الأنجيل اليومى لكنيسة الروم الملكيين 17 يناير/كانون الثانى 2019
تذكار أبينا البار اللابس الله أنطونيوس الكبير
إنجيل القدّيس لوقا 23-17:6
في ذَلِكَ ٱلزَّمان، وَقَفَ يَسوعُ في مَوضِعٍ سَهلٍ، هُوَ وَجَمعٌ مِن تَلاميذِهِ، وَجُمهورٌ كَبيرٌ مِنَ ٱلشَّعبِ، مِن كُلِّ ٱليَهودِيَّةِ وَأورَشَليمَ وَساحِلِ صورَ وَصَيدا، ٱلَّذينَ جاؤوا لِيَستَمِعوهُ وَيُبرَأوا مِن أَمراضِهِم،
وَٱلَّذينَ تُعَذِّبُهُمُ ٱلأَرواحُ ٱلنَّجِسَة. وَكانوا يُشفَون.
وَكانَ ٱلجَمعُ كُلُّهُ يَطلُبونَ أَن يَلمُسوهُ، لِأَنَّ قُدرَةً كانَت تَخرُجُ مِنهُ وَتُبرِئُ ٱلجَميع.
وَرَفَعَ عَينَيهِ إِلى تَلاميذِهِ وَقال: «طوبى لَكُم أَيُّها ٱلمَساكينُ، فَإِنَّ لَكُم مَلَكوتَ ٱلله.
طوبى لَكُم أَيُّها ٱلجِياعُ ٱلآنَ، فَإِنَّكُم سَتُشبَعون. طوبى لَكُم أَيُّها ٱلباكونَ ٱلآنَ، فَإِنَّكُم سَتَضحَكون.
طوبى لَكُم إِذا أَبغَضَكُمُ ٱلنّاسُ، وَإِذا نَفَوكُم وَعَيَّروكُم، وَنَبَذوا ٱسمَكُم نَبذَ شِرّيرٍ مِن أَجلِ ٱبنِ ٱلإِنسان.
إِفرَحوا في ذَلِكَ ٱليَومِ وَتَهَلَّلوا، فَهُوَذا أَجرُكُم عَظيمٌ في ٱلسَّماء».
شرح لإنجيل اليوم :
القدّيس أوغسطينُس (354 – 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة
العظة 53
«فإِنَّهم يُشاهِدونَ الله»
نُريد أن نشاهد الله ونحن نسعى إلى مشاهدته، ونتطلّع بحرارة إلى مشاهدته. فمن لا تغلبه هذه الرغبة؟ ولكن أنظر ماذا يقول الإنجيل، “طوبى لأَطهارِ القُلوب فإِنَّهم يُشاهِدونَ الله”. اِسعَ إذًا إلى مشاهدته. فلكي تقوم بمقارنة بين الحقائق المادية، كيف تريد أن تتأمل الشمس الشارقة بعينين مريضتين؟ وإذا كانت عيناك صحيحتين فإن هذا النور سيكون ملذّةً لك. أما إذا كانت عيناك سقيمتين فالنور سيكون عذابًا لك. والحق أنه لن يُسمح لك أن تنظر بقلبٍ غير طاهرٍ إلى ما لا تستطيع مشاهدته سوى بقلبٍ طاهرٍ نقيّ. بل سيتم إقصاؤك وإبعادُك عنه ولن تشاهد.
فكم من المرات أعلن الربّ الطّوبى للبشر؟ وكم عدَّد من دواعي السعادة الأبدية، والأعمال الحسنة، والمواهب والمكافآت؟ إن أي “طوبى” أخرى لا تؤكد “إِنَّهم يُشاهِدونَ الله”، إنما تُعلن التّطويبات الأخرى ما يلي: “طوبى لِفُقراءِ الرُّوح فإِنَّ لَهم مَلكوتَ السَّمَوات. طوبى لِلوُدَعاء فإِنَّهم يرِثونَ الأَرض. طوبى لِلْمَحزُونين، فإِنَّهم يُعَزَّون. طوبى لِلْجياعِ والعِطاشِ إِلى البِرّ فإِنَّهم يُشبَعون. طوبى لِلرُّحَماء، فإِنَّهم يُرْحَمون”. فليس هناك إذًا أيٌّ من التّطويبات الأخرى تؤكّد “إِنَّهم يُشاهِدونَ الله.”
إن مشاهدة الربّ وعدٌ مُنِح لأَطهارِ القُلوب من بين البشر، وليس ذلك من دون سبب إذ إنّ العيون التي تجعل مشاهدة الربّ ممكنة موجودة في القلب. وهي العيون التي ذكرها القدّيس بولس الرسول عندما قال: “ذاكِرًا إِيَّاكُم في صَلَواتي… لِكَي… يُنيرَ بَصائِرَ قُلوبِكم” (أفس 1: 18). أمّا في الزمن الحاضر، فإنّ هذه البصائر ينيرها الإيمان بسبب ضعفها، ولكن بسبب قوتّها، ستنيرها الرؤيا… “فنَحنُ اليومَ نَرى في مِرآةٍ رُؤَيةً مُلتَبِسة، وأَمَّا في ذلك اليَوم فتَكونُ رُؤيتُنا وَجْهًا لِوَجْه.” (1كور 13: 12)