stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

كتابية

الأمثال في الكتاب المقدس-موقع سلطانة الحبل بلا دنس

1.1kviews

– التشبيه بالتينة التي أورقت

نصُّ الإنجيل

 قالَ بعضُ التلاميذ ليسوع : إِنَّ الهيكَلَ مُزيَّنٌ بالحِجارةِ الحسَنة وتُحَفِ النذور. فأَجابَهم : ” هذا الذي تنظرونَ إِليهِ ستأْتي أَيَّامٌ لنْ يُتركَ مِنهُ حَجَرٌ على حَجَرٍ مِنْ غَيرِ أَنْ يُنقَض .” 

وضَرَبَ لَهُم مثلاً قال : ” أُنظُروا إلى التينَةِ وسائِرِ الأَشجارِ . فما إنْ تُخرِجُ براعِمَها حتَّى تعرِفوا بأَنفُسِكُم , مِنْ نظرِكُم إليها , أَنَّ الصيفَ قريب . وكذلِكَ أَنتُم إذا رأَيتُم الأُمورَ تحدُثُ , فاعلموا أَنَّ ملكوتَ اللهِ قريب . الحقَّ أَقولُ لكُم لنْ يزولَ هذا الجيلُ حتَّى يحدُثَ كُلُّ شيء . السماءُ والأَرضُ تزولانِ , وكلامي لنْ يزول .” ( لوقا21/5-6 و 29-33 ) 
الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا التشبيه

إنَّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا التشبيه تشير إلى زوال عقبةٍ كبيرة كانت تنتصب في وجه انتشار الدين المسيحي في العالم. وهذه العقبة كانت مقاومة رؤساء اليهود العنيفة لهذا الدين. وهذا التشبيه يُصاغ على النحو التالي:

كما أنَّ التينة وسائر الأشجار التي تتفتَّح براعمُها تدلُّ على دنوِّ فصل الصيف, هكذا خراب الهيكل واندحار الأمَّة اليهوديَّة تحت ضربات الوثنيين يدلاَّن على دنوِّ انتشار الدين المسيحي وازدهاره في العالم. وإليكم إيضاح هذه الفكرة.

نبوءة يسوع عن خراب الهيكل

إنَّ المناسبة التي حملت يسوع على أن يتنبّأ عن خراب هيكل أورشليم هي أنَّ التلاميذ الذين كانوا فيه معه لفتوا انتباهه إلى عظمة جدرانه المبنيَّة بالحجارة الضخمة وإلى جمال تُحف النذور التي كانت تزيِّنه. فقال لهم: “هذا الذي تنظرونَ إِليهِ ستأْتي أَيَّامٌ لا يُترَكُ مِنهُ حَجَرٌ على حَجَرٍ مِنْ غَيرِ أَنْ يُنقَض .”

ولمَّا صعِدوا جبلَ الزيتون الذي يُشرِف على الهيكل, سألَهُ تلاميذه عن الخراب الذي تنبَّأ عنه. فقال لهم: ” إِذا رأَيتُم أُورشليمَ قد أَحاطتْ بِها الجيوشُ فاعلَموا أَنَّ خرابَها قدِ اقترب .” ثمَّ وصف لهم بدقَّة هذا الخراب فقال:

– إنَّ مذبحةً هائلة ستحدث في المدينة نفسها: “فسيسقطون قَتْلى بحدِّ السيف.”

– وإنَّ الأحياء الباقين فيها سيقبض عليهم الجنود الوثنيُّون ويأخذونهم أسرى, وينقلونهم إلى بلادٍ بعيدة, ويبيعُونهم عبيداً في الأسواق : “ويُؤْخَذُونَ أَسْرى إلى جميعِ الأُمَم .”

– وإنَّ هؤلاء الجنود يطأون بأقدامهم المدينة المقدَّسة ويهدمون الهيكل الذي سينهار انهياراً تامَّاً تحت ضربات الجيوش الوثنيَّة: ” وتدوسُ أُورشليمَ أَقدامُ الوثنيينَ إلى أَنْ ينقضيَ عهدُ الوثنيينَ . فإذا رأَيتُم رجاسةَ الخراب التي تكلَّم عليها دانيالُ النَّبي قائمةً في المكانِ المقدَّس , فَلْيَفْهَمِ القارئ .” (لوقا 21/24 و متى 24/15).

وقد أكَّد يسوع وقوع هذه الكارثة تأكيداً قويَّاً, وأعلم تلاميذه بأنَّها ستحدث قبل أن يموت أبناء هذا الجيل. وقد تحقَّقت هذه النبوءة في العام 70 عندما هدم القائد الروماني طيطُس مدينة أورشليم وهيكلها العظيم, وسبى أهلها إلى بلادٍ بعيدة.

