، ويصلي يسوع المسيح للآب قائلًا: “أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ.” (مت 11: 25)
ماذا نفهم من حديث المسيح عن الآب؟ إنه يكشف لنا بُعدًا مُمهمًا عن الله حينما يعلم التلاميذ أن يصلوا قائلين”أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ” (لو 11: 2) ويضيف “خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا كُلَّ يَوْمٍ، وَاغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا لأَنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا نَغْفِرُ لِكُلِّ مَنْ يُذْنِبُ إِلَيْنَا” (لو 11: 3- 4)
كالأم التي تُعلم طفلها النطق مبتدءة بكلمة “بابا” و”ماما” هكذا كشف لنا يسوع المسيح الإبن المتجسد عمن يكون الله في جوهره، فهو “أب” لكل واحد منا وهو يختلف عن آبائنا الجسديين فهو أب لهما أيضًا. بالإضافة لما نعرفه عن صفات الأب والأم من حنان وحب ورعاية فإننا ندرك مع الوقت أننا لا نستطيع أن نحصل على الخلاص النهائي سوى من الله، وأننا ووالدينا وأخوتنا جميعًا لنا أب واحد هو الله خالقنا جميعًا.
وإلى جانب صفة الابوة فإننا نتعلم من سفر التكوين أن الله ليس فقط آب لكل البشر ولكن أيضًا مصدر كل الموجودات التي نعيش معها من حيوانات وطيور وأسماك وأشجار ونباتات ونجوم وشمس وقمر.
ولأن سر وجود الله منتشر في كل مناحي الطبيعة والحياة من خلال الجمال والتناسق والهارمونيا فإننا ندرك أن الله حاضر وحي فينا ومن حولنا بطريقة تفوق إدراكنا.
وإذا كان يسوع المسيح يقدم نفسه كرسول من الله فإننا نحن أيضًا لا يمكن أن ندعي أنننا أوجدنا أنفسنا وأننا نعيش بلا هدف ولا معنى، ولا يمكن أن ندرك المعنى الذي يغذي حياتنا كل يوم إلا إذاأدركنا أن هناك شخص يحبنا دعانا إلى هذا الوجود وزودنا بالعقل والقلب والحياة والوجدان كي نتفاعل مع بعض ومع بقية الكون.
إن دور يسوع المسيح هو المساندة المستمرة لمسيرتنا ورغبته في أن نشارك في بناء هذا العالم مع الله الخالق من خلال ابنه الوحيد يسوع المسيح الذي كان في حضن الآب “والذي نزل من السماء” ليأخذ بيدنا إلى طريق الخلاص وليس طريق الهلاك.
غالبًا ما ننسى في غمرة حياتنا أننا مجرد رُسل في هذا العالم تكتمل دعوتنا الإنسانية بمدى أمانتنا لمن أعطانا الحياة ودورنا بخريطة طريق إذا تتبعناها بفرح وسعادة بلغنا مقصدنا الحقيقي بالمشاركة مع اخوتنا البشر نساءًا ورجالًا. وضمنت لنا الحياة الأبدية التي ادخرها لنا الله المحب منذ الأزل.