stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكنيسة الكاثوليكية بمصرروحية ورعويةكنيسة الأقباط الكاثوليكموضوعات

الأنبا بطرس فهيم مطران ايبارشية المنيا (( ليه الناس تعبانة؟ ))

908views

“الناس تعبانة” دي ظاهرة عالمية وتاريخية.
من بعد دخول الخطيئة في العالم على يد الحية، مع الأسرة الأولى في البشرية (آدم وحواء)، اختبر البشر التعب. فما أظن أنه كان يوما من الأيام وفي أي مكان من الكرة الأرضية، حين سئل الإنسان عن أحوال وقال انه سعيد ومرتاح. مهما كان موقع هذا الإنسان ومهما كان مركزه الاجتماعي أو وضعه الاقتصادي.

فكل الناس في كل مكان وفي كل زمان تعبانة: هناك من هو تعبان من المرض، ومن هو تعبان من القلق، ومن هو تعبان من الخوف، ومن هو تعبان من العمل، ومن هو تعبان من قلة العمل. ومن هو تعبان من الزواج، ومن هو تعبان لأنه لم يتزوج. ومن هو تعبان بسبب الأولاد، ومن هو تعبان لأنه لم ينجب أولادا. وهناك من هو تعبان لأنه خائف وقلق بسبب تامين واستثمار أمواله، ومن هو تعبان لأنه لا يملك المال أصلا. هناك أسباب متعددة للتعب منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو اجتماعي ومنها ما هو صحي ومنها ما هو نفسي ومنها ما هو روحي … تعددت الأسباب والتعب واحد. في نهاية الأمر الكل تعبان وكل واحد يحسد الآخرين على وضعهم وظروفهم، ولا أحد يرضى بحاله.

ترى لماذا كل هذا التعب؟ وهل هناك في الدنيا والحياة ما يستحق كل هذا التعب؟

الأمر يستحق التفكير والتأمل. لماذا كل هذا التعب؟ نتعب طول الوقت في عملية جري متواصل لكي نجمع الثروة، وحين تُجمع الثروة، لمن يستطيع أن يجمعها أساسا، لا يستطيع أن يستمتع بها فقد ضاع الوقت وليس له من الصحة ولا الشهية ليتمتع بما جمع، ويقضي الباقي من عمره يندم انه لم يتمتع بثروته في شبابه. وهناك من له الثروة وليس له الصحة وهناك من له الصحة وليس له الثروة. خلينا نقول بالعامية: فيه ناس تاعبها قلبها، وفيه ناس تاعبها عقلها، وفيه ناس تاعبها جسمها، وفيه ناس تاعبها ضميرها، وفيه ناس تعباها نفسيتها.

لمن يفكر لا شيء دائم فكل شيء زائل، ودوام الحال من المحال. لنتعلم إذا أن نستقبل كل شيء من يد الله بشكر ونجتهد أن نعمل ما علينا عمله بكل جد وسخاء ولا نوفر جهدا أو فكرا لننمي حياتنا ومواردنا ونستثمر ما أعطانا الله من إمكانيات ومواهب، ثم بعد ذلك نترك الأمر بثقة بين يدي الله ونعتمد على عنايته الإلهية، ونعيش بلا هم فالكتاب يقول “لا تكونوا في هم بسبب الغد، فالغد يهتم بنفسه، يكفي كل يوم شره” (مت 6 : 24). الثقة في الله الآب الرحيم الذي يعلم احتياجاتنا قبل أن نسأله يعطينا سلام القلب. فكما يقول الكتاب: “متي سلَّمنا صرنا نُحمل” ) أعمال 27 : 15).

وبالبلدي كده فيه ناس تعبانة لان فيه أمور فعلا تتعب وتقلق. وفيه ناس تعبانة لأنها شاغلة نفسها بمشاكل غيرها. وفيه ناس تعبانة ومشاكلها متستاهلش كل الهم اللي هما شايلينه. وفيه ناس تعبانة لأنها بتوقف على الواحدة ومش بتفوت حاجة. وفيه ناس تعبانة لأنها تعبانة وفيه ناس تعبانة لأنها غلبانة وملهاش حيلة.

اقولك كلمة ومفيش غيرها ياعم، اعمل اللي عليك وخلي الباقي على الله. وثق ان الله موجود وبيحبك وان انت ابنه اللي مش ممكن يهون عليه ففي كل ازمة هو بيظهر حضوره وعنايته وابوته. وتأكد أن مفيش حاجة هتكون ضرورية لخلاصك وسعادتك إلا ما هيدبرهالك ولو محصلتش عليها يبقى مكنتش ومش هتكون ضرورية. بالايمان ده ممكن تعيش مرتاح، وكل المحاولات انك تحسن وضعك دي علشان تكبرك، وتعلمك ترتب الأولويات في حياتك. فمفيش حاجة في حياتك بالصدفة. انتبه لكل شيء، ولكل شخص واتعلم، وانت هتكون كويس. وحتى تعبك هيكون ليه قيمة، وهيقل. وقلبك هيكون في سلام، اتمناه ليك دائم وسائد فائض. لان السلام دايما من الله. ولكن الهم والغم والنكد فده من عدو الخير، اللي عايز ينكد عليك علطول ويقلب كل شيء في حياتك، ويخليك دايما تعبان وغضبان من نفسك، ومن الظروف، ومن الدنيا كلها، ومن ربنا نفسه. خليك اذكى منه وافرح واتبسط وارضى حتى بأبسط الأشياء. وربنا يكون معاك، وان شكرته زادك، وإن تبعته فادك، وإن أطعته أسعدك وأرضاك.

++ جوزيف مكرم …. المنسق الأعلامى لأيبارشية المنيا ++