إزالة العبادات الزائفة في الهيكل وتحرير الكنيسة الناشئة

إنَّ هذه النبوءة قد أثَّرت في نفوس الرسل تأثيراً عميقاً فشعروا بالانهيار والخوف الشديد. فشدَّد يسوع عزيمتهم ودعاهم إلى نبذ الخوف. قال لهم:

” لا تخافوا. إنَّ هذه الأحداث ستكون بدء عهدٍ جديد للكنيسة الناشئة”. وضرب لهم عندئذٍ مثل التينة وسائر الأشجار التي أخرجت براعمها فقال: “متى رأيتم أنَّ التينة وسائر الأشجار قد أخرجت براعمَها علمتم أنَّ الصيف الجميل قد دنا. فكذلك, متى رأيتم أنَّ الخراب قد حلَّ بالهيكل وبالأمَّة اليهوديَّة علمتم أنَّ عهداً جديداً للكنيسة قد أقبل. فما اندحار الأمَّة اليهوديَّة وخراب هيكل أورشليم إلاَّ إزالةٌ للعبادات الزائفة القائمة فيه, وتحريرٌ للكنيسة المسيحيَّة الناشئة وازدهارُها في العالم الوثني. “

لقد كان اليهود المنتشرون آنذاك في مقاطعات آسية الصغرى وفي مدن أوروبة يعرقلون انطلاقة الكنيسة المسيحيَّة وانتشارها بشتّى الوسائل الخبيثة والعنيقة. فلمَّا حلَّ الخراب بهيكلهم وانكسرت شوكتهم وزالت هذه العقبة الكبيرة انطلقت الكنيسة المحرَّرة بجرأة تبشِّر الوثنيين في العالم الروماني بالدين المسيحي الجديد.

المسيحي هو هيكل الله الحيَ

1- كان هيكل أورشليم في زمن يسوع مقرَّ الشعارات الدينيَّة اليهوديَّة الزائفة. لقد أحاطه رؤساء اليهود بعنايةٍ فائقة, وزيَّنوه بتحفٍ جميلة, وهدفهم تحقيق مكاسب أرضيَّة صرفة من مالٍ وجاهٍ وسلطة.

ولم يرضَ الله عن طمعهم وتصرُّفهم القبيح هذا, فسمح للوثنيين بأن يطأوا مدينة أورشليم, ويهدموا الهيكل, ويزيلوا كُلَّ مظاهر الرياء والخداع والكَذِب والطمع التي كانت منتشرةً فيه.

2- إنَّ هذا الحادث التاريخيَّ القديم يُطبَّق على كلِّ مسيحيٍّ في كلِّ زمان. فالمسيحي هيكلُ الله. قال بولس الرسول للمسيحيين: ” أَما تعلمونَ أَنَّكُم هيكَلُ اللهِ وأَنَّ روحَ اللهِ حالٌّ فيكُم ؟ ” (1 قورنتس
3/16 ) 

فإذا استسلم المسيحي, على مثال رؤساء اليهود المرائين المنافقين, إلى سلوك حياةٍ دينيَّة كاذبة, واكتفى بالمظاهر الخارجيَّة, وأعرض عن الإيمان الحيّ والأخلاق السليمة, عرَّض نفسه للعقاب الشديد. 

فكما هدم الله هيكل أورشليم لأنَّه لم يعُدْ يرفع إليه التسبيح اللائق بمقامه الإلهي, فكذلك يهدم الله هيكل كلِّ انسانٍ مسيحي لا يسبِّح الله تسبيحاً لائقاً به تعالى ولا يسلك سلوك حياةٍ تتَّصف بالتقوى والعبادة الحقَّة.

التطبيق العملي

لا تقلْ: ” أنا مسيحي, وأنا موضوع محبَّة الله.” 

إنَّ الله لا يُحبُّ إلاَّ أصحاب التقوى الذين يحيون حياة القداسة, ولا يرتكبون الشرَّ والإثم, ولا يستسلمون إلى الرياء لإخفاء خطاياهم, 

بل كُنْ صاحب تقوى صحيحة وحُبٍّ صادق ليسوع. 

وتجنَّبِ الخطيئة لتبقى هيكلاً حيَّاً ومقرَّاً مقدَّساً يسكن فيه الله تعالى. 

قال يسوع: ” إِذا أَحَبَّني أَحَدٌ حَفِظَ كلامي , فأَحَبَّهُ أَبي , ونأْتي إِليهِ , فنجعَلُ عِندَهُ مُقامَنا .”(يوحنا 14/23